مكانة بارزة للثقافة في خيارات قطر الاستراتيجية ورؤيتها الوطنية

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

شارك سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث في الدورة /37/ لمهرجان أصيلة الثقافي الدولي بالمملكة المغربية،والتي تقام تحت رعاية العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس.

 

وقد ألقى سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري كلمة في الجلسة الافتتاحية لندوة ” قدما إلى الماضي .. نحو حرب باردة عالمية جديدة” التي تقام مصاحبة لموسم أصيلة الثقافي أكد خلالها على أن الثقافة والتعليم هما أدوات التقريب بين الشعوب، والتحلي بمكارم الأخلاق وبالقيم والمثل العليا لرقي الفرد والجماعة،مؤكداً أن دولة قطر لم تبخل على أبنائها بالعلم والتربية ليكونوا في مستوى العصر ومعارفه المتنامية.

 

وأشاد سعادة الوزير بالدور الاستثنائي الذي تقوم به مؤسسة قطر في هذا الصدد ، قائلاً : أشيد بصورة خاصة بجهود مؤسسة قطر وبرنامجها التعليمي الذي انعكس على البشرية ككل في برنامج “التعليم فوق الجميع.. علم طفلاً” والذي يتيح فرصة التعليم لحوالي عشرة ملايين طفل في العالم، ويسرنا أن تكون اليونسكو مستفيدة من هذا البرنامج.

 

وتطرق سعادته في الندوة التي حضرها نخبة من القيادات السياسية والباحثين والمفكرين والإعلاميين من مختلف دول العالم إلى مكانة الثقافة في قطر كخيار استراتيجي جنباً إلى جنب مع الخيارات الأخرى في مجالات التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي،حيث قال : “إننا في دولة قطر نؤكد على أهمية الثقافة ودورها في التنمية ومن هذا المنطلق فقد احتلت الثقافة موقعاً هاماً في رؤية قطر الوطنية 2030م وفي استراتيجية التنمية 2011 ــ 2016م”.

 

“أزمة ثقافية”

وأضاف أن الأزمة التي يشهدها عالمنا هي أزمة ثقافية قبل أن تكون سياسية.. وإعادة الثقافة لاعتبارها في العلاقات الدولية يمثل الطريق الأمثل لمعالجة هذه الأزمة وهذا يتفق مع رؤية اليونسكو .. وإن الاحترام المتبادل بين الثقافات وإتاحة الفرصة لتعزيز القيم المشتركة المتمثلة في الحق والعدل والجمال والمحبة تشكل أيضاً منطلقاً أساسياً لتحقيق السلام والتنمية المستدامة والاستقرار.. والثقافة بقدر ما هي مرتبطة بالماضي من خلال الأصالة فإن الثقافة الحية لا تتصف بالجمود بل بالتفاعل والتطور والتحديث فهي الماضي وهي الحاضر وهي المستقبل.

 

وتحدث سعادة وزير الثقافة عن حقيقة ماثلة أمام المجتمع الدول وهي تعدد الثقافات،فقال : إن تعدد الثقافات وثراءها وتنوعها من الحقائق التي لا تحتاج إلى دليل، إذ هي تكاد تلمس لمساً، رغم أن إبرازها وتثمينها ودعم الاحترام المتبادل بينها ليس محققاً كما يجب أن يكون، والأعسر من هذا وذاك هو تنمية الشعور الإنساني العميق بالانتماء إلى المشترك الإنساني في تعدده وتنوعه. وفي ذلك كما هو مبين في برنامج اليونسكو المسمى “العقد الدولي لثقافة السلام والّلاعنف من أجل أطفال العالم” يكمن الرهان الأكبر ولعل أهم المداخل إلى ذلك هو الحوار بين الثقافات والحضارات وما يقتضيه من شروط وممهدات أو أدوات والحوار لم يتوقف ولكننا في حاجة إلى تحويل نتائجه إلى واقع ملموس.

 

 

 

“تواصل الثقافات”

وأضاف إن التواصل المكثف بين الثقافات بقدر ما فتح آفاقاً واسعة فإنه ترك الثقافات المختلفة غير المسنودة بالتطور العلمي والتكنولوجي والاقتصادي في العراء، لقد أضحت أكثر هشاشة لذلك بدت العولمة مهددة للثقافات (الصغيرة) ومن ثم للهويات الثقافية التي عجزت عن التطور الذاتي بوصل ماضيها وما فيه من موارد ثرية بحاضر إبداعي يستلهم ما شهدته البشرية من تطور علمي وتكنولوجي. وبدت هذه الثقافات مهددة بالانقراض فهي لم تجد العناية الكافية ولا التمويل اللازم لإبرازها وتثمينها.

 

ولما كانت الشعوب إذا ما أحست بالخطر فإنها تعض بالنواجذ على مكونات هويتها. ومن ثم فإن هذا الواقع الأليم لن يوقف التيار الجارف لكل إيجابياته، نقصد تيار الربط بين الثقافات ومد جسور التواصل بينها، الأمر الذي يتطلب إدارة لهذا التنوع في اتجاه البحث عن السبل الكفيلة ببناء مستقبل مشترك بينها يحمي كل مكون منها ويدرجه في ديناميكية تنموية مستدامة.

 

” الديبلوماسية الثقافية”

وعن الديبلوماسية الثقافية، أكد سعادة الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث على أن الإرث الحقوقي المشترك والمتمثل في منظومة حقوق الإنسان بطابعها الكوني هو المهاد الأخلاقي والقانوني الذي يمكن أن تبنى عليه الدبلوماسية الثقافية لتمتين الموقف الكوني،ولسنا نتصور إلى حد الآن مرجعية أقوى من ذلك ولا لغة في الحوار بين الدول والثقافات غير لغة حقوق الإنسان وبهذا تكون الدبلوماسية الثقافية أداة كذلك وإن بطريقة غير مباشرة لتعزيز حقوق الإنسان والإسهام في تحقيق السلم وتنمية الرصيد الإنساني المشترك.

 

كما تطرق سعادته إلى أهمية التعليم منذ القدم حيث قال في هذا الإطار : “إذا كنا نعول على الثقافة في التقريب بين الشعوب، فإن التعليم في معناه الواسع ملازم لوجود المجتمعات البشرية منذ القدم فالتعليم أساساً هو تربية للنفس البشرية حتى تتشبع بمكارم الأخلاق وتعمر بالقيم والمثل العليا، وهو أداة من أدوات الرقي للفرد والجماعة يمكن الكائن الإنساني ويغير ما بنفسه حتى تنفتح أمامه أبواب الحرية، ويرسم للجماعات نماذج جديدة للعيش معاً وفق مبادئ التعاون والتضامن والسلم حتى تصوغ لنفسها مصيراً مشتركاً جديداً”.

 

“تحول اجتماعي”

وأكد على اهتمام دولة قطر بتوفير تعليم نوعي لأبنائها من خلال مؤسسة قطر ، وقال : ” إنه لمن دواعي فخري واعتزازي أن أشير هنا أن بلدي قطر لم يبخل على أبنائه بالعلم والتربية ليكونوا في مستوى العصر ومعارفه المتنامية بشكل مؤهل وفي اتصال وثيق بقاعدة التقنية التكنولوجية التي ما انفكت تتسع وفي علاقة بمفاهيمه الفكرية والاجتماعية والإنسانية التي تمثل التوجيهات الكونية الكبرى، وها نحن نشهد التحول الاجتماعي في قطر يؤتي أكله كل يوم ضمن مسار عقلاني وتخطيط واضح المعالم.

 

وأعرب سعادة الوزير عن تقديره لمنظمة اليونسكو لتأكيدها على دور الثقافة في التنمية المستدامة، مثمناً الدور الذي تلعبه اليونسكو والجهود المقدمة من مبادرات تحترم تنوع الثقافات والتسامح والحوار والتعاون في جو من الثقة والتفاهم التي هي خير ضمان لتحقيق السلام والأمن الدوليين.

 

وحرص سعادته على بيان مكانة الثقافة في خيارات قطر الاستراتيجية ورؤيتها الوطنية حيث أكد على أن قطر تؤكد على أهمية الثقافة ودورها في التنمية.

 

“تفاعل ثقافي”

وأضاف قائلاً: لقد حرصنا على تفاعل ثقافتنا مع الثقافات الأخرى من خلال السنوات الثقافية مع الدول كاليابان والمملكة المتحدة والبرازيل وتركيا في السنوات الماضية، والصين وألمانيا في السنتين القادمتين وهكذا.

 

وأضاف سعادته : ومن هذا المنطلق فقد احتلت الثقافة موقعاً هاماً في رؤية قطر الوطنية 2030م، وفي استراتيجية التنمية 2011 ــ 2016م، لقد أصبحت الثقافة في دولة قطر خياراً استراتيجياً إلى جانب الخيارات الأخرى في مجال التحديث السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعمل على بناء دولة عصرية تحتل مكانها اللائق بها بين سائر الدول المتقدمة في عالمنا المعاصر.

 

المصدر: الراية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى