نحتاج قيادة فنيّة بصلاحيات كاملة

الجسرة الثقافية الالكترونية
*محمود الحكيم
المصدر: الراية
يشعر الفنانون أحيانًا بأن هناك ما ينقصهم ويؤثر بالتالي على قدرتهم في تقديم الخدمات الفنية للجمهور، إلا أن هناك من يتهمهم في بعض الأوقات بالتقصير، وبين اتهاماتهم التي يلقونها على أكتاف البعض والاتهامات التي توجه إليهم نرى أنفسنا نقف في المنتصف، وعلى ذلك نحاول من خلال ذلك الباب تقريب وجهات النظر ومحاولة الخوض في بعض تفاصيل أبرز الإشكاليات التي تواجه الحراك الفني لمعرفة أصوله وتداعياته من خلال عرض كافة الآراء، وذلك عبر محاكمة افتراضية يتمّ خلالها توجيه اتهام أو أكثر إلى الضيف، ثم ننتقل إلى مرحلة أخرى يقوم خلالها الضيف بدور وكيل النيابة الذي يلقي هو بالاتهامات على من يراه مقصرًا، ثم يقوم في المرحلة الأخيرة بإلقاء عدد من الأحكام على هؤلاء المقصّرين، وفي باب اليوم سنستضيف المخرج علي التميمي كبير مخرجي تلفزيون قطر ليكون ضيف زاوية المحكمة الثقافية.
في البداية، نفى المخرج علي التميمي الاتهام الموجّه إليه بأن العمل المكتبي أخذه من العمل الإبداعي فابتعد عن الفن والإخراج الدرامي واكتفى بمنصبه ككبير مخرجي التلفزيون، حيث أكّد أنه موجود على رأس عمله ولايزال قادرًا على العطاء والإبداع، مشيرًا إلى أن أعماله كثيرة ومشواره الفني يمتدّ على مدى 42 عامًا كمخرج برامج ثم مخرج درامي، وقال التميمي إن المشكلة القائمة حاليًا أن المخرج هو الذي يطلب للعمل ولا يوجد الآن عمل درامي ينتج إلا نادرًا، جفاف الروافد هو السبب في العزلة أو في العزل، إذا صحّ التعبير. وأوضح أن مشواره في العمل الفني والإبداعي بدأ مبكرًا مع تلفزيون قطر وبالتحديد عام 1974 كمساعد منسق ومنفذ ثم كمنسق ومنفذ ثم كمخرج برامج ثم مخرج درامي، وكان أول عمل درامي أخرجته للتلفزيون عام 1980 هو”يوميات عائلة “، وكان يضم كوكبة من كبار النجوم وهو من تأليف الأديب الراحل إسماعيل ثامر. كما قدمت مجموعة أخرى من الأعمال مثل السر في بير وحكايات شعبية وغيرها.
وفي المحور الثاني انتقلنا مع المخرج علي التميمي ليؤدي دور وكيل النائب العام ويتلو بعض الاتهامات ضد أي من يراه سببًا في تراجع الدراما المحلية، حيث أكد أن مسيرة الدراما التلفزيونية اتسمت بالتقطع وعدم الاستمرارية وكثرة التعثر وكل هذا ليس بسبب ضعف الإمكانات المادية بل على العكس فالإمكانات متوفرة، ونحن من أغنى الدول، كما أن الأزمة ليست في توفر عناصر العمل الفني، فالكتاب موجودون بكثرة، والمخرجون كذلك والممثلون المتميزون ولكن الأرض الفنية الخصبة التي تتوفرللدراما القطرية تحتاج إلى قيادة تدير كل هذه الإبداع المهدر لتصنع منه إبداعًا فنيًا على الأرض فتخرج الأرض الطيبة خبأها وثمارها الحلوة. وأكّد التميمي أن الدراما التلفزيونية تحتاج إلى قيادة مدركة لأهمية الفن الدرامي في حياة الناس ولضرورة أن تقدم قطر أعمالًا إبداعية في هذا المجال تليق باسم قطر وتقدم للناس ما ينفعهم وما يمتعهم على حد سواء. لأن الدراما التلفزيونية رسالة ومسؤولية إبداعية واجتماعية ووطنية يجب أن تدعم لا أن تقمع ويجب أن يحتفى بها لا أن تخبأ وتدفن حتى لا يرى الناس منها شيئًا كما لو أنها سوأة أو عار يجب محوه من ذاكرة الناس.
وقال التميمي إننا بحاجة إلى الإنتاج الدرامي الواعي وليس لمجرد الإنتاج الدرامي ليقال إننا أنتجنا فنسكت الألسنة ونرضي النفوس، يجب أن يقدم تلفزيون قطر شكلًا من أشكال الإبداع الحقيقي الذي يبقى أثره ولا يذهب ذكره ويؤثر بالمتلقي، وقد كانت له سوابق إبداعية مشهورة وصولات فنية في مجال الدراما غير منكورة ولا ينقصنا إلا أن تأتي قيادة فنية ويعطى لها الصلاحيات الكاملة لإحياء الدراما التلفزيونية وإطلاقها بما يليق بطاقات وإمكانات قطر غير الهائلة.
وفي دور القاضي طالب التميمي بإحياء قسم مراقبة الدراما وإسناده إلى مبدع كفء يديره برؤية الفنان، وطالب بإسناد قراءة النصوص إلى مجموعة من الخبراء وليس بالضرورة أن يكونوا موظفين بإدارة الدراما، وفي هذا الجو العام يجب أن يحسن اختيار الممثلين كل في دوره المناسب له وأن يعاد تأهيل وتدريب المخرجين بالابتعاث أو الدورات المتخصصة، وكذلك يجب أن نحرص على تكوين جيل من كل الكوادر الفنية على أسس متينة مؤهل ومحترف فنجد صفًا ثانيًا من القطريين المحترفين في الإخراج وفي التمثيل وفي الكتابة الدرامية وفي غيرها من عناصر العمل الدرامي.
وقال التميمي لو كنت قاضيًا في هذا الأمر لما توقفت الدراما التفزيونية يومًا واحدًا كلما ننتهي من عمل نبدأ في عمل غيره وهكذا على طول الأيام؛ لأن هذا هو الدور الأهم والأخطر للتلفزيون ويجب ألا يغفله وأن يقوم به خير قيام وأن يعتني به كما ينبغي أن تكون العناية.