مكان خلف الاشجار)عمق الفكرة وجاذبية الطرح

 

 الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات – غالبا ما تكون السينما في أروع حالاتها عندما تقدم شخصيات وقصصاً تتأرجح على حافة الحضارة والأخلاق وتبعث على المتعة والإثارة عندما تعتمد على اسس رصينة وتحدث توافقاً بين سينما السرد التقليدية وتتحدى توقعات المشاهدين  لنوعية الفيلم. فيلم (مكان خلف اشجار الصنوبر- the place beyond the pines) يستمد عنوانه من ترجمة انكليزية غير دقيقة لسكان أميركا الأصليين لكلمة (سكينيكتدي) التي تعني اسماً لاحدى مدن ولاية نيويورك الجديدة والعنوان أيضا يثير شعوراً لمساحة خيالية خارجة عن المألوف بطريقة لا تختلف عن الغابة الغامضة في المسلسل التلفزيوني (الذروة المزدوجة).
 في حين أن (مكان خلف اشجار الصنوبر) لم يحقق نجاحا كنظيره المسلسل فلا يزال يمتلك اختباراً مصيرياً غامضاً من خلال الشخصيات التي تعكس مدى ترابط بعضها البعض سيما وان جميع احداث الفيلم غير متوقعة.
اثبات المهارة
ان تجارب المخرج والكاتب ديريك سيانفرانس السابقة أثبتت مهارته في التعامل مع الروايات لربط فترات زمنية مختلفة  اما فيلمه الجديد فانه أكثر طموحا بالرغم من انه لم يحقق النجاح مثل اعماله السينمائية السابقة. ومع ذلك فإنه محاولة جديرة بالثناء كما ان قصة الفيلم اكدت على موضوعيته. امتازت افلام ‬المخرج ديريك سيانفرانس بعمق المضمون وإبهار الصورة حيث إنه يقوم بنفسه بتصوير أفلامه وكتابة السيناريو الخاص بها.
قصة الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول سائق دراجات بخارية يعمل كدوبلير في السينما فيبدأ في سرقات للبنوك في محاولة منه لتوفير حياة مناسبة لحبيبته السابقة التي يكتشف أنها أنجبت له ابنًا. هذا القرار يضعه في مواجهة شرطي صاعد طموح أنتقل الى العمل في دائرة شرطة يديرها محقق فاسد.
استخدم الكاتب ومخرج (ديريك سيانفرانس) أشجار الصنوبر كرمز ضمن أحداث الفيلم أكثر من مرة حيث يشير الى الجانب المظلم الذي تهوي اليه شخصيات الفيلم الرئيسة وهي تشق طريقها في الحياة. يذهب لوك خلف أشجار الصنوبر لينفس عن غضبه بسبب فشله كأب حقيقي وعندما يلتقي بــ روبن الذي ينبهه الى مصدر جيد للمال عن طريق سرقة البنوك. ويبدو ان هذه المشاركة الثانية للمخرج سيانفرانس مع الممثل (ريان جوسلينج) الذي جسد شخصية  لوك كلانتون محترف الحركات الخطرة بدراجته النارية وهو يقدم عروضه البهلوانية في السيرك. أنه بطل يخطف الإبصار ويحبس أنفاس معجبيه الذين يتهافتون على عروضه وفي ذات الوقت هي  شخصية آثمة على هامش المجتمع في محاولة لخلق حياة (طبيعية) بينما نجد على الجانب الأخر ان لوك لم يكن بمقدوره ان يكون بطلا حقيقيا إمام رومينا التي تجسد دورها الممثلة (أيفا مانديز) حبيبته السابقة التي هجرها قبل فترة طويلة وأم ولده جيسون (داني ديهان) حيث يكتشف بالصدفة ان لديه ابنا منها. تعمل رومينا نادلة في مقهى في احدى ضواحي ولاية نيويورك وقد واجهت حياة صعبة لـتأمين معيشتها مع أبنها الصغير ووالدتها ذات الأصول اللاتينية تعيش في كنف كوفي ذلك الزوج المسالم الذي يرعاها ويحتضنها مع عائلتها يقوم بتعميد طفلها جايسون في الكنيسة أمام أنظار والده الحقيقي لوك المغلوب على أمره في مشهد مؤثر لــلوك حين نشاهده وقد اغرورقت عيناه بالدموع.
 
بطولة مزيفة
انه دور بطولي مزيف يؤديه لوك وعندما نشاهده وهو يسرق ليعوض رومينا وطفلها جيسون الذي يدخل حياتهما عنوة ويقتحم منزل زوجها كوفي من دون سابق إنذار كي يُثبت أنه والد الطفل الحقيقي بيد انه حتى الدور البطولي المزيف الذي يتظاهر به لوك لا يستمر وهو يُردى قتيلاً في إحدى سرقاته على يد الشرطي المبتدئ افيري كروس الذي جسد دوره الممثل (برادلي كوبر) ليصبح بطلاً بين ليلة وضحاها نتيجة خطأ قام به لقتله لوك وتستره على هذا الخطأ للإفلات من العقوبة،. يعكس البناء الدرامي للفيلم اسلوباً رمزياً من خلال القفص باعتباره حلقة سردية مغلقة تحتوي على ربط سائقي الدراجات. يركب لوك دراجته النارية في قفص معدني دائري كبير مع اثنين من المشتركين حيث يبدأ الاستعراض. ‬أهمية الفيلم تكمن في انه اجاز تواجد عدد كبير من النجوم الموهوبين في مراحل عمرية مختلفة وقد ‬جمع سيناريو الفيلم بين عمق الفكرة وجاذبية طرحها وبين تفاعل الجمهور الكبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى