مونودراما «حكاية طرابلسية».. المرأة واكتشاف الذات

الجسرة الثقافية الالكترونية

جمال عياد#

– شهد مسرح محمود أبو غريب في المركز الثقافي الملكي، مساء اول أمس عرض مسرحية «حكاية طرابلسية»، من تأليف محمد يوسف، وإخراج جمال عبد الناصر.
تقوم الرؤية الإخراجية لهذه المسرحية، المشاركة في الدورة السابعة لمهرجان عشيات طقوس المسرحية، على تجسيد المرأة بوصفها أنثى أولاً، ومضطَهدة ثانياً،. ويجري في اللوحات والمشاهد، تأويل كلٍّ من هذه الرؤى، وفق بنى متبانة تتأرجح بين العمق والبساطة.

يبدو في المسرحية، ذلك البحث المتواصل في دواخل المرأة الليبية خصوصا العربية عموما، والسعي الدؤوب لنبش مكنوناتها والكشف عن هواجسها. فذهبت المعالجة الدرامية، في البناء السطحي، إلى إدانة نظرة الرجل للمرأة التي تنغلق على مفهوم «مجتمع الحريم»، عبر الانشغال الحواري لثلاث حكايات لنساء من طرابلس في ليبيا.
تروي المسرحية جملة من الاحداث المتعلقة بموضوعات القهر والكبت الاجتماعي والنفسي، وتصدي المرأة لها باحاسيس ومشاعر قبل ان تصطدم بالاحباط جراء النظرة الاجتماعية لأحوال المرأة الأرملة والمطلقة والعانس.
تلجأ الرؤية الإخراجية إلى مزج أكثر من أسلوب أدائي مع بعد سمعي مرئي، لاستلال حكاية من حكاية أخرى، في إتكاء على ذاكرة إنفعالية، ويحضر الأداء الجسدي الراقص المعبّر عما يمور في دواخل المرأة من صخب وثورة، وهي تكتشف قدراتها النفسية وإمكانياتها الاجتماعية، أو في تجسيد كل شخصية من النساء الثلاث؛ السيدة الطرابلسية، واختها سميرة، وعيشة، وقد نجح هذا المزج في الإسهام في إثراء لغة العرض، وفي الوقت نفسه شكّلت ذريعةً لطرح رسائلها. وعمقت الألحان والجمل الموسيقية، الزخم التعبيري لأنساق الأداء الحركي، فضلا عن نجاحها في الإسهام في الشحن الدرامي، وبخاصة المشهد الأخير عندما تسقط على أرض المسرح، شخصية العرض الرئيسة مضرجة بانكساراتها وخسارتها المدوية.
وكان للأغنية الشعبية المستمدة من الموروث الليبي، إسهامها اللافت في الإضائة بحميمية على علاقة السيدة الطرابلسية مع والدتها، لإشاعة دفء الأسرة على ايقاعات الذاكر والهروب من جحيم الواقع المؤلم، فضلا عن أخذ المعنى الآخر في مدلوله الرمزي (الوطن)

 

الراي #.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى