مهرجان عرار الشعري يفتتح فعالياته بتكريم الخطيب

الجسرة الثقافية الالكترونية

أحمد نمر –

انطلقت مساء أول من أمس، فعاليات مهرجان عرار الشعري الرابع، دورة الزميل الشاعر أحمد الخطيب، الذي ينظمه منتدى عرار الثقافي، وبمشاركة نخبة من الشعراء الأردنيين والعرب، ويستمر المهرجان الذي رعى حفل افتتاحه وزير الثقافة الأسبق، رئيس مجلس إدارة الرأي الزميل سميح المعايطة، لمدة أربعة أيام.
استهل الافتتاح الذي أقيم في بيت عرار الثقافي، وحضره وكيل وزارة الثقافة الفلسطينية موسى أبو غربية، ومدير ثقافة إربد المترجم علي عودة، وأدار فعالياته القاص د. حسين العمري، بالسلام الملكي، وآيات من الذكر الحكيم، إلى جانب كلمة راعي الحفل، وكلمة مدير المهرجان محمد عزمي خريف.
أكد راعي الحفل الزميل المعايطة في كلمته التي ذهبت إلى معاينة أبعاد الثقافة والتجربة الإنسانية والوطنية، ومحاور متعددة لامست جملة من الإشكاليات التي تمر بها المنطقة، على أهمية المنتج الإبداعي والثقافي، وما ينتجه المبدع الذي لا يمكن أن يكون إرهابياً، في هذه الأجواء التي تمر بها المنطقة من تفكيك وبعثرة، منوها بضرورة الحفاظ على الهوية والكبرياء الوطني، والابتعاد عن التعصب لهوية فرعية أو طائفة أو جغرافيا أو مصالح لفئة بعينها.
واستذكر في كلمته الشاعر عرار الرمز والإنسان، ومسيرة الأمم والشعوب وما تنتجه من رموز فكرية وثقافية وإبداعية، لافتاً إلى أن من يصنع الثقافة والإبداع هو الشاعر والكاتب والأديب، وليس تجار الدماء الذين يسعون إلى تفكيك المجتمعات، منوها بأهمية الانتماء الذي يبنى وفق أسس، ليس فيها انتهازية ولا منّ على البلد، فالأم لا تفقد مكانها وإن غضبت منها.
وخلص المعايطة إلى أن من يرسم ويبدع لا يفجّر ولا يقتل، كما أكد على ضرورة أن نذهب إلى صناعة المؤسسة الثقافية التي ترعى بدورها الإبداع والمبدعين.
ومن جانبه رحب مدير المهرجان رئيس منتدى عرار خريف براعي الاحتفال والشعراء المشاركين الذين جاءوا من بلدان عربية ليجسدوا في هذا المهرجان حضور عرار، ويقفون على شعره وإرثه الثقافي، في المكان الذي احتضن عراراً، ويتلون في حضرته أشعارهم.
وأضاف أننا نعمل على الحفاظ على إرث عرار الثقافي، عرار الذي كان مستهدفاً حتى في صموده، مشيراً إلى أن استهدافه كان يشكل استهدافاً لأمة بأسرها كما يرى، لافتاً النظر إلى أن هذا المهرجان يشكل نافذة للإطلالة على رموز الوطن، ومنهم عرار الذي اعتبره مدرسة آمنت بخطابها أجيال المستقبل. الشاعر أكرم الزعبي قدم شهادة إبداعية سلط فيها الضوء على شخصية المهرجان الشاعر الخطيب الذي لا يبالي بالشهرة كما يرى، ولا يحفل بها، لافتاً في شهادته إلى أن الخطيب هو رجلٌ كيمياءُ الشعر من مكوّنات دمه، تسرقك ابتسامته إلى عوالم مليئةٍ بالحب المحض، وتأخذك سُمرتُه إلى لون الحنطة التي تهبُ الكائنات الحياة، لكنّه عندما يتعلّقُ الأمرُ بالشعر فإنّ الشاعر الخطيب لا يهادن ولا يساوم.
إلى ذلك قام راعي المهرجان المعايطة بتكريم الزميل الشاعر الخطيب بتقديم درع المهرجان تقديرا له ولمنجزه الشعري والإبداعي في المشهد الثقافي الأردني والعربي.
الجلسة الشعرية ليوم الافتتاح حفلت بالكثير من الإيقاعات التي ذهبت إلى سبر أغوار التجربة الإنسانية، وأبعادها، وتحولاتها، حيث استهلها الشاعر الفلسطيني يوسف المحمود، بقراءة بباقة من قصائده التي تذهب إلى البسيط والعادي في الحكاية الفلسطينية، غير منطلقة من الأجواء التي اعتدنا عليها في الشعر الفلسطيني المقاوم، قصائد تذهب إلى المقاومة بثوب آخر، تستصلح من الحياة النضالية ما يمكّنها من الإسراء إلى روح الفعل الفلسطيني، ومن ديوانه « أعالي القرنفل» قرأ المحمود قصائد:» الأصدقاء، والحصان أزرق العينين، وزيارة «، ومن الأخيرة نقرأ المقطع التالي:» يوميا يأتي من خلف الريح، ومن عند الأحباب، يوميا يأتي، وعليه بقايا قُبل وبقايا أنياب، يوميا يأتي، يصرخ تحت قناطرهم، يتلوّى كالذئب هناك ويرجع مكسور الخاطر، دون جواب».
من جهته قرأ الشاعر السعودي محمد إبراهيم يعقوب باقة من قصائده التي عزفت على الإيقاع الصحراوي، متخذا من اللغة الحداثية وتراً لعزفه الذي ذهب إلى تنقية الدلالات، بصورة تشفّ عن أعماق الرؤى التي تسكن في تراكيبه التي احتفلت بها قصائده:» قميص لأوراق بيضاء، أعراس المواقيت، ووقفة الأشجار»، ومن قراءاته نأخذ:» لم تصنع الفلك خوف الماء لست نبي، آمنت بالأرض صلصالاً من اللهب،آمنت في وقفة الأشجار متسعٌ، يوماً سيفضي إلى حرية القصب».
ومن جانبه قرأ الشاعر اللبناني نبيل ملّاح أكثر من قصيدة بناها على البحر الشعري القديم، مستمداً من المرحلة موضوعاتها التي قاربت بين الإنسان والحياة، كما ذهب لمعاينة جراح فلسطين، والهلال الخصيب، مستنداً على مفردات تقع في مسار الفكرة.
تلاه الزميل الشاعر موسى حوامدة صاحب الانفراج اللغوي الذي يحدد تشكيلة الشعرية لديه، فاللغة في قصائده تتنامى وفق ما يرضاه الحنين إلى المكان والإنسان، والصورة الجدلية الواقعة بين متلازمات الحياة وأثرها، والنظر إليها بعين الشاعر، حنين تتطلبه اللحظة والتصاعد الحاد في الفعل الدرامي الذي يقبض عليه، بليونة الفكرة والاتحاد مع شعرية الحدوس التي يراهن على نفاذها في وجدان المتلقي، « عدم يملأ اليقين، وأنا ميت، ومراثي الغجر الراحلين عن الأندلس، طيور شعرية أطلقها حوامدة في فضاء بيت عرار الشعري، ومن قصيدته الأخيرة نأخذ:» أعرف أن قلبي لن يمكث هنا طويلاً، بين تلال محقتها المستوطنات، وقصيدة حزينة يغنيها المطر، أعرف أن ثمار النكبة، كانت شعراً، يصفق له النحل والطيور، ترقص فرحاً، والعندليب أخفى صوتَه احتفالا بألمعية شاعر، ما دخلُ القصيدة بالضلوع، ما دخل الخسارة بقصة حب من طرفين، ما دخل البيارات ، بمن تركوا غبار السنوات، وارتحلوا صوب الياسمين».
وختم قراءات اليوم الأول التي تبعها تكريم راعي المهرجان ومدير ثقافة إربد ووكيل وزارة الثقافة الفلسطينية وجريدتي « الرأي»، والزميلة» الدستور»، ومشرف بيت عرار سمير الإبراهيم، والشعراء المشاركين في المهرجان، الشاعر أنور الأسمر بقراءة قصيدة واحدة، حملت عنوان» لك الرؤيا» تنامت فيها روح اللغة الحداثية، والفكرة القابلة للتأويل والتي تتجه في بنيتها إلى ملامسة الإيقاع الممزوج من دالتين موسيقيتين، خارجية وداخلية، إلى جانب اعتنائها الكبير بأهمية الانصات إلى روح المعنى وقدرته على تلبية احتياجات الحالة الجوانية للشاعر، ومنها نأخذ:» لكَ الرؤيا وفي المعنى نبيٌّ، فتَجَهَّز لسنبلة الغموض ولا تنتظر سجود الكواكب، ليصدقَ المعنى الوحيد نبوءتك، واحذر من ليل يعبث بوردة الحلم الخجولة، فلن تأكل الطير من رأس الحنين، وإن أنتَ خُنت الغيابَ أو اختلستَ قُبلة من لغةٍ، تُربي النجوم على ضوئها، دّع للفراشة حُرية الرقص حول النور، ابذر حبات دمعكَ في أرض دمعك، واسقها من ماء دمعك».
« فعاليات اليوم الأربعاء: أصبوحة شعرية في الحادية عشر من صباح اليوم في كلية بنات إربد لعدد من الشعراء، ومحاضرة في مضافة آل التل الساعة السابعة مساء لرئيس الوزراء الأسبق د. معروف البخيت، ويقدم للمحاضر المحامي عبد الرؤوف التل».

#الراي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى