نجيبة الرفاعي: «حكايات بنات» خلاصات في دفتر الحب

الجسرة الثقافية الالكترونية – وكالات -بذكاء الأديبة التي تعرف كيف تلتقط إبرة من بين كومة قش، وشغف الكاتبة التي تتقن انتقاء الأفكار والمفردات والعبارات، أبحرت المبدعة نجيبة الرفاعي في عالم الفتيات، وتجولت بين قلوبهن وعقولهن، لتضع بين أيديهن كتابها «حكايات بنات»، الذي وضعت فيه خلاصة خبرتها بمشاعر الفتيات وأحاسيسهن ما بين مرحلة المراهقة والنضج.

وخلاصة المحاضرات التي قدمتها لطالبات المدارس، اللواتي فتحن لها قلوبهن وطرحن تساؤلات كثيرة، خطت إجاباتها في كتابها هذا، لتقدمه هدية لكل فتاة ينبض قلبها بشعور جميل تعتقد أنه الحب.

في هذا الكتاب سافرت الرفاعي إلى هناك، حيث يقبع الحب، في ذلك العالم المملوء بالأسرار والاعترافات والهمسات، حيث التساؤلات عن شعور يغزو قلوب الفتيات، ويتجول بلا استئذان في عوالمهن الخاصة. «بيان الكتب» تواصلت مع نجيبة الرفاعي للحديث عن تفاصيل تلك الحكايات، التي سردتها بروح أم وأخت وصديقة ناصحة، فكان الحوار التالي:

مرجع
بداية، من أين استوحيت فكرة كتابك الأخير «حكايات بنات»؟
جاءتني الفكرة بعد عدة محاضرات قدمتها لطالبات المدارس في المرحلتين الإعدادية والثانوية، ولاحظت أن «الحب» هو أكثر موضوع يُطلب مني الحديث عنه مع الطالبات، كونه يثير تفاعلاً كبيراً، وتدور حوله الكثير من التساؤلات، وخصوصاً تلك التي يتخللها الشعور بالإحراج من زاوية ما، ما جعلني أفكر بتجميع كل الأسئلة والإجابات والمواقف التي أناقشها في محاضراتي في كتاب واحد، ليكون مرجعاً للفتيات.

أهديت كتابك إلى «كل من ينبض قلبها بشعور جميل تعتقد أنه الحب» هل هو لفئة عمرية محددة ؟
الكتاب مهدىً للفتيات في ما بين مرحلة المراهقة والنضج، إذ سيشعرن بأنه موجه لهن بشكل خاص، ولكن من الممكن أن يقرأه الأب والأم والشاب، فالقضية التي نتحدث عنها يعايشها الجميع، ومن خلاله سيفهم الأب والأخ مشاعر الفتاة، وستعرف الأم كيف تجيب عن تساؤلات ابنتها بكل وعي وحكمة.

أبواب مغلقة
هل نحن في مجتمع يتقبل الحديث عن الحب، وهل الحوار المتداول بين عائلة «أبو راشد» يعبر عن الواقع المحلي بشكله الصحيح؟
أصبح هذا الحوار موجوداً، فالعائلات الإماراتية الآن منفتحة على الثقافات الأخرى، وعلى درجة كبيرة من الوعي، كما أن الأبناء اليوم على درجة عالية من الجرأة والصراحة.

ولم يعد الحديث عن الحب محرجاً وخصوصاً إذا كان بأسلوب محترم لا يتجاوز الحدود الاجتماعية والدينية، لا سيما أن الإعلام أيضاً أصبح يفتح الأبواب المغلقة، إضافةً إلى أن الكلام عن الحب في حوار الأسرة لم يكن هو المحور الرئيسي، بل جاء ضمن حوار أساسي أوصلنا بالنهاية إليه.

شفافية وطموح
علاقة راشد بأختيه أمل ونجلاء ومناقشاتهم حول الحب وغيره من الأمور بهذه الشفافية، هل هي الصورة التي تطمحين لوجودها في العائلة؟
بصراحة أطمح لوجود هذه العلاقة ولكني لا أنكرها أيضاً، وأرى أن هذا الأمر يعتمد على التربية نفسها، ورغم أن الحوار كان فيه نوع من المثالية، إلا أن الشدة كانت حاضرة أيضاً من خلال الأم.

وفي مجتمعنا، أصبح لدينا شباب كثيرون يشجعون أخواتهم على العمل والدراسة، وأرجو أن يعزز هذا الكتاب علاقة الأخ بأخته، فالفتاة تسعد بحديثها مع أخيها، وهو الأقرب لها من الأب، وبإمكانه أن يتفهم المرحلة التي تمر بها والأسئلة الفضولية التي تراودها حول تفكير الشباب.

قلق
ألم تقلقي من بعض المتشددين الذين قد ينظرون بريبة إلى كتابك؟
راودني بعض القلق في البداية، ولكني سرعان ما استبعدته، لأني قدمت الكتاب بطريقة تربوية مهذبة لا إسفاف فيها، ولكني رغم ذلك لا أستبعد أن يقف البعض عند بعض العبارات ويضخمونها، وفي المقابل أثق بالعقلاء ونسبتهم كبيرة، ورغم أن الخطأ وارد، إلا أني أنصح القراء بالنظر للهدف الأسمى للكتاب.

مجهود بحثي
برز المجهود البحثي بشكل كبير في كتابك، من خلال استعانتك بأكثر من مرجع، ماذا أضاف ذلك لكتابك ولك؟
أنا لست مستشارة نفسية أو أسرية، فكان من الضروري أن أقرأ كثيراً وأبحث عن الأدلة والاستشهادات والحلول من خلال مراجع موثوقة، ولذا استعنت بالقرآن الكريم وكتب التفسير وكتب بعض المختصين، إضافة لبعض المجلات والصحف، وهذا أضاف لي الكثير، وجعل كلامي مدعماً بالأدلة، وسهل بالتالي مهمة إقناع القارئ بالفكر الذي أقدمه. وقد استقيت فكرة القصص من الأحداث التي تسردها الطالبات في محاضراتي، والمواقف التي يتعرضن لها، ما يجعلهن يجدن أنفسهن في قلب الكتاب.

تمزجين في «حكايات بنات» بين الأسلوب القصصي، وبين الفقرات التفاعلية، ما الهدف من ذلك؟
كان أمامي خياران، أولهما أن أجعل الكتاب تربوياً بحتاً، وبهذا لن أنجح في جذب الفتاة نحوه، وثانيهما أن أحوله إلى قصة ممتعة، ولكن قد لا تنجح الفتاة في أن تستشف منها القيم التي أناقشها بين السطور.

ولهذا أتتني فكرة المزج بين الاثنين، ومن خلال فواصل القصة وضعت ما أرغب في توصيله للفتيات من أدلة ومعلومات وكاريكاتير ليتحول الكتاب إلى دورة تدريبية شيقة، إذ يحتوي على الجانب المعرفي والمهارات والجانب القيمي، ليصبح بذلك تفاعلياً يقدم المعلومة بأكثر من طريقة.

خلاصة
النصائح الأخيرة التي احتواها الكتاب غنية جداً، هل هي خلاصة تجارب وخبرات شخصية؟
هي خلاصة المحاضرات التي جمعتني بالطالبات، والدورات التدريبية التي قدمتها في مجال تنمية الذات، وركزت فيها على «حب الذات»، لأن الفتاة لو أحبت ذاتها لن تسمح لأحد بأن يمتهن كرامتها تحت مسمى الحب أو غيره.

«حكايات بنات» هل هو دعوة للحب أم للتوقف عنه؟
بل هو دعوة للحب الصحيح الناضج، ولكن بالوقت المناسب وللشخص المناسب، وعدم استعجال الحب أو استعجال وهمه، لأنه حين يأتي في الوقت المناسب سيكون هو الحب الصحيح الذي يحقق لصاحبه السعادة، وشخصيات كتابي لم ترفض الحب بل رفضت الطريقة الخاطئة في الحصول عليه، ولذا فـ«حكايات بنات» دعوة إلى الحب وليس لتوهمه.

كما أنه محاولة لفهم أبعاد العاطفة عند الفتاة، ومساهمة مني لها، وأدعو كل الأمهات لقراءة الكتاب ليصبحن أكثر تفهماً لمشاعر بناتهن وقرباً منهن، لا سيما أن الحب هو المسيطر الغالب على الفتيات شئن أم أبين.

بطاقة
الكاتبة نجيبة محمد الرفاعي، خريجة كلية العلوم، تخصص «أحياء/ كيمياء» من جامعة الإمارات، وهي مدربة ومحاضرة حازت العديد من الجوائز الأدبية والتربوية على مستوى الدولة، وصدر لها حتى الآن 8 إصدارات أدبية.

أكثر من حكاية تتبع أسرار وخفايا مشاعر غامضة

تروي نجيبة الرفاعي في «حكايات بنات» أكثر من حكاية، إذ تبدأ بقصة نجلاء التي تعيش وهم الحب وتصر على الحديث عنه مع الجميع لتكتشف أسراره وخفاياه الغامضة، رغبة منها في أن تحلق في سماء الحب والرومانسية، تشجعها على ذلك صديقتها منال، التي تشاركها أوهام الحب وتدفعها للتعرف على أحد الشباب، لتلتقي نجلاء يوماً بشاب يساعدها في التخلص من كلب هاجمها، ويعطيها بطاقة تحتوي على رقم هاتفه.

فيبدأ التواصل بينهما عبر الهاتف واللقاءات، ليطالبها الشاب بعد ذلك بتقديم التنازلات شيئاً فشيئاً، وهو ما ترفضه نجلاء، ما يضعها في مأزق لا تستطيع الخلاص منه إلا بمساندة عمته

التتعلم من هذه التجربة درساً قاسياً.وبينما تعيش نجلاء أحداث قصتها، تدخل أختها أمل في قصة أخرى عبر صفحة «فيسبوك»، إذ تتلقى رسائل من فتاة تدعى فاطمة، لتكتشف في النهاية أنه شاب يدعى محمد.
وتتخلل القصة مواقف طريفة تتعرض لها نجلاء وأمل في المدرسة، دروس مفيدة يعرضها الكتاب من خلال حديث المعلمات مع الفتيات، والنصائح التي يقدمنها لهن، إضافة إلى الحوار العائلي الراقي الذي يجمع أمل ونجلاء وأخاهما راشد ووالديهما، ما يقدم الكثير من الفائدة والمتعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى