مطلوب خطة إستراتيجية للنهوض بالصناعة السينمائية

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

هيثم الأشقر#

أكد عدد من الفنانين السينمائيين أن صناعة السينما في قطر تحتاج إلى دعم من الدولة والمؤسسات السينمائية وشركات إنتاج القطاع الخاص، مشيرين إلى أنه من الضروري أن يكون هناك خطة إستراتيجية طويلة المدى لدخول مجال صناعة الأفلام، لكي نثبت وجودنا عربيًا وإقليميًا ونخوض المعركة السينمائية.

ودعا البعض مؤسسة الدوحة للأفلام، ووزارة الثقافة إلى دعم الحركة الفنية وصناعة الأفلام، مشيرين إلى أنه هنالك محاولات عديدة ومستمرة من الشباب لصناعة سينما قطرية، لكنها لاتزال مجرد إرهاصات سينمائية، ولن ترقى للمستوى المطلوب بدون وجود منظومة متكاملة لدعم هذه الصناعة، مؤكدين أن الساحة الفنية اليوم تحظى بإقبال متنامٍ مع ازدياد عدد المواهب الشابة التي تتطلع للعمل في هذا المجال، والذين يحتاجون للحصول على دعم ملموس على صعيدي التمويل وتقديم الاستشارات من أجل تطوير أفلامهم، الأمر الذي يسهم تدريجياً في إيصال تلك التجارب السينمائية الطموحة إلى الجمهور العالمي.

 

وأشاروا إلى أن هناك العديد من الصعوبات التي تقف عائقًا أمام انطلاق حركة سينمائية في قطر، لكن أكثرها حساسية وإلحاحًا هو الدعم المادي، ومن بعد ذلك تأتي مشكلة غياب صناع السيناريو، وغياب الأفكار الخلاقة التي تصلح لإنتاج فيلم روائي طويل، مؤكدين أن الذي يحتاجه أي سينمائي هو الدعم المادي الذي به يمكن شراء الخبرات والأجهزة والمعدات التي تحقق العمل الناجح، فالسينما تعني المال والإنتاج الجيد يعني أن هناك جدوى اقتصادية من جراء إنجاز أي فيلم سينمائي، ولا يمكن القيام بنهضة سينمائية ما لم تمد الدولة لها يد العون.

وطالبوا بضرورة الاهتمام بالفنان المحلي، لافتين إلى أن الكثير من الفنانين مهملون لأسباب مختلفة، فعلى سبيل المثال في عام 2010أنتجت قطر فيلمًا روائيًا طويلًا وهو “عقارب الساعة”، ولكن للأسف لم يأخذ حقه إعلاميًا وجماهيريًا.

 

التمويل والتثقيف

في البداية يقول الفنان علي حسن إن غياب صناعة السينما ليس مقتصرًا على قطر فقط، بل إن جميع دول الخليج تعاني من غياب مقومات صناعة الأفلام، واصفًا تجارب الشباب الموجود على الساحة من أفلام روائية قصيرة بالحركة السينمائية، ولكنها لا ترتقي لمستوى صناعة الأفلام، لافتًا إلى أنه يجب على الدولة تحفيز نمو القطاع السينمائي من خلال تشجيع عمليتي التمويل والتثقيف السينمائي والارتقاء بمستوى تقييم الأفلام، مضيفًا أن الدعم المادي سيمكن صناع الأفلام الجدد من بناء قدراتهم وكفاءاتهم وصولاً في نهاية المطاف إلى صناعة الأفلام الطويلة.

وأشار علي حسن إلى مشاركته في فيلم “الشراع الحزين” عام 1974، واصفًا إياه بأنه كان البداية الحقيقية لتأسيس صناع للسينما، لكن هذا الفيلم لم يجد الاهتمام الكافي من الجهات المسؤولة وقتها، مشيرًا إلى أن ذلك الوقت كان يزخر بالعديد من المخرجين السينمائين، وكان الأمل كبيرًا في تأسيس صناعة للسينما لكن غياب الدعم المادي قضى على تلك الآمال والطموحات.

وأضاف قائلاً: مؤسسة الدوحة للأفلام يقع عليها دور كبير في دعم صناعة السينما، مؤكدًا أن خطواتها بطيئة، واستراتيجيتها غير واضحة، فتشجيع الشباب ودعمهم شيء جيد، لكن لا يجب أن يكون هذا على حساب الفنانين الكبار الموجودين بالساحة، مؤكدًا أن هذا التهميش والتجاهل ليس وليد اليوم، بل منذ أيام مهرجان “الدوحة ترايبيكا السينمائي.

وتابع: “حضرت افتتاح مهرجان “أجيال السينمائي” وكنت أتمنى أن أفتخر بهذا الحدث، بمشاهدة فيلم قطري في ليلة الافتتاح”، مشيرًا إلى أنه لو كان هناك اهتمام بإنتاج فيلم روائي طويل سنويًا يعرض في افتتاحية المهرجان، لكن لدينا الآن رصيد لا بأس من الأفلام.

 

كتاب السيناريو

من جانبه قال الفنان عبدالله غيفان: صناعة السينما في قطر كانت بعيدة عن أعين المسؤولين والجهات السينمائية المسؤولة سابقًا، لكن هناك مؤشرات توحي بوجود إستراتيجية للنهوض بصناعة الأفلام، والتي أعلنت عنها مؤخرًا مؤسسة الدوحة للأفلام بإطلاق برنامج “صندوق الفيلم القطري”، ” لدعم المواهب المحلية العاملة في قطاع السينما، مؤكدًا أن هذه المبادرة تشكل خطوة إيجابية كبيرة على طريق صناعة السينما، وستمكن العاملين بهذا المجال من تأسيس صناعة حقيقية للسينما، ومن ثم تقديم أفلام روائية طويلة وإنشاء سوق كبير للسينما القطرية.

وشدد غيفان على ضرورة التعاون ما بين مؤسسة الدوحة للأفلام، ووزارة الثقافة لدعم صناعة الأفلام، مشيرًا إلى أن تجارب الشباب السينمائية جيدة وتستحق كل الاحترام والتقدير، ولكن إلى متى ستظل تلك التجارب مقتصرة على الأفلام القصيرة، مؤكدًا على ضرورة وجود دعم ملموس على صعيدي التمويل وتقديم الاستشارات من أجل تطوير أفلامهم، الأمر الذي يسهم تدريجياً في إيصال تلك التجارب السينمائية الطموحة لتكون فيلمًا روائيًا طويلًا.

كما طالب بضرورة الاهتمام بخلق قاعدة من كتاب السيناريو، لافتًا إلى أن الكتابة السينمائية لها خصوصية وعمق فني وتختلف عن كتابة مسلسلات الدراما، ولذلك نحن نحتاج لتنظيم العديد من الورش والدورات التدريبية التي تهتم بكتابة النص السينمائي.

 

دعم لوجستي

بدوره أكد الفنان عبدالله أحمد حرصه على متابعة أفلام الشباب،لافتًا إلى أنه شاهد حوالي 25 فيلمًا قصيرًا، مؤكدًا أن هذه التجارب تبشر بجيل من الشباب الموهوب الذي يمتلك الجرأة على دخول هذا المجال، التي مع الوقت ستمكنهم من إتقان اللعبة السينمائية، وستكسبهم ثقة أكبر لكسر حاجة أفلام الـ 15 دقيقة، والاتجاه لإنتاج أفلام روائية طويلة، موضحًا أن تلك الإرهاصات السينمائية تؤسس جيلًا جديدًا قادرًا على إحداث نهضة سينمائية شاملة.

وأشار عبدالله أحمد أن هناك كلمة صناعة سينما بمعناها الحقيقي متشعبة ومخيفة، فنحن لا نتحدث عن كاميرا ومخرج وممثلين فقط، بل يجب أن يكون هناك مقومات لتأسيس صناعة متكاملة من استوديوهات تصوير، ومعامل لتحميض الأفلام، وتوافر عدد كبير من كتاب السيناريو، والنقاد السينمائيين، والمشتغلين بالسينما من مديري تصوير وفنيي مونتاج وإضاءة، وأمور أخرى كثيرة يجب أن تكون هي المقومات الأساسية التي تستطيع أن تستوعب معنى كلمة صناعة، فالأمر ليس بهذه البساطة ويحتاج إلى دعم مادي ولوجستي ضخم.

واستبعد عبدالله أحمد أن يكون هناك دور لشركات الإنتاج الخاصة في دعم صناعة السينما، مؤكدًا أن تكلفة إنتاج الفيلم كبيرة والعائد لن يكون مجديًا، مضيفًا أن السينما في بدايتها تحتاج لدعم مؤسسي وحكومي.
………..

الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى