محمد الحوراني من النقد الأكاديمي إلى كتابة القصيدة

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

عن دار “الآن ناشرون وموزعون”، صدرت مجموعة شعرية بعنوان “موتى بلا سقوف”، للكاتب والشاعر الأردني محمد الحوراني. تضمنت المجموعة العديد من القصائد نذكر من بينها “الظل” و“مرّ بي” و“اللغة البكر” و“حالة” و“الروح” و“مربعات ساخنة” و“العتمة” و“سنة” و“أسئلة” و“مضايا”.

ومن خلال هذه المجموعة استطاع محمد الحوراني أن يقدم نموذجا بين التخصص النقدي الأكاديمي والإبداع الشعري، واستطاع بفضل ملكاته الشعرية المطبوعة أن يتخلص من الناقد الذي يجثم على كتفي النص، فكان نصه يفيض بماء الشعر، معبرا عن شخصية الشاعر المختبئة خلف النص.

 

والمجموعة شاهدة على هذه الفلسفة التي يظهر الشاعر من خلالها طفلا يحمل ألوانه الزاهية ويرسم خطوطا تتقاطع في كل الاتجاهات لكنها في نهاية الأمر ترسم لوحة كبرى لها فلسفتها ونهجها الفني.

 

والعنوان يحظى بطغيان صيغة الجمع ومنها “موتى” و“سقوف” وتتوسطهما “لا” النافية التي تأتي بمعنى غير أو دون، ما يفضي إلى الاستنتاج بطغيان الهم الجماعي المرتبط بالجموع على الهم الشخصي إلا ما تقاطع معه، في الوقت الذي تبدو فيه كلمة موتى حاملة للمعنى المجازي للموت، فهم الموتى الأحياء الذين يومئ بهم الشاعر إلى الأمة العربية التي فقدت كبرياءها وقوتها.

 

وفي ما يتعلق ببنية السؤال المكرر لفت الناقد شبانة إلى أن الأنا الشاعرة تبدو في نصوص المجموعة لائذة بأوجاعها تعاني من الحيرة والتشتت، مشيرا إلى أن ذلك انعكس على مساحات النصوص الشعرية على هيئة بنى استفهامية انتشرت بطريقة كثيفة على أرضية النص. كما أن بنية التعريف والبحث عن الإجابة تجلت لدى الشاعر من خلال تعريفها طلبا لفهمها حيث تغدو المعرفة طريقا من طرق التخفيف من لحظة الالتباس.

 

أما ما يتعلق بالتناص والاختفاء خلف الآخر في نصوص المجموعة، فالشاعر يجد فيهما فرصته للبوح بمكنوناته على لسان الآخر مخففا من وقع الذاتية على القارئ ، ويبرز ذلك في قصيدة الشنفرى حيث يتخذ الشاعر من شخصية ذلك الشاعر الجاهلي قناعا يختفي خلفه ليعلن ثورة على قومه ما كان قادرا على إعلانها بنفسه.

 

وتبرز جماليات الاختزال التي تضمنت المجموعة حيث البنية القصيرة جدا والتي تختصر الكثير من القول وتختزل الرؤية الشعرية الممتدة من خلال إشارات بليغة. كما احتوت المجموعة على بنية نزارية نسبة إلي نزار قباني، حيث يجنح الشاعر إلى البساطة وعذوبة الصورة وتوظيف المفارقة والقرب من المباشرة واللهجة الخطابية. واستند الشاعر على مفهومي المعاندة والمطاوعة، حيث تتشكل كل التراكيب الجمالية والصور الفنية بين ثنائيات المعاندة والمطاوعة والرفض والقبول والخيال والوهم.

 

وفي ما يتعلق بالمطاوعة أو الصورة الفنية فإنها تشكل مطاوعة حسية وشعورية ومطاوعة سمعية وبصرية ومطاوعة زمنية ومطاوعة فوق حسية ومطاوعة كونية، لافتا إلى أنه بالمقابل تتجلى مظاهر المعاندة والصورة الفنية من خلال اتباع قوانين فيزيائية معاكسة.

المصدر: العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى