مهرجان المسرح الشبابي فرصة لاكتشاف المواهب

الجسرة الثقافية الالكترونية
*مصطفى عبد المنعم
المصدر: الراية
اصلت لجنة المشاهدة الخاصة بمهرجان المسرح الشبابي جولتها على أماكن بروفات الأعمال المسرحية المشاركة في المهرجان، وشاهدت اللجنة مساء أمس الأول ثالث العروض وهي مسرحية “حصة” لنادي الجسرة الثقافي والاجتماعي من إخراج علي الشرشني. وقد أثنى أعضاء اللجنة على العمل وتمنوا التوفيق لأبطاله.
وفي سياق متوازي تواصل الراية جولات لجنة المشاهدة وكواليس الأعمال المسرحية المشاركة حيث أكد عدد من الفنانين المشاركين بالمهرجان أن الأعمال المشاركة تشهد الظهور الأول لعدد من الفنانين الشباب الذي يقفون للمرة الأولى على المسرح، مؤكدين أن المهرجان يُشكل فرصة حقيقية لاكتشاف المواهب.
البداية مع أبطال مسرحية “حصة” والتي تتناول حكاية فتاة صغيرة اسمها حصة تعاني من مشاكل نفسية تجعلها تنطوي على نفسها ولا تندمج مع المجتمع فتعتقد أمها أن بنتها بها مس من الجان وتلجأ إلى الدجالين والمشعوذين الذين يبدأون في ابتزاز الأم والبنت ويقلبون حياتهم رأسًا على عقب، ومن ناحية أخرى يحاول أخو حصة أن يقنع والدته بعدم جدوى ما تقوم به وأنه ينبغي عليها ألا تصدق هؤلاء الدجالين، ويخبرها بأن علاج أخته حصة يكمن في الاستماع إليها ومعرفة متطلباتها والاقتراب منها أكثر إلا أن والدته تتهمه دائمًا بأنه غير مبالٍ بصحة أخته وأنه مشغول دائمًا بفتاة في الحي يعتزم الزواج منها، ولكن الأم ترفض وبشدة ما يدعوه إلى الهرب مع حبيبته وأمها خارج القرية بعد أن طالته الكثير من الشائعات، وتدور أحداث كثيرة في سياق درامي اجتماعي مميز.
ومسرحية حصة يُشارك فيها مجموعة من الفنانين الشباب بعضهم من ذوي الخبرة وبعضهم يمثل لأول مرة وهي من بطولة: أحمد الباكر، حمدة صالح، لارا مرعي، محمد القحطاني، لينا الأنصاري، شيخة الكمالي، إبراهيم المسلماني، محمد المنصوري، ربا عساف، فاطمة العتبي.
السحر والشعوذة
ويتحدث المخرج علي الشرشني عن رؤيته الإخراجية للعمل فيقول: مسرحية حصة لكاتبة إماراتية متميزة، وقد أعجبني النص لأنه يناقش واحدة من القضايا الهامة في مجتمعاتنا العربية وهي اتجاه الناس للسحر والدجل والشعوذة لحل بعض المشاكل التي تقابلهم أو للهروب من مشاكلهم، وابتعاد الناس عن أمور دينهم وعن العلم وإلصاق الكثير من الفشل في حياتهم إلى أمور غيبية، فكم من جرائم ترتكب وتجاوزات تحدث ولا يسعى أصحابها إلى إعمال عقلهم بالبحث عن أسباب هذه المشكلات الحقيقية وإنما يرجعون الأسباب إلى عالم الجن دون أي سند أو دليل، ولفت الشرشني إلى أنه انطلق في رؤيته الإخراجية من الجو العام للحكاية لإبراز مثل هذه النماذج الموجودة في المجتمعات العربية وتوضيح مدى تأثيرها السلبي ليس فقط على الشخص الضحية وإنما على عائلته والمحيطين به.
مواهب جديدة
وأشاد علي الشرشني كثيرًا بشروط المهرجان وخصوصًا بالشرط الذي يحتم على كل فرقة أن تضم إليها عضوًا جديدًا يمثل لأول مرة خلال هذا المهرجان، وأنا بدوري أضم أربعة وجوه جديدة تقف على خشبة المسرح لأول اثنين من الشباب واثنتين من الفتيات، وبهذا نكون قد أسهمنا بشكل عملي في إمداد الساحة المسرحية بعناصر مسرحية جديدة من الجنسين سيكونون في المستقبل عماد الحركة الفنية القطرية.
ومن جانبه يقول بطل العرض الفنان أحمد الباكر: إن هذه المشاركة هي الخامسة لي في مهرجان المسرح الشبابي حيث أحرص كل عام على المشاركة لأن هذا المهرجان مهم جدًا بالنسبة لي ويعني لي الكثير، كما أنني أحب أن أقدم أدوارًا مغايرة ومتعددة تزيد من رصيد خبراتي التراكمية في عالم المسرح، وأشاد الباكر بالعمل مع المخرج علي الشرشني كما أشاد بفريق العمل، وعن طبيعة دوره الذي يقدمه خلال العمل يقول: أنا أقوم بدور أخو حصة وهي شخصية أول مرة أقدمها وتعتبر شخصية مركبة لإنسان طيب ومسالم ومظلوم ومحب لأسرته وفي نفس الوقت عاشق ويتعرض للكثير من المشاكل بسبب عشقه هذا.
مقامات
إلى ذلك قدم فريق عمل مسرحية “مقامات” التي يُشارك بها النادي العربي ضمن مهرجان المسرح الشبابي في نسخته الخامسة مساء أمس الأول عرضًا مميزًا أمام لجنة المشاهدة بمقر النادي في ثاني جولاتها، والمسرحية من تأليف الكاتب القطري أحمد المصطفوي، وهي فكرة وإعداد الفنان فيصل رشيد ومن إخراج أحمد العقلان، وهي بطولة جماعية لعدد من الشباب يجمعون بين عناصر الخبرة والوجوه الشابة الجديدة يتزعمهم صاحب الرصيد الأكبر من الخبرات فيصل رشيد وحسن صقر ومحمد عادل وعبد الله العسم وعبد الرحمن العتيبي وراشد الكواري ونتاشا سوقار وعبد العزيز علي.
والمسرحية تدور فكرتها حول موسيقار يقود أوركسترا خاصة به ويقدمون أروع المعزوفات في بداية العمل ثم يتوقفون عن العزف ليبدأ هذا الموسيقار -حسن صقر- ليستعرض لنا أهم قصص للعازفين الموجودين معه في الأوركسترا، وتضم المسرحية مجموعة لوحات منفصلة متصلة، حيث يقدم عازف العود قصته -فيصل رشيد- وهي قصة تدو حول مشعوذ ومساعده -محمد عادل- كانا يبتزان الناس وينصبان عليهم ثم توجه بعدها المشعوذ للعزف وبات موسيقيًا، وقصة أخرى لعازف الناي -راشد الكواري- وهو حكم كرة قدم وحامل راية -محمد عادل- كانا يتعرضان للضرب من الجمهور في المباريات ثم يقرر الحكم أن يصبح موسيقيًا، وراعي غنم -عبد الله العسم- سيصبح قارع طبول، وفتاة لا عمل لها ستصبح مغنية -نتاشا-، ويقوم عبد الرحمن العتيبي بعدة أدوار مع زملائه وأيضًا محمد عادل الذي يقدم شخصيات مختلفة.
إجهاض سيمفونية
وفي البداية يتحدث مخرج العمل الفنان أحمد العقلان قائلًا: المسرحية هي فكرة فيصل رشيد وكنا نسعى -كعادتنا في عملنا عندما نشارك في أي عمل- لإشراك الموهوبين والمبدعين معنا وأن نكتشف وجوهًا جديدة في كافة المجالات، وقد وجدنا الكاتب أحمد المصطفوي وقررنا أن يحول الفكرة إلى نص مسرحي في تجربة جديدة له ولأول مرة، وكان النص الأصلي بعنوان إجهاض سيمفونية ويقع فيما يقرب 60 صفحة، ولكن تم إعداد النص والتعديل فيه من قبل فيصل رشيد ليكون بهذا الشكل وغيرنا الاسم إلى “مقامات”.
المسرح التفاعلي
ويضيف العقلان: أهم ما يميز هذا العمل أنه محلي خالص سواء في الفكرة أو الكتابة أو الإعداد أو الممثلين، فلدينا فنانون لم يقفوا على خشبة مسرح أبدًا مثل الفنان الشاب راشد الكواري وعمره 19 عامًا وعبد العزيز علي، ونتاشا أيضًا، وقد قررنا في هذا العمل أن نقدم مسرحًا يحقق تفاعلًا مع الجمهور، وخاصة أن العامين الأخيرين لاحظنا أن مهرجان المسرح الشبابي يعج بالأعمال التجريبية أو المونودراما وهي أعمال مهرجانات ولكن ربما لا تكون ممتعة للجمهور ونحن بحاجة للجمهور حيث إنه لا مسرح بدون جمهور، لذلك فقد طرحنا فكرة الجوائز والمسابقة جانبًا ووضعنا نصب أعيننا هدفًا وحيدًا وهو المتعة بهدف جذب الجمهور والشباب للمسرح، وهذا العمل نجد فيه أنفسنا حيث نتبادل الأدوار، فأنا أقدم تجربة إخراجية صريحة لأول مرة، وعبد الله العسم يقدم نفسه إلى جانب كونه ممثلًا كديكور، وفيصل رشيد قام بإعداد الموسيقى والأزياء إلى جانب كونه مخرجًا وممثلًا ولا يوجد بطل صريح للعمل، فكل الشخصيات تشارك في البطولة.
قرار صائب
ومن جانبه تحدث فيصل رشيد صاحب فكرة العمل قائلا: أنا أتوقع أن يكون المهرجان هذا العام مميزًا نظرًا للاستعدادات الجادة التي يقوم بها الجميع، وأيضا لاحتوائه على عدد كبير من الوجوه الشابة الجديدة، وهذا هو المكسب الأهم للمهرجان، مؤكدًا أن قرار إلزام الفرق بضرورة وجود وجوه شابة جديدة هو قرار صائب يصب في مصلحة الحركة المسرحية في قطر وسيسهم في التعرف على موهوبين جدد يدعمون الحركة الفنية، وعن مسرحية مقامات قال رشيد: أنا أقدم أكثر من شخصية في العمل في إطار كوميدي ساخر يناقش بعض المواقف الحياتية والقضايا الاجتماعية، حاولنا أن نقدم من خلال ما نعرضه متعة حقيقية للجمهور، وهذه التجربة هي تجربة خالصة لمجموعة من الشباب لديهم رؤى وأفكار وطموحات في مجال المسرح يسعون لتقديمها بغض النظر عن الجوائز والمسابقة.
وبدوره قال المؤلف أحمد المصطفوي إنه سعيد بخوض تجربة الكتابة للمسرح لأول مرة مؤكدا أن هذه فرصة جيدة لأنها فتحت أمامه آفاقًا جديدة في عالم الإبداع، وقال إنه حاول من خلال هذه النص الذي هو في الأساس فكرة للفنان فيصل رشيد أن يقدم عملًا مسرحيًا بعيدًا عن التعقيد الذي كان يسمع به في المهرجانات المسرحية والتي تقدم نصوصًا مسرحية بعيد عن الواقع لذلك حرصنا على تقديم نص بسيط يهدف لإمتاع الجمهور ونتمنى أن ينال إعجابهم عند عرضه في المهرجان.