نادين غورديمر تترك إرثاً تاريخياً لمرحلة التمييز العنصري

الجسرة الثقافية الالكترونية – البيان

لست سياسية بطبيعتي»، عبارة قالتها ذات مرة الأديبة نادين غورديمر المولودة عام 1923 في جنوب أفريقيا ووافتها المنية في 13 يوليو الجاري في جوهانسبرغ، في أحد لقاءاتها لتعكس دورها الإنساني المؤثر الذي ارتبط بإبداعها الأدبي وأهلها للفوز بجائزة نوبل للآداب عام 1991 والعديد من أبرز الجوائز الأدبية في العالم.

وبصرف النظر إن كانت نادين قد وجدت ثيمة أعمالها الأدبية التي أضافت قيمة إنسانية لنتاجها الذي أهلها للعب دور مؤثر في الصراع المناهض للتمييز العنصري في جنوب أفريقيا، عن طريق ولادتها ونشأتها في خصوصية المكان الجغرافي والزمان، فإنها لم تتوان عن اكتشاف خبايا كل ما في بلدها ومجتمعها من ظلم وعنصرية وجشع وصولاً إلى حفلات المرح ورحلات الصيد وغيرها.

تلك الخبايا التي شاركت القارئ في تقصيها وتحليل دوافعها، عبر رواياتها الخمس عشرة ومجموعة قصصها القصيرة التي نشرت العديد منها منذ البداية في مجلة «نيويوركر» الانتقائية باختيار كتّابها. ومن خلالها يتعرف على «حاجز اللون» وبنية القانون الذي يمنع الاختلاط بين الأعراق، ليعيش الرعب الحقيقي حينما تطرق قوات الأمن باب بيته في منتصف الليل، ومعاناة السجين السياسي الذي يطلق سراحه ليعاد توقيفه قبل أن يتنسم هواء الحرية.

أول كتاب نشر لنادين كان مجموعة قصص قصيرة بعنوان «وجهاً لوجه» عام 1949، وأول رواية بعنوان «أيام الكذب» عام 1953، ليصدر لها عام 2010 أول كتاب يضم مقالاتها المنشورة من 1954 وحتى 2008 وحمل عنوان «حكايات الزمن: الكتابة والعيش».

أما رواياتها الثلاث التي منعت من النشر في بلدها إبان فترة التمييز والفصل العنصري من 1948 إلى 1994، بدأت مع عملها الثاني «عالم من الغرباء» التي نشرت عام 1958، وتحكي قصة شاب بريطاني يكتشف خلال زيارته لبريطانيا نظامين من قوانين المجتمع اللذين لا يمكنه تجاوزهما أحدهم في بلدة السود الذي ينتمي له مجموعة من أصدقائه والآخر في بلدة البيض ذوي الامتيازات.

منعت هذه الرواية لمدة 12 سنة، كذلك الأمر مع روايتها «عالم البرجوازية المتأخر» التي نشرت عام 1966، وتحكي قصة امرأة تعاني من موقف صعب عندما ينتحر زوجها السابق الخائن لحركة مناهضة التمييز العنصري.

وتحكي روايتها الثالثة التاريخية السياسية «ابنة بيرغر» التي منعت لبضعة أشهر فقط بعد نشرها عام 1979 وتعتبر تتويجاً لإبداعها الأدبي، عن فريق من الناشطين البيض يسعون إلى تنحية حكومة جنوب أفريقيا في منتصف السبعينات، وتتمحور حبكتها حول حياة البطلة الرئيسية روزا وقناعاتها بين والدها الناشط في الحزب الشيوعي وحبيبها كونراد.

حياتها الشخصية

المعروف عن حياة نادين الشخصية محدود جداً، وما هو جدير بتسليط الضوء عليه تبعا للتسلسل التاريخي، زواجها الثاني الذي استمر 50 عاماً من رينهولد كاسير الذي توفي قبلها بعامين، والذي أسس دار «سوثبي» للمزادات العالمية في جنوب أفريقيا عام 1969، وعملها المشترك مع ابنها السينمائي هوغو من زواجها الثاني بما لا يقل عن فيلمين وثائقيين.

كذلك صداقتها مع فريق محاميّ الدفاع عن الراحل المناضل والزعيم الافريقي نيلسون مانديلا، خلال فترة محاكمته عام 1962، إلى جانب مساعدتها لمانديلا في كتابة خطابه الشهير «أنا مستعد للموت».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى