“مسيان الدوحة” .. استعراض لجمال قطر

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-

 

 

 

*أشرف مصطفى

 

 

يعتبر الكثيرون من مبدعي التصوير الضوئي أن المساء هو أفضل وقت لإنتاج أعمال إبداعية متميزة، وذلك لقدرته على تنويع الألوان وإضفاء حالة من الشاعرية على اللقطة، خاصة أن الكثير من الأماكن يتغير شكلها إلى حد كبير في الليل تبعاً للإضاءة التي تتعرض لها.

 

ومن المصورين الذين قرروا الخوض في هذا التوقيت للتصوير الفنان محمد الحاصل اليافعي الذي يستعد لطرح -حالياً- إصدار كتاب جديد بعنوان “مسيان الدوحة”، حيث قام بتجميع صور مختلفة من إبداعاته التي قام بإنتاجها منذ ما يقرب من 30 عاماً وحتى اليوم ويستعرض خلالها جمال الدوحة في المساء، وتتضمن تصوير الطبيعة والتصوير المعماري والرياضي والأسواق، والألعاب النارية، كما يستعد كذلك لطرح أعمال هذا الكتاب في معرض شخصي بعد إصداره، علماً بأن تخصيص كتاب ومعرض لهذه الفكرة يعد الأول من نوعه في قطر، التقت الراية مع الحاصل للتعرف منه كيف بدأ رحلته مع هذه الفكرة وكيف صاغها في أعماله.

 

 

 

شاعرية المساء

 

في البداية يوضح الحاصل أن المساء يحمل حالة خاصة يستمد منها أي مبدع شاعريته، ومن هنا تغني الكثير من الشعراء في المساء حين رأوا فيه شاعرية من نوع خاص، كما لجأ الكثيرون من الرسامين لتصوير الليل عبر لوحاتهم، وكذلك فإن التصوير الضوئي يقف منبهراً أمام جماليات المساء، مشيراً إلى أن الدوحة نهاراً تختلف عنها في الليل تماماً، فبعض المباني عندما تراها في الليل قد يختلط عليك الأمر وتظن أنها صورة لأماكن أخرى، ورغم صعوبة التصوير في هذا التوقيت والاحتياج إلى وقت طويل حتى يتم التقاط الصورة بوضوح وإضفاء لمسة شاعرية عليها إلا أن جمال الصورة والنتيجة التي تخرج بها تستحق بالفعل العناء، ويضيف: التصوير في المساء يُعلم الصبر، حيث يحتاج المصور الانتظار لساعات طويلة وأحيانا تتطلب ترقباً ليوم كامل، فضلاً عن أن حرصه على مواصلة مشوار إنتاج هذا العمل الإبداعي جاء من نابع إدراكه أن جمال الصورة يكون أكثر بكثير في المساء، كما أن المساء يتميز بتباين ألوانه وجمالها مع تداخلات الإضاءة.

 

 

 

انطلاقة المشروع

 

وعن “مسيان الدوحة” أوضح الحاصل أنه بدأ في تصوير هذه المجموعة منذ بداية الثمنينيات من القرن المنصرم، ولأن بعض الأماكن حدث بها اختلافات خلال كل تلك الفترة فذهب إلى تصويرها مرة أخرى لعقد مقارنات تبرز الاختلافات التي حدثت بها، ليمتد بذلك العمل إلى التوثيق غير مكتفي بالشكل الجمالي، فيقوم برصد المتغيرات التي مرت بها الدوحة خلال كل تلك الفترة، التي شهدت ظهور مباني جديدة، وأخرى في أماكن كانت فارغة من أشكال البناء، كما تستعرض بعض التجديدات التي حدثت لبعض المباني والأسواق، منوهاً أنه على الرغم من تكرار تيمة أعماله المصورة وهي “المساء” إلا أنه لا يوجد صورة تشبه الأخرى، حتى وإن تكرر تصوير ذات المكان.

 

 

 

عناصر جمالية

 

واعتبر الحاصل كتابه الجديد مرجعاً سياحياً عن دولة قطر يعد الأول من نوعه، بضمه لأهم المزارات والأماكن السياحية، والشعبية، متطرقاً لعدة موضوعات من ضمنها الخيول، والمباني، والأسواق، والرياضة، وحركة بشر، والألعاب النارية، وأضاف إنه قصد خلال إعداده للكتاب ألا يصاحب الصور أي جمل تعريفية أو تعليقات إيماناً بالمبدأ القائل “الصورة تغني عن ألف كلمة”، مؤكداً على اهتمامه بكل التفاصيل المحيطة بعد توزيع العناصر الجمالية بالصورة وقال إن لحظة الإبداع تبدأ لدى المصور من اختيار التوقيت المناسب لالتقاط الصورة بعد الاهتمام بإبراز كافة التفاصيل التي قد تغني كثيراً عن أي وصف لأن الصورة في تلك الحالة يمكن أن تحكي وتجيب عن كل ما يمكن أن يتساءل عنه المتلقي، وهو الأمر الذي يجعله المصور يستغرق في المشهد قبل التقاطه للصورة مع مراعاة أن يولي للعمل بعض البحث والتدقيق قبل تصويره، ما يجعله حريص على معاينة محل التصوير قبل الذهاب للتصوير بيوم، بحيث يذهب لالتقاط الصورة بعد أن يكون قد درس جميع تفاصيلها التي ستظهر فيها، وهو ما دفع الحاصل ألا يلتقط أكثر من صورتين على الأكثر خلال رحلة إنتاجه لـ “مسيان الدوحة”، منوهاً أن التقاط الصورة قد يجعله جالسا في مكانه ليراقب المشهد لمدة تقترب من 3 ساعات متتالية.

 

 

 

أماكن ساحرة

 

وأضح أن الكتاب يحتوي على 200 صفحة، علماً بأن أكثر الصفحات بها أكثر من صورة، وبذلك يصل مجموع اللقطات لما يقترب من 30 صورة، مقاس كل واحدة منها 32 سم عرض، و29 سم ارتفاع، وتحمل كل صورة عنوانا، مشيراً إلى أن يستعد خلال الأيام المقبلة لطباعة بروفة أولية للكتاب، ليبحث بعدها عن راعي يقوم بإنتاج هذا المشروع الهام ليسهم في الترويج السياحي للدوحة باستعراضه لمزاراتها الساحرة، والتي يصورها “مسيان الدوحة”.

 

 

 

أساس الفكرة

 

وختم حديثه معلقاً على اختياره لموضوعات أعماله فقال: إنه على الرغم من الدور الذي أصبحت تلعبه التكنولوجيا الحديثة في فن التصور الضوئي إلا أن الفكرة ستظل أهم أداة بالنسبة للمصور، فموضوع العمل وزاوية تناوله هو الأساس وكل ما يأتي بعد ذلك من تقنيات لا يتعدى كونه تكميلياً، يخدم الفكرة التي يشعر بها المصور ويريد أن يترجمها في عمل إبداعي للمتلقي. وأضاف إن الكاميرا في حد ذاتها أصبحت نمط حياة مقبولاً اجتماعياً ولعل انتشارها هو ما أسهم في زيادة عدد المصورين بشكل ملحوظ، مشيراً إلى ازدياد عدد المصورين بشكل كبير وتفوقهم في هذا المجال، وأكد أن فنون التصوير في قطر أحرزت تقدماً كبيراً، واستطاع المصورون القطريون أن ينافسوا على أبرز الجوائز العالمية، بفضل اجتهاداتهم المتواصلة لتحقيق ذلك، وبفضل الرعاية الكبيرة من الدولة لهذا الفن مؤسسات وأفراد، وبفضل الجهود المستمرة التي تبذلها الجمعية القطرية للتصوير الضوئي قيادة ومنتسبين، للارتقاء بالتصوير كإبداع وفن، في زمن تقدم فيه التصوير من جديد إعادة اعتبار لها كموثق للتاريخ وحامل للمعلومة والثقافة والجمال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى