معرض «مزيكا» في القاهرة: ثيمة واحدة لمدارس فنية متباينة

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات -يُقام حالياً بغاليري (دوم) للفنون بوسط مدينة القاهرة معرض يضم أعمال العديد من الفنانين، الذين يمثلون مدارس فنية مختلفة، بداية من الكلاسيكية وحتى المدارس الأكثر حداثة.
جاء المعرض تحت مُسمى وثيمة واحدة هي «مزيكا» لتستعرض اللوحات كل ما ينتمي للموسيقى، فالأمر أشبه بحالة موسيقية من حيث الآلات سواء الكلاسيكية أو الحديثة، إضافة إلى المشاهير من المطربين كأم كلثوم وسيد درويش، وصولاً إلى الأنواع المختلفة من الموسيقى وما يُصاحبها من مظاهر كالفرح الشعبي بموسيقاه، وموسيقى المزامير الشهيرة بجنوب مصر، كما لم يخل المعرض من استعراض الآلات الموسيقية الغربية كالغيتار وآلات العزف النحاسية.

عدة أجيال

يمثل المعرض استعراض أعمال أجيال عدة من الفنانين التشكيليين المصريين، ورؤيتهم للثيمة الموسيقية، فبينما يُشارك فنانون لهم باع طويل في معالجة فن اللوحة أمثال (جورج البهجوري) و(عصمت داوستاشي) وآخرين، تبدو أعمال الجيل الجديد من الفنانين تجاور أعمال هؤلاء، وهو أمر يدعو للاحتفاء بفكرة المعرض وأسلوب عرض اللوحات، الذي يسمح للمُشاهد بأن يتجوّل ويقف أمام العمل الفني ــ حسب اختلاف مساحته ــ ثم يرى اسم صاحب العمل في مستطيل ورقي صغير، ليصبح العمل هو صاحبه، دون أن تبني رأيك بعد معرفة اسم الفنان، مما له تأثير أكثر حرية في فن التلقي، كما تأتي برواية دون معرفة اسم مؤلفها إلا عند نهايتها، حتى تكون النظرة إليها موضوعية إلى حدٍ ما.

مدارس فنية متباينة

ونظراً لتفاوت الأجيال والخبرات الحياتية والفنية، فالمعرض يعبّر عن مدارس فنية شديدة الاختلاف لم يجمعها سوى الإيقاع والإحساس بالموسيقى، فمن البورتريه الكلاسيكي لآله مفردة مثل العود، تأتي لوحة تمثل راقصة في خطوط أكثر حداثه، سواء لجسدها أو حركتها. وما بين الفن الشعبي الذي يتناول مظاهر الفرح الشعبي في مصر من حيث الرواد والعازفون والراقصة البدينة التي تُحيي مثل هذه الأفراح كما في شمال مصر، نجد عازف المزمار البلدي ورفاقه، وهو ثيمة أساسية في موسيقى الجنوب المصري. وإن كان ما سبق من الممكن إدراجه تحت مُسمى الفن التعبيري، نجد لوحة تجريدية ثمثل مايسترو يقود الأوركسترا، بحيث تقترب المسافة كثيراً بين الأوركسترا والجمهور، وهو بينهما وكأنه خلق حالة من التناغم بين الفريقين. إضافة إلى تصوير المُنشد الصوفي والدائرة الشهيرة ــ رمز الصوفية ـ التي تجمعه بعازف آخر وراقص تنورة، وكأنهم انفصلوا تماماً عما يحيطهم من خلال الإيقاع الذي وحد العزف والرقص. ليأتي الكولاج ليُعبّر عن عدة عازفين يشدون موسيقاهم من آلاتهم، وهي أشبه بلوحة بيكاسو (العازفون الثلاثة).

الألوان

رغم التباين اللوني للأعمال، إلا أن الألوان الحارة هي التي تسيطر على اللوحات، ربما لخلق إيقاع حسي بما تفعله الموسيقى في الروح، بجانب التوازن اللوني ببعض الأزرق والأخضر والأصفر لخلق مساحات متباينة من درجات السرعة والبُطء، كما في درجات العزف الموسيقي، كمعادل للإيقاع الموسيقي داخل اللوحة ــ الإيقاع اللوني هنا هو الذي يخلق هذه المساحات ويؤكد عليها ــ سواء ما يحتله الجسد البشري في اللوحة، أو حركة هذا الجسد، وخلفية اللوحة، وتكوينها عموماً ككادر سينمائي، يعبّر عن الحركة أكثر من الصمت.

القيمة الفنية

حاول فنان الكاريكاتور والمسؤول الإداري للمعرض «سمير عبد الغني» أن يوضح الفكرة أكثر عند السؤال عن معيار اختيار اللوحات المعروضة، فأشار إلى أن (القيمة الفنية) للعمل هي المعيار الوحيد عند الاختيار، بغض النظر عن التاريخ الفني للفنان المُشارك، فهناك مَن كانت مُشاركته هي الأولى، خاصة وأن أعماله تقام بجوار المشاهير من الفنانين. فلا تهم الأسماء مهما كانت كبيرة، مُقارنة بالعمل الفني، وهو ما يتيح الفرصة لأي فنان أن يجد صوته بين كل هذه الأصوات، طالما يمتلك الموهبة، ويستطيع التعبير عنها، والأمر أولاً وأخيراً متروك للمُتلقي، فهو الحَكم وهو الناقد الأول للعمل، بغض النظر عن النقد الاحترافي من قِبل المتخصصين، وهو ما يجعل الفن قريباً ومُتفاعلاً مع المتلقي العادي، بخلاف رواد المعارض المعروفين والمهتمين بالفن التشكيلي بوجه عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى