مسرحيو وفنانو الإسكندرية للدولة: دعونا نمض إلى الأمام

الجسرة الثقافية الالكترونية
محمد الحمامصي
ضمن فاعليات “مهرجان الشوارع الخلفية” هو مخصص بالأساس لوضع حلول واقعية لمسألة تقديم الفنون “مسرح، موسيقى، سينما، فنون تشكيلية” في الفضاءات العامة والسعي نحو تعدد مجالات استخداماتها كحل بديل لمشكلة المساحة الفنية التي تعد عائقًا حقيقيًا أمام العديد من الفرق الشابة الذين يرغبون في التعبير عن أنفسهم أمام الجماهير في المجالات السابق الإشارة إليها، كانت الجلسة الحوارية التي نظمها المهرجان وأقيمت بالمعهد الفرنسي وشارك فيها د. محمود أبودومة مدير الهرجان ومؤسسة تياترو الاسكندرية والمؤسسة الدولية للإبداع والتدريب وجافيريا ريزيفي كاباني من المعهد السويدي وسباسيتان لافراجيت مدير المعهد الفرنسي وأماني أبوزيد المديرة التنفيذية لتجمع تماسي للفنون الأدائية، ورائد عصفور مدير مهرجان الحكواتي بالأردن وعدد من الفنانين الفرنسيين ونقاد متخصصون في شئون المسرح وأصحاب المبادرات الفنية المسرحية والفنية الراقصة بالاسكندرية.
وقد أكد د. محمود أبو دومة مدير المهرجان على “إننا نسعى لإبتكار الفضاء البديل وهي القضية التي نود أن نطرحها للحوار كي نخرج بحلول عملية قابلة للتطبيق، فنحن لسنا هنا كي نتبادل الآراء النظرية، ولسنا هنا لتداول أفكار مثالية حول ما يجب أن يكون، ولسنا هنا لأننا نحترف الشكايات، أو كي نعلن بأسنا من الممارسات الرسمية من حواجز وأسوار وقيود، فلدى كل منا وعلى مر عقود من الزمن ما يمكن روايته – وهو يستحق أن يروى ذات يوم – لكن دعونا هذه المرة نتوقف عن تبادل الأسى والإحباط، دعونا نمض إلى الأمام، وأن ننظر إلى الوراء في غضب، فلدينا هنا في مدينة الإسكندرية العريقة العديد من المساحات والفضاءات التي يمكن توظيفها كأماكن بديلة في مجالات الموسيقى والمسرح والسينما والفنون التشكيلية.
كما رصدنا أمثلة عديدة لتلك الفضاءات البديلة التي يمكن أن تتعدد مجالات استخدامها ولديها القدرة على إنتاج الثقافة القادرة على مواجهة الأفكار المتطرفة وجذب المتفرجين من الشباب ومن كافة الأعمار لتدعيم الوعي الحقيقي بدلاً من الوعي الزائف مسترشدين بتجارب الآخرين في هذا المجال”.
وأضاف أبودومة: “نهدف من خلال هذا الملتقى أن نحتشد لوضع تصور ممكن لخريطة لتلك الفضاءات وغيرها، ومن ثم يمكننا أن نطالب الجهات المهيمنة على هذه الفضاءات وبشكل رسمي باستخداهما كمساحات فنية تقام فيها العروض الموسيقية والمسرحية والسينمائية والفنون التشكيلية، وعدم اقصاء الفنانين عن الفضاءات العامة، بل فتح كافة المساحات أمامهم وبما يضمن إطالة العمر الافتراضي للمنتج الفني والثقافي كبديل للمنتجات الهزيلة الطارئة التي نشاهدها اليوم، ونطالب تلك الجهات بإزالة القيود التي تسمح باحتجاز أحلام الفنانين والمتفرجين في منحنيات بائسة. إننا هنا لأننا نود أن نحول الفكرة إلى واقع حي وملموس”.
وأكد عدد من المشاركين في الجلسة الحوارية التي امتدت على مدار أربع ساعات ونصف الساعة على أن الدولة تقف حائط صد منيع ضد محاولات خروج العروض الفنية المسرحية والسينمائية والتشكيلية إلى الجمهور في الشارع المصري، حيث تلعب الهواجس الأمنية وفزاعة الإرهاب دورا أساسيا في تفكير الدولة وأجهزتها الأمنية، وجراء ذلك يدخل أصحاب المبادرات الفنية المستقلة الذين يسعون لفتح فضاءات ومساحات بديلة للعرض في الشارع المصري أمام عراقيل التصريحات الأمنية والرقابية وغيرها، ولربما يتم الحصول على كل ذلك ليفاجأ أصحاب العروض في اللحظة الأخيرة بتعنت الأجهزة الأمنية والشرطية.
وطالب البعض بعمل خارطة للمساحات والفضاءات في مدينة الإسكندرية مثل تلك الموجودة بالمتحف القومي وكارفور سيتي سنتر، ومتحف المجوهرات ومتحف الفنون الجميلة وكلية الهندسة ومجمع الكليات النظرية وحدائق الشلالات وحديقة أنطونيادس وغيرها، وخلق تكتل يجمع أصحاب المبادرات المستقلة لمخاطبة الجهات المعنية في الدولة وممارسة الضغط عليها لفتح تلك الأماكن أو تخصيص بعضها للوصول إلى الجمهور المستهدف.
ورأى البعض أنه خلال السنوات الخمس الماضية حصل نوع من الغضب الاجتماعي لدى قطاعات واسعة من الشعب المصري نتيجة أشياء كثيرة منها عدم القدرة على التعبير عن أنفسهم وعدم وجود رؤية أو استراتيجية ثقافية، ومع ذلك حصل نمو في عدد الفرق المسرحية والموسيقية والتشكيلية، لكن هذا النمو لم يتم احتضانه واستيعابه وظلت مؤسسات الدولة تتعامل معه بتعال وفكر عقيم وهواجس أمنية بغيضة، على الرغم من محاولات هذه الفرق وكلها شبابية التواصل مع الدولة لخلق فضاءات يتواصل من خلالها مع الجمهور، لكن للأسف “لا حياة لمن تنادي”.
وتساءل آخرون مما طرحوا تجاربهم وأفكاره بشأن مبادرة المساحات البديلة عن الأسباب وراء تعنت الدولة في السماح للفرق الفنية والمسرحية من العرض في الشارع والأماكن العامة والفضاءات القائمة بالفعل في العديد من الحدائق والميادين؟
لماذا تحتجز أحلام الناس وطموحات الشباب؟ لماذا يتم إقصاء قطاع المبادرات المستقلة من خارطة الثقافة المصرية على الرغم من أنه القطاع الأكثر حيوية وحضورا والقائم عليه شباب مستنير وواعٍ لما تواجهه البلاد. مؤكدين أن تقوم به المبادرات المستقلة مثل تياترو الإسكندرية وغيرها يواجه القوى الظلامية وأفكارها المسمومة ويصب في صالح مواجهة الدولة للإرهاب؟
إن ما تفعله الدولة في ظل الفشل الذي ترزح تحته مؤسساتها الثقافية يصب في صالح الأفكار والرؤى الظلامية التي تنفرد الآن بالشارع.
المصدر: ميدل ايست اون لاين