موديانو الذي لايعرفه أحد

الجسرة الثقافية الالكترونية –
.ليلاس سويدان
«فاز باتريك موديانو؟.. حسنا ضاعت علينا فرصة التعليق على رواياته والتسامر والحديث عن تأثرنا أو إعجابنا برواياته لاننا لم نقرأها». ربما هذا التعليق الساخر هو العنوان الرئيسي لما كتبه المثقفون- على مواقع التواصل الإجتماعي- المتابعون والمترقبون لاسم الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام. الكل اعترف تقريبا أنه لم يسمع به من قبل أو لم يقرأ له، بل ان الروائي العراقي علي بدر المقيم في بلجيكا أوضح أن هذه ليست مشكلة القارئ العربي فقط مع الفائزين بـ«نوبل» فكتب على صفحته في الفيسبوك «كتّاب نوبل لا يقرأ لهم أحد في العالم.
اليوم كنت في مكتبة فيلغرانت، أكبر مكتبة فرنسية في بلجيكا، قام الموظفون بإخراج كتب باتريك موديانو من السرداب بعد أن ملأها الغبار، نظفوها وفرشوها في مقدمة المكتبة وأخذوا يشرحون مزايا الكاتب وأسباب حصوله على نوبل!. قلت لهم: مبروك، لقد نجحت نوبل نجاحا باهرا بإيقاظ ميت آخر».
لا يستحقها
من القلة النادرة التي قرأت لموديانو الروائي والناقد السوري هيثم حسين الذي ذكّر بمقالين كتبهما عن روايتين لموديانو الذي رأى أنه لا يستحق نوبل وقال «قرأتُ روايتين لباتريك موديانو هما (مجهولات) و (مقهى الشباب الضائع)، وكنت كتبت عنهما حينها قبل حوالي سنتين. لم أجد فيهما أي تميّز. أعتقد أن هناك كثيرين أنسب منه للفوز بنوبل. مثلا: أمبرتو إيكو، ميلان كونديرا، إيفان كليما، أمين معلوف وآخرون.. (طبعاً هاروكي موراكامي وأليف شفق وأدونيس ليسوا منهم).
فقر الترجمة
ولم تغب بالطبع، كما كل سنة، حالة الترقب لإمكانية فوز أدونيس بالجائزة وما يصاحبها من غضب الكثيرين من مواقفه من الثورة السورية، لذلك كتب أحدهم بعد إعلان الفائز بالجائزة هذا العام «موديانو الذي لا تعرفه خير من أدونيس الذي تعرفه».
الروائي المصري إبراهيم فرغلي ألقى باللوم على الترجمة العربية التي لم تعرفنا بكاتب مهم مثل موديانو وكتب على صفحته «مع كل نوبل، نكتشف مآسينا في فقر الترجمة وفي معرفة الاخر وندرك، هل ندرك حقا؟ كم نحن بعيدون جداً عن معرفة ما يحدث في العالم».
عزلة الكاتب وعزلة القارئ
ربما ستكون هذه السنة سنة حظ للمترجمين من الفرنسية، وسنقرأ روايات موديانو التي لم نعرفها، وربما تتحول قراءة رواياته إلى موضة من موضات القراءة لكاتب معين والتي تنشط كل فترة.
ولكن هل موديانو الذي ينزوي بعيدا ليكتب مبتعدا عن الأضواء والإعلام، هو الذي في عزلة كما وصف نفسه أو وصفه البعض؟، أم نحن الذين في عزلة فعلا عن العالم، وما نقرأه وما نترجمه لا يفتح لنا إلا ثقبا ضيقا للتعرف على ثقافات أخرى؟.
القبس #