مسرحية “حصة” صرخة ضد الجهل والدجل

الجسرة الثقافية الالكترونية

*مصطفى عبد المنعم واشرف مصطفى

المصدر: الراية

 

تواصلت أمس على خشبة مسرح قطر الوطني فعاليّات المهرجان المسرحي للشباب في نسخته الخامسة وتمّ عرض مسرحية “حصة” لنادي الجسرة الثقافي والاجتماعي وهي من تأليف الكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي وإخراج علي الشرشني، وقد شهد العرض حضورًا جماهيريًا كبيرًا، وتحكي قصة العمل عن فتاة صغيرة اسمها حصة تعاني من مشاكل نفسيّة تجعلها تنطوي على نفسها ولا تندمج مع المجتمع فتعتقد أمها أن بنتها بها مس من الجان وتلجأ إلى الدجالين والمشعوذين الذين يبدأون في ابتزاز الأم والبنت ويقلبون حياتهم رأسًا على عقب، ومن ناحية أخرى يحاول أخو حصة أن يقنع والدته بعدم جدوى ما تقوم به وأنه ينبغي عليها ألا تصدّق هؤلاء الدجالين، ويخبرها بأن علاج أخته حصة يكمن في الاستماع اليها ومعرفة متطلباتها والاقتراب منها أكثر إلا أن والدته تتهمه دائمًا بأنه غير مُبالٍ بصحة أخته وأنه مشغول دائمًا بفتاة في الحي يعتزم الزواج منها ولكن الأم ترفض وبشدة؛ ما يدعوه إلى الهرب مع حبيبته وأمها خارج القرية بعد أن طالته الكثير من الشائعات.

 

ومسرحية حصة شارك فيها مجموعة من الفنانين الشباب بعضهم من ذوي الخبرة وبعضهم يُمثل لأوّل مرة وهي من بطولة: أحمد الباكر، حمدة صالح، لارا مرعي، محمد القحطاني، لينا الأنصاري، شيخة الكمالي، إبراهيم المسلماني، محمد المنصوري، ربا عساف، مساعد مخرج فاطمة العتبي، وتصميم إبراهيم لاري، موسيقى تصويرية محمد الحمادي، وسينوغرافيا علي الشرشني.

 

من الناحية الفنيّة جاء العرض مباشرًا متضمنًا بعض الصور الرمزيّة من خلال السينوغرافيا والأزياء، حيث وضحت تلك الرمزية في قطع الديكور وأزياء الممثلين حين حاول المخرج أن يقنع المتلقي أن هناك من يتحكم بمصائر البشر فصنع مستوى آخر متحركًا للتمثيل يحرّكه مجموعة من الممثلين يرتدون زيًا أشبه بملابس الدجالين ومن يعملون في السحر، وقد لجأ المخرج للإضاءة المتغيّرة ليصنع حالة أشبه بالطقوس التي تتواجد في الزار صاحبتها الموسيقى والطبول لتعطي ما هو أشبه بالأجواء التي يستخدمها المشعوذون، ومع ارتفاع صوت الطبول والدفوف، والحركات الهستيرية التي عبّرت عن عذابات البطل بعد وقوعه ضحيّة وفريسة للمشعوذين وهنا تجلت الرؤية التعبيريّة التي تضمنها العمل في أوج صورها.

 

حاول التمثيل الوصول بالمعنى عن طريق بعض الحركات الدائريّة على مستوى التمثيل المتحرّك، ليثبت أنهم تحت السيطرة وهناك من يتحكم في حركاتهم، في حين أنه كان من الأنسب أن يستغل كل جنبات خشبة المسرح ليعجّ بالحياة، إلا أن هناك بعض الأماكن على الخشبة لم تستغل نهائيًا؛ ما جعل البصر يتركز في اتجاهات بعينها فانعدم التوازن على الخشبة، ولقد حاول المخرج أن يقدّم المسرحية من خلال مستويين للحركة والتعبير مع إحداث التوافق بينهما فجعل الأحداث تدور في مستوى وجعل هناك مستوى تدور فيه أحداث أخرى، لكننا وجدنا الجميع يصعد ويهبط وكأنهم جميعهم عرضة لهذا المصير.

 

من جهته قال المخرج علي الشرشني: عالمنا مليء بالأفكار المتشابكة ونحن نسيج من هذه الأفكار التي تحلق بنا إلى عوالم كثيرة بلا انتهاء ولا حدود نفتقد أحيانًا إيماننا فنستسلم للوهم الذي يدمّرنا.. هذا ما كان يحكيه عرضنا الذي شاهدناه حيث حاولت مجموعة من الممثلين الصادقين أن يوصلوا رسالة مفادها ألا تنساقوا وراء عالم الدجل والشعوذة والخرافات، وحاولوا أن يقدّموا صورة صادقة لما يدور داخل هذا العالم وما يترتب عليه من آثار مدمّرة تؤدّي بالمجتمع إلى الانجراف إلى طرق مروّعة، حاولنا أن نظهر كذب واحتيال من يقومون بهذه الأعمال الشنيعة وافتعال المواقف التي تستخفّ بالعقل الذي يعتبر نعمة وهبة الله للبشر.

 

ومن جانبه قال بطل العرض الفنان أحمد الباكر: إنه سعيد بردود أفعال الجمهور ورضاهم عن العرض، وتمنّى أن تكون رسالتهم قد وصلت للجمهور، مشيدًا بالمهرجان وبمستوى العروض التي تمّ عرضها حتى الآن، كما تمنّى التوفيق لجميع العروض المشاركة في المهرجان المسرحي الشبابي الخامس، وتعتبر هذه المشاركة هي الخامسة له في مهرجان المسرح الشبابي، حيث يحرص كل عام على المشاركة لأن هذا المهرجان هام جدا بالنسبة له ويعني له الكثير بحسب تصريحات الباكر، كما أكد أنه يحب أن يقدّم أدوارًا مغايرة ومتعدّدة تزيد من رصيد خبراته التراكميّة في عالم المسرح، وأشاد الباكر بالعمل مع المخرج علي الشرشني كما أشاد بفريق العمل.

 

وقالت مؤلفة العمل الكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي في كلمة لها تمّت طباعتها على البروشور الدعائي للمسرحية: حصة هي المرأة.. هي الإنسان بل هي النافذة المفتوحة على يوم من أيام الله في كل زمان ومكان وحدث يستمرّ ما بقيت الحياة، هي قصة الإنسان بكل ما تحمل معاني الإنسانية من نبل وشرف وصدق جميعنا مسؤولون عن بعض أفكارنا في عالم يتغيّر مع لمح البصر ونتقبّل حلوه ومره.. إنها حكاية حصة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى