مواقع التواصل تكشف أسرار البيوت

الجسرة الثقافية الالكترونية
اقتحمت عدسات الجوالات الذكية الحياة الخاصة طواعية فأصبحت الصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالأسرة مشاعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وما تبع ذلك من خلافات حادة بين الأزواج وصل بعضها للمحاكم ووقوع الطلاق.
ويحذر علماء الاجتماع من تحول مواقع التواصل الاجتماعي مثل Twitter وFacebook و Instagram إلى ساحة لإفشاء الأسرار الزوجية والتعدي على حرمة الحياة الخاصة نتيجة سوء استخدام تلك المواقع ببث لحظات خاصة لا يجب مشاركة الغير فيها حتى لو كانوا أصدقاء.
وأكدوا أن الصور والنصوص التي ينشرها المستخدمون على الإنترنت من الممكن أن تصبح عامة ومتاحة للجميع بشكل غير متوقع كما أنها من الممكن أن تظل على الإنترنت إلى الأبد.
ونصحوا مستخدمي تلك المواقع بعدم نشر أشياء غير لائقة على صفحتهم أو حسابهم الشخصي.
وأشاروا إلى أنه عند التسجيل في أي شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي، يقوم الموقع بطرح عدة أسئلة شخصية بغرض التعرف على المستخدم أكثر أو اقتراح أصدقاء لك وتكون معلوماتهم تشبه أو قريبة من معلوماتك، وفي حال اقتراح الموقع أصدقاء لك فهو يعرضك بشكل كبير للتعرف على أناس وهميين ما قد يسبب لك الكثير من المشاكل أنت في غنى عنها. هذا المجتمع الافتراضي الكبير والمترامي الأطراف والمتعدد اللغات والثقافات جعل من الخصوصية أمراً يختلف عليه الكثير.
تلك النصائح والإرشادات تفتح الباب لمناقشة كيفية حماية الحياة الشخصية عند التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، وحدود نشر وتداول المقاطع والصور الخاصة.
في البداية تؤكد أم عبدالهادي (ربة منزل) أنها لا تسمح لأبنائها بإضافة أصدقاء مجهولين على صفحاتهم وحساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، لحمايتهم من المتطفلين الذين يمكنهم الحصول على صور ومواقع فيديو خاصة بالأسرة.
وإشارت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي كشف خصوصية كثير من الأسر ووضعهم تحت أنظار الفضوليين باعتباره يوثق اللحظات الخاصة وغير الخاصه بلقطات فورية كما أن الشباب والفتيات أصبحوا مهووسين فيه على الرغم من أنه وضعنا تحت المجهر وأمام أعين الجميع بل وضع خصوصياتنا أمام المجتمع بأكمله.
وأضافت كما لابد من وضع حدود لمنع انتهاك الخصوصية وتحديداً من صغار السن إذ لابد أن يكون استخدامهم تحت إشراف شخص بالغ موضحة أن بعض الأشخاص يتعمد كشف خصوصيته حيث أن البشر بطبعهم لديهم حب الفضول والتعرف على كل ما في حياتك فيتعمد نشر خصوصيته لينال عدداً أكبر من المتابعين ! لافتة إلى أنه من حق الأسرة أن تمنع أطفالها من استخدام التطبيقات بأكملها.
المتطفلون
وترى خديجة الشاعر موظفة أنه لا قلق من اهتمام الشباب والشابات بتصوير تفاصيل بسيطه سواء تخرج من المدرسة أو الجامعه وسواء حصولهم على شهادة أو مواقف مضحكة، مبينة أن هناك بعض التفاصيل التي يستمتع الشاب أو الفتاة بنشرها، ليس بهدف انتهاك الخصوصية بقدر ما هي للفرحة و الضحك ومشاركة الأصدقاء اللحظات الجميلة إذا كانت تخص الفرد نفسه.
وأكدت أن نشر صور بعض الأماكن داخل المنزل أو تداول صور بعض المناسبات الخاصة بالأسرة يجب أن يخضع لمعايير أخلاقية ولا تكون مشاعا لجميع المستخدمين ولك للأقارب فقط أو للأصدقاء المقربين.
وقالت: كما يجب توعيه الشباب والفتيات بتعريف الخصوصية وأهميتها في مجتمعنا، لافتا إلى أان هناك من ينشر كل تفاصيل حياته الخاصة، فبمجرد مشاركة الفرد بمواقع التواصل الاجتماعي فذلك يعني أن لديه الاستعداد لأن ينشر تفاصيل جزء من حياته التي لايرى أنها خاصة، فغالبا كل ما ينشر هو أطعمة أو قهوة أو أماكن عامة أو رياضه معينه .
وسيلة للتباهي
ويؤكد منصور الدوسري أن وسائل التواصل الحديثة أصبحت عند البعض وسيلة للتباهي وجلب العديد من المتابعين وكشف الأسرار الخاصة كما أنه اتضحت مواقف وتوجهات الأسر بشكل كبير، وفقاً لثورة الاتصالات، كما أن برنامج “انستجرام” من التطبيقات الجاذبة لأفراد المجتمع بشكل كبير، كونه أسهم في فتح الأبواب على مصراعيها للفضوليين والمتباهين في الوقت ذاته.
وقال: غالبية الأسر افتقدت مفهوم الخصوصية، وذلك لتحقيق أكبر عدد من الإعجاب بالمحتوى المنشور، متمنيا تعزيز الصور الإيجابية، والتي تتلخص في تسخير كافة برامج التواصل منبراً للدعوة والإعلام الذي يسهم في بناء المجتمع وليس في كشف خصوصية بيته وأهله ومايخصه.
توثيق الأحداث
وأكد فهد اليافعي أنه رغم اطلاعه على جميع مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنه لم يوثق أي صورة تخصه.
وقال: لا أسمح لأحد أن يطلع على صوري الشخصية ولكن هذا لا يعني أنني لا أوثق الأحداث وأحتفظ بها لنفسي.
وأضاف: مواقع التواصل الاجتماعي فتحت المجال للهوايات الشبابية والكوميدية لإخراج مالديهم من طاقات، وأصبح تلك التطبيقات متنفساً لهم في المقام الأول، ثم مصدراً للمال من خلال ممارسة التسويق والبيع والشراء والتوصيل.
وأضاف أن هذا الأمر مثل غيره من “الموضات” التي اجتاحت المجتمع مع دخول وسائل التواصل؛ سيأخذ فترة من الزمن ثم يرحل، وتأتي غيرها.
وأكد أن الغريب ليس في نشر الصور بحد ذاتها، بل في من ينشر كل هذه التفاصيل وهم فعلياً لا يعيشونها، ولا يستمتعون بها، لانشغالهم بتصويرها ونشرها لمتابعيهم، وتبادل التعليقات، وبدل التخطيط للأماكن التي يحبونها يخططون للذهاب للأماكن التي تثير إعجاب متابعيهم، لافتا إلى أن معظم المتخفين بأسماء مجهولة ويتبعهم الكثير من الناس هم شبه وحيدين في واقعهم، حياتهم قائمة على هذه البرامج وأشار إلى أنه قد لا يتفق مع هذا السلوك ولكن لا يجده سلوكا يحتاج لهذا الموقف الكبيرة.
سلوكيات مرفوضة
واعتبرت حصه الهيل الأخصائية النفسيه نشر الصور والفيديوهات الشخصية و التي تحتوي على تفاصيل دقيقه عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مؤشر سلبي وأمر مقلق.
وأشارت إلى أن تلك السلوكيات منتشرة في منطقة الخليج والعالم العربي عموما، مرجعة أهم أسبابها إلى عوامل عديدة في مقدمتها المفهوم الخطأ للحرية التي قد تعرض الشخص نفسه والآخرين للانتهاك.
وأضافت: في المجتمعات المنغلقة حيث عدم وضوح ثقافة الأسرة أو المجتمع جعل مواقع التواصل الاجتماعي أشبه ما تكون بقنوات عامة، وساحة مفتوحة لأفراد المجتمع ليمارس نوعا من التفاعل الافتراضي الوهمي كما أن بعض الأشخاص اليوم قادرون على تحديد خصوصيتهم ومالا يجب نشره في حال كانو راشدين بالغين أما ما يحدث من انتهاك لخصوصية البعض والأسر فغالبا ما يكون من المراهقين والأطفال، الذين يجب أن يكونوا تحت رقابة الأسرة.
المصدر: الراية