مطالب بدعم مسرح الطفل مادياً وفنياً

الجسرة الثقافية الالكترونية

*مصطفى عبد المنعم

تواصل الراية فتح ملف أزمة مسرح الطفل، وتبرز من خلال الحلقة الثالثة والأخيرة من هذا الملف آراء عدد من الفنانين في كيفية إعادة هذا النوع من المسرح إلى سابق عهده، حيث رصدوا عدداً من أسباب تأخره في الوقت الحالي ومن أهمها استباحة البعض لهذا المجال بشكل غير أخلاقي للكسب على حساب الطفل وغياب عناصر الفرجة المتطورة التي تتماشى مع طبيعة العصر الحالي وطريقة تفكير الطفل، وأكدوا على أن مسرح الطفل يعتبر على قدر كبير من الأهمية ويجب أن تتولى أمره جهة مسؤولة وتقدّر دوره في تكوين ذائقة الطفل وثقافته وتعمل على وضع الأسس والضوابط وحصر ممارسته على من لا يقدّر هذا الدور المهم وأن تتم الاستعانة بأصحاب الخبرة والدراية في هذا المجال من فنانين وتربويين، ومزج المستحدثات الجديدة مع القيم النبيلة والسامية والتي تضمّنتها الأعمال القديمة، لأن إحدى مهام مسرح الطفل هي إيجاد صيغ تربوية سليمة تهدف إلى غرس القيم الجيدة والأخلاق النبيلة بالإضافة إلى التسلية والمتعة.

 

“توليفة مسرح الطفل”

 

الفنان سالم المنصوري طالب بأن يكون هناك اهتمام أكبر بمسرح الطفل، مؤكداً على أن الأزمة أحد أسبابها الأساسية هي قلة دور العرض، حيث لا يستطيع الراغبون في إنتاج عروض للأطفال الحصول على خشبة مسرح في المواسم والأعياد، كما أن المتاح دائماً يكون غير مجهّز، في الوقت الذي يحتاج فيه هذا النوع من المسرح إلى إمكانيات عالية، وقال: كنت حريصاً سابقاً على إنتاج ما يقرب من عملين في العام لمسرح الطفل أحدهما في عيد الفطر والآخر في عيد الأضحى، وذلك وقت وجود مسرح التربية المسرحية وقبل إزالته، لكن الآن الأماكن المتوفرة غير مهيئة لتقديم عروض مسرحية للأطفال، وأكد المنصوري أن مسرح الطفل يُعاني أيضاً من أزمة النصوص المحلية شأنه في ذلك شأن المسرح عموماً، كما يحتاج لمتطلبات معيّنة للوصول إلى الهدف منه، مشيراً إلى أن الفرق المحلية لها تجارب في تقديم أعمال جيدة لكنها لم ترتق للجماهيرية لأنها لم تعتمد في ذلك على نجوم لامعة، وهو ما تعتمد عليه الفرق الوافدة التي تأتي في الغالب إلى الدوحة لتقديم مسرحيات للأطفال خلال المواسم، ولكنها تهدف فقط للربح المادي ولا تقدّم ما هو مفيد لأطفالنا. لذلك رأى المنصوري أنه من الضروري أن تتحقق التوليفة الكاملة التي تعتمد على نصوص ذات قيمة وتقدّم ما هو جديد وتعتمد على عنصر الإبهار الذي يحتاجه طفل اليوم بالإضافة إلى الاعتماد على أبطال من ذوي الجماهيرية لدى الأطفال. وأضاف قائلاً: قطر أصبحت بلداً سياحية باقتدار بفضل معالمها التي باتت تميّزها، والطفل أصبح لديه اختيارات للتنزه وعلينا أن نقدّم له مغريات ليذهب إلى المسرح، وبالتالي فإن دعم السياحة يجب أن يشتمل على دعم المسرح من جانب الدولة لأنه أحد مظاهرها، خاصة أن الأمر يحتاج إلى إمكانيات مادية في ظل زيادة الأسعار واحتياجنا لتقديم الإبهار في مسرح الطفل، كما تحدّث المنصوري على أهمية عودة التربية المسرحية مؤكداً أنها الرافد الحقيقي الذي يمنح الساحة المسرحية وجوه المستقبل.

 

 

 

“مبادرات شخصية”

 

الفنان فهد الباكر أكد أن غياب التربية المسرحية أحد أهم أسباب تأخر مسرح الطفل ونوه إلى أهمية المبادرات الشخصية من قبل الفنانين لخدمة الحركة المسرحية الموجهة للأطفال، لافتاً إلى أن ذلك هو ما يحرص على القيام به في الوقت الحالي حيث يشارك بتقديم عمل مسرحي في إحدى المدارس المستقلة من نابع إدراكه لأهمية المسرح المدرسي الذي يُعد أحد أهم روافد الحركة المسرحية والمفرغ الحقيقي لطاقات الأطفال الإبداعية، وأشار إلى أن العديد من أصحاب التراخيص بالمدارس والقائمين على العملية التعليمية بها باتوا يُدركون أهمية النشاط المسرحي في التعليم، كما أن الخطط الحديثة باتت قائمة على توصيل الأفكار من خلال التقنيات الجديدة والحركة واللعب، لذلك أولت له العديد من المدارس اهتماماً غير رسمي، وتمنى الباكر أن تعود التربية المسرحية من جديد للعمل في المدارس تحت رعاية المجلس الأعلى للتعليم. وأضاف: علينا كفنانين استثمار الوسائل الحديثة وتوجهات المدارس والطلاب لدعم الحركة المسرحية المقدّمة لأطفال المدارس حتى يأتي القرار الحقيقي لفتح باب المسرح المدرسي من جديد خاصة أننا نملك مواهب حقيقية من أطفال المدارس يحتاجون إلى الاهتمام بهم على الجانب الإبداعي مثلما يتم الاهتمام بهم على الجانب الرياضي. وأكد الباكر على ضرورة توفير الدعم المادي لمسرح الطفل، مؤكداً أنه يجب العمل على إقامة جهة ذات إمكانيات مادية ضخمة لتولي هذا النوع من المسرح وإقامة خشبة خاصة لتقديم العروض عليه على مدار العام خاصة أن مسرح الطفل مكلف للغاية بصفته يحتاج إلى مصداقية، في وقت يتعامل فيه الطفل مع أدق الأجهزة التكنولوجية، كما أن المؤلفين باتوا يخافون من كتابة نصوص يصعب تنفيذها للطفل لضعف الإمكانيات، وقال: طفل اليوم مختلف عن طفل كليلة ودمنة، فهو محتاج للتعبير عن واقعه ومخاطبته بلغته وما يتوافق مع طريقة تفكيره.

 

 

“وعي الطفل”

 

الفنانة إيمان ذياب أكدت أن الأزمة تخص العالم العربي بشكل عام، ويجب الانتباه إلى أن مسرح الطفل من أهم مهامه تشكيل الوعي لدى الطفل لافتة إلى قلة النصوص وعدم توفر مختصين في كتابة هذا النوع من المسرح خاصة في ظل التطور الكبير الذي يمر به طفل اليوم، قائلة: مسرح الطفل بات اليوم أصعب من مسرح الكبار بعد أن تغيّر عقل الطفل الذي أصبح متفوقا على مرحلته العمرية التي يمر بها، فطفل اليوم الذي يجلس على الكمبيوتر والإنترنت أصبح له متطلبات مختلفة في العمل الفني الذي يتلقاه تعتمد على الصدق الفني واحترام عقله، ولكي يتم تحقيق مسرح للطفل قادر على جذبه إليه والتعامل مع التغيرات التي طرأت في عالم اليوم يجب العمل على مزج المستحدثات الجديدة مع القيم النبيلة والسامية والتي تضمّنتها الأعمال القديمة، وهو الأمر الذي نفتقده، لذلك فإنه من المهم إدراك أهمية القيم التعليمية في مسرح الطفل من خلال تعليمه العديد من الأشياء التي قد لا يفلح فيها التلقين المباشر، فمن مهام مسرح الطفل هي إيجاد صيغ تربوية سليمة تهدف إلى غرس القيم الجيدة والأخلاق النبيلة بإضافة التسلية والمتعة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى