محمد حمدان بن جرش: شهر الصيام وقت مثالي للكتابة والقراءة

الجسرة الثقافية الالكترونية-الخليج-

يعاين محمد حمدان بن جرش شهر رمضان، من موقع منتج الثقافة والفن، لذلك فهو يتناوله من موقع تنظيري، كما هو شأن الباحث، بموازاة مع ما هو استذكاري، لتلتقي حميمية الذات مع رصانة التقويم الثقافي، يقول:

شهر رمضان الكريم، شهر الصيام والاجتهاد في الطاعات والقيام، شهر العطاء، نعم له روحانيات خاصة وهنا تكمن أهمية تهيئة النفس والعقل لاستقبال هذا الضيف الكريم من خلال تنظيم الوقت لإعطاء مساحة للإنتاج الأدبي والثقافي ويصعب على الكاتب المثقف أن يفارق الكتابة، فمهما حصل سيجد له سانحة لممارسة طقوس الإبداع ومواصلة إنتاجه الإبداعي، 

اعتبر ابن جرش أن شهر رمضان من أفضل الأوقات لإطلاق الطاقات الإبداعية، حيث يسود الهدوء والتأمل والعطاء وكسر جدار الروتين الذي نعيشه طوال العام، يشعر بالراحة والطمأنينة، فمن يعط هذا الضيف الكريم حقه ويبادله الحب بالعطاء يشعر بتدفق الحروف والكلمات على السطور، مع قراءة كتاب الله وتمعن معاني كلماته والعبر من سرد القصص القرآنية .

ويبين بن جرش أهمية تلاوة القرآن الكريم: إنه بناء قوي يحرك الخيال ويزيد رصيدنا من الإبداع في صياغة كلماتنا ويثري لغة الكاتب، لكل مبدع طقوسه التي يمارسها ليسيل الحبر على الورق، قد تكثف القنوات الفضائية هجومها في رمضان وتطلق كتائب من الأفلام والمسلسلات على مدار اليوم وتقييده لكي لا يفارق الشاشة ويسرقه الوقت من دون أن يشعر، لكن يبقى المبدع مرتبطاً بروحه وعقله مع الكتابة والقراءة ويبحث هنا وهناك عما يحرك خياله ويغذي ثقافته لينمو فكره ويصقل مهارته في زمن لا تكفي فيه الموهبة وحدها بل تحتاج لدرع من الثقافة .

لا يمكن فصل الإبداع عن الروحانيات، فجوهر الإبداع هو تجلي الروحانيات بشكل من الأشكال، والكاتب أو المبدع عموماً يتوغل في أعماق الحياة ليصل إلى الجوهر الذي هو روح الأشياء، والمبدعون الكبار هم من يستطيعون التوغل في الروح الإنسانية، والكشف عن مكنوناتها المتعددة، والتعبير عنها .

وحول علاقة المبدع بالروحانيات يقول: المبدع هو بطبيعته كائن روحاني، فالقيمة الأساسية للإبداع لا تقدر بأي مقابل مادي، ومن هنا تكمن أهمية الإبداع، وأهمية الأعمال الإبداعية التي تشكل جسراً للتواصل بين الأجيال المختلفة، أي بين أرواح مختلفة، أي أنها قادرة على الامتداد في روح الأزمنة .

وقال بن جرش: إن لشهر رمضان ذكريات تدندن أحداثها كلما اقترب شهر رمضان، فأتذكر عندما كنت طفلاً صغيراً، يصحبني والدي معه للمسجد، ولم أكن حينها أفقه الغرض من بعض الفرائض، وكان يمنحني الوقت لأتعلم ويرشدني إن أخطأت، وبعد صلاة العصر كان يطلب مني الذهاب معه للسوق لشراء الخضراوات والفواكه ولأعاونه في حمل الأكياس وترتيبها داخل السيارة، إضافة إلى مراجعتي لقائمة الطلبات التي أعدتها والدتي، ووضع علامة أمام كل غرض بعد شرائه .

في ما يخص الروح الجماعية في رمضان يقول: أجمل اللحظات عندما نحمل بأنفسنا أطباق الفطور ونوزعها على الجيران، وهم يفعلون ذلك بالمثل، أجواء تفوح منها روائح الألفة والمحبة والإنسانية وكأننا ننتمي للعائلة نفسها ونعيش في المنزل نفسه، ترابط قوي بين أفراد الحي، وبعد صلاة التراويح كنا نلعب كرة القدم في ملعب صغير، قمنا بتجهيزه بالتعاون مع أبناء الحي لكي نمارس اللعبة التي نحبها .

نعود بعد ذلك للمنزل وننام حتى موعد السحور، حيث تقوم والدتي بإعداد السحور وتوقظني أنا وإخوتي لتناول وجبة السحور بحضور والدي، ومع أذان الفجر نحضر أنفسنا للذهاب إلى المسجد لتأدية صلاة الفجر وقراءة القرآن ثم نعود للمنزل ونخلد للنوم .

وعن كتابته في شهررمضان يقول: “وفي شهر رمضان في العام الماضي كنت أكتب الأجزاء الأخيرة من كتابي “نوافذ” ليلاً وأعكف على قراءة بعض الكتب في الفكر والتنمية البشرية والأدب، لأنني أشعر بالاختناق إذا لم أمارس القراءة والكتابة، فمعهما أجد نفسي . ويتكرر المشهد في شهر رمضان الحالي: حيث إنني أخصص وقت ما بعد صلاة التراويح للكتابة والقراءة وأحاول الانتهاء من كتابي الثاني الذي بدأت فيه قبل شهر” . 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى