مهرجانات دمشق.. شوق وتنفس

الجسرة الثقافية الالكترونية
*وسام عبد الله
المصدر: السفير
لم يتغيّر الكثير في يوميّات دمشق. الانتظار في صفوف طويلة، إن كان أمام المخابز الآلية أو محطّات الوقود، ما زال على حاله. غير أنّ المدينة كانت، خلال الشهر الحالي (14 وحتى 24 نيسان)، على موعد مع صفوف بشرية طويلة تنتظر دخولها إلى المسارح، ضمن فعاليات مهرجان «نحنا هون» الذي نظمته جمعية «نحنا» الثقافية، برعاية مديرية المسارح في وزارة الثقافة السورية.
وتضمن المهرجان عروضاً لمبادرات جمعية «نحنا» الثقافية، في الموسيقى والمسرح والفن والرقص، وشكّل خطوة للمساهمة في تعزيز الحضور الثقافي من جهة، وتقديم صورة عن إرادة الحياة لدى الشباب السوري من جهة ثانية، ومن هنا كان اسم المهرجان «نحنا هون».
خلال أيام المهرجان العشرة، وقف الحاضرون على الدرج المؤدّي إلى الباب الرئيسي للمسرح، في انتظار دورهم قبل ساعة على بدء الحفل. يجلس بعضهم على الأرض في انتظار فتح الأبواب، ومنهم من بقي جالساً مكانه، لأنّ مقاعد مسرح «الحمرا» الخمسمئة لم تتّسع للحضور. آخرون قرّروا الوقوف لمشاهدة أحد العروض طوال ساعة ونصف الساعة.
وعن سبب الحضور الكثيف، يقول أحد الذين حضروا عرض فرقة «خبر» المسرحية لـ«السفير»، إنّ «الناس في حاجة إلى التنفس. لقد أصابها الملل والتعب جرّاء الأزمة والأخبار اليومية».
ورافق التنوع في فعاليات المهرجان، تنوّع في الحضور. فترى رجلاً بشعره الأبيض يستمع إلى موسيقى «الراب»، وسيدة تصحب أولادها لحضور عرض فرقة «عنب» الموسيقية. أحد الشباب يشير إلى أن هناك شوقاً للمهرجانات الثقافية، ويستطرد «هي عمل مهم في هذا الزمن الصعب».
وجرى، ضمن إحدى الفعاليات، تكريم شخصيات ووسائل إعلامية كان لها دور بارز في نجاح الجمعية والمهرجان، بـ «السيف الدمشقي» المصنوع من الخشب. وتقول مديرة المهرجان ناديا حسون إنه «درع شكر وتقدير، ورسالة أننا من قلب العاصمة نثبت وجودنا وحضورنا بطريقة رمزية».
يأخذنا هذا التكريم بتذكاره الدمشقي إلى مكان آخر في المدينة، بالقرب من التمثال الحجري لـ «السيف الدمشقي» في ساحة الأمويين. كان إثبات الحضور في دار الأوبرا في فاعلية «أحبها لأنها بلادي» تكريماً لذوي شهداء الفن، من خلال حفل قدمته أوركسترا «أورنينا» والاستاذ طاهر مامللي.
ويقول أحد المشاركين (أحمد) لـ «السفير» «مهما قدّمنا لأسر الشهداء، لن نعطيهم حقّهم، هذا تعبير عن تقدير وحب لما قدمه أولادهم»، وتشير زينة إلى أنّ «الشهيد قدم حياته كي نكمل نحن رسالته.. مشاركتنا الدائمة في مثل هذه الفعاليات هي استمرارية ووفاء لما استشهد من أجله».
خلال الأزمة، لم تسلم دار الأوبرا من نار الحرب. وقد تعرّضت أكثر من مرة إلى سقوط قذائف «هاون»، بالإضافة إلى التفجير الذي استهدف مبنى الأركان العامة للجيش الملاصق لها.
وبرغم تلك الأحداث، إلا أن أبواب الدار بقيت مفتوحة، واستمر الطلاب وأساتذة «المعهد العالي للموسيقى والمسرح» بحضور صفوفهم، كما أنّ الجمهور لم ينقطع عن الوقوف أمام شبّاك التذاكر للحصول على بطاقات الدخول، ومتابعة لوحة الإعلانات خارج أسوار الدار لمعرفة العروض داخل القاعات المختلفة.
على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر كثيرون عن آرائهم تجاه هذه الحالة الثقافية، منهم من تعامل معها بطريقة حماسية وأيد استمرارها الدائم، انطلاقاً من الحاجة إليها. البعض الآخر، رأى فيها تناسياً للواقع الذي نعيشه. وكانت ردة الفعل الأكبر، من قبل المغتربين، الذين اعتبروها نافذة لمعرفة ما يحدث في بلدهم خارج شاشة التلفزيون والأخبار.