“ندوة الهوية” تعزيز لرؤية قطر الوطنية 2030

الجسرة الثقافية الالكترونية-الراية-

 

*هيثم الأشقر

 

أكد سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت، وزير التخطيط التنموي والإحصاء، أن رؤية قطر الوطنية 2030 التي انبثقت منها استراتيجية التنمية الوطنية 2011- 2016، ترتكز على خمس نقاط رئيسية تضمن التحديث والتطوير وبناء الدولة المعاصرة بشكل إبداعي واستثنائي، يحقق التنمية المستدامة للجيل الحالي وللأجيال القادمة، ويحفظ تراث قطر الوطني ويعزز القيم العربية والإسلامية للدولة وهويتها، ومن بينها ركيزتان استهدفتا بشكل مباشر المحافظة على الهوية القطرية وتعزيزها، أولها العمل عبر برامج ومشاريع وأهداف الاستراتيجيات التنموية، والثانية هي الموازنة الحكيمة والسليمة لحجم العمالة الوافدة ونوعيتها التي يسمح بها الدخول للبلاد لرفد سوق العمل القطري، بحيث لا يخل التدفق غير المنضبط لهذه العمالة أو يضر بهويتها الوطنية، أو يطمس ثقافة البلاد وإرثها الحضاري.

 

جاء ذلك خلال مشاركة د. النابت في الجلسة الافتتاحية لندوة “الهوية في رؤية قطر الوطنية 2030” والتي تقام تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، حيث قال سعادة وزير التخطيط التنموي والإحصاء أن الاستراتيجية الوطنية اعتبرت هذا التوازن الدقيق تحديا سبق أن واجهته دول عديدة، وعملت بجد على أخذه بعين الاعتبار، ونجحت هذه الدول في ذلك بدرجات متفاوتة، وأشار إلى أن هذا الحرص على حماية الهوية الوطنية يتجلى بشكل عام في كل المسارات التي تضمنتها استراتيجية التنمية الوطنية، إلا انه يتضح بوجه خاص في برامج ومشاريع وأهداف الاستراتيجية القطاعية للتنمية الاجتماعية، ولا سيما فيما يتعلق منها بالتنمية الثقافية.

 

 

 

حماية الهوية الوطنية

 

وتابع سعادته قائلا: إن الجهات المنفذة والمشاركة في تنفيذ البرامج والمشاريع المتعلقة بالتراث والهوية، وفي مقدمتها وزارة الثقافة والفنون والتراث، ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وهيئة متاحف قطر، والمؤسسات والهيئات الأخرى ذات الصلة بهذا الشأن، وضعت على عاتقها إبراز الهوية الثقافية التراثية للدولة بشكل واضح وعلى نطاق واسع، كما عملت برامج ومشروعات الاستراتيجية على تعزيز الاهتمام بالتماسك الأسري، باعتبار أن الأسرة هي نواة المجتمع، واستهدفت بشكل خاص إزالة كافة أنواع التهميش والإساءة التي يمكن أن تلحق بأية فئة ضعيفة من فئات المجتمع.

 

وأكد أن الاستراتيجية سعت أيضا إلى التمكين الاقتصادي للفرد القطري والأسرة القطرية، واهتمت بالتعليم والتدريب باعتبارهما من أهم عناصر التمكين الأساسية لبناء الهوية القطرية والتي تعمل بتؤدة ووعي على إحلال القدرات القطرية محل القدرات الوافدة، بشكل يدعم ولا يعيق مسيرة التنمية المستدامة، كما اهتمت الاستراتيجية الوطنية بتمكين المرأة للاستفادة من قدراتها وعطائها في سوق العمل، كما اهتمت ببناء رصانة وفعالية للقطاع الخاص.

 

وأشار إلى أن فترة الثلاث سنوات التي انقضت من عمر استراتيجية التنمية الوطنية 2011- 2016 لا تكفي لتحقيق نجاحات بارزة في هذه المجالات الحيوية، ولكنها وضعت اللبنات الأولى للسير في المسار الصحيح.

 

 

 

ثقافة الآخر

 

هذا وكان الدكتور خالد يوسف الملا مدير عام مركز قطر للتراث والهوية قد افتتح فعاليات الندوة مؤكدا أن الهوية تهدف بالضرورة إلى الحفاظ على قيم ومبادئ الوطنية من خلال غرس مفاهيمها وتعزيز الولاء والانتماء لدى أفراد المجتمع، جاء ذلك خلال كلمته الافتتاحية لندوة “الهوية في رؤية قطر الوطنية 2030″، والتي تقام تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وأكد الملا أن هذه الندوة التي تقام على مدى يومين ستكون متنوعة في مواضيعها وضيوفها، من أجل إلقاء الضوء على الهوية الوطنية وما تمثله من أهمية كبرى، حيث ستطرح الندوة العديد من المواضيع الهامة عبر كوكبة من الوزراء والأكاديميين المتخصصين للوصول إلى الأهداف المرجوة والخروج بتوصيات تهدف لغرس مفاهيم الولاء والانتماء.

 

وشدد الملا على أن الاهتمام بالهوية بعيد كل البعد عن الانغلاق والتقوقع ورفض ثقافة الآخر، بل لحفظ هويتنا الوطنية التي نعتز بها، إلى جانب خلق جسر يعتمد على التواصل الإيجابي ما بين الهوية القطرية والهويات التراثية الأخرى، والتفاعل مع الحياة العصرية مع الحفاظ على أصالة هويتنا.

 

وأشار إلى أن الندوة هي تعزيز لرؤية قطر 2030 والتي أطلقها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، والتي لم تغفل أهمية حفظ وتوثيق كل جوانب الهوية الوطنية والعمل على تعريف المجتمع والأجيال به، وخلق وعي اجتماعي يقوم على تعزيز هذا الدور، فلا تقدم ولا تطور بدون هوية ننطلق منها وتراث نستند إليه.

 

 

 

قيم الهوية

 

من جانبه، محمد مهدي اليامي، المدير التنفيذي للشؤون الخارجيّة في شركة “فودافون قطر” قال : “تنبع رعايتنا الحصرية لندوة الهوية القطرية الأولى من إدراكنا العميق لأهمية هذه الهوية وضرورة الحفاظ عليها من الانحلال في الهويات الأخرى جراء عصر العولمة اليوم. ونحن نؤمن برؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الرامية إلى جعل قطر في مصاف أهم الدول المتطورة في العالم بحلول عام 2030، ولهذا لم نتردد لحظة واحدة في التعاون مع “مركز قطر للتراث والهوية” من أجل تسليط الضوء على هويتنا وتراثنا العريقين ليس فقط أمام الجيل القطري الشاب الذي لم يكن شاهداً على الماضي، وإنما أيضاً أمام جميع المقيمين والوافدين الجدد؛ كما نسعى من خلال رعايتنا للندوة إلى إظهار مدى فخرنا بهويتنا الوطنية التي نعتبرها الركيزة الأساسية لحاضرنا ومستقبلنا على حدٍ سواء”.

 

 

 

الأسرة والهوية

 

هذا وتحدث الدكتور ميسرة طاهر مدير بيت المشورة للاستشارات النفسية في القسم الثاني من فعاليات الندوة بيومها الأول حيث أكد الهوية ترتكز على مقومات الدين واللغة والتاريخ؛ وقد بذل “مركز قطر للتراث والهوية” جهوداً كبيرة لدراسة تاريخ البلدان الأخرى سعياً منه لتسليط الضوء على أهمية التاريخ وتأثيره على الهوية. ولا شك أن فهم تاريخنا يمكننا من إدراك الفلسفة التي يقوم عليها، وهي تؤكد بأن العائلة كانت ولا تزال في صلب الجهود المبذولة للحفاظ على هويتنا بين الأمم الأخرى”.

 

 

 

التركيبة السكانية

 

بدورها، تناولت الدكتورة كلثم الغانم، مدير مركز العلوم الإنسانية والاجتماعية، أثر المتغيرات السكانية على الهوية الوطنية قائلةً: “يتنوع الولاء في مجتمعنا ما بين ولاء أسري وولاء للقبيلة وولاء للوطن، وهو ما نصبو إلى زرعه في نفوس الناشئة. ومن أجل تحقيق هذا، يجب علينا تفعيل دور المؤسسات الإعلامية والتربوية وإنشاء مؤسسات ثقافية لتعزيز الهوية العربية والإسلامية. كما يجب علينا تعزيز مفهوم المواطنة وآليات المشاركة الوطنية وتقويتها عند الشباب. وأخيراً، فإنه يجب علينا وضع خطة متكاملة لمواجهة التحديات التي تقف في طريق الشباب وانتمائهم وهويتهم.

 

 

 

تجارب الأمم

 

واختتمت ندوة الهوية القطرية الأولى فعالياتها بتقديم الإعلامية اليابانية ماريكو ميكامي والخبير الثقافي العماني أحمد خميس بوصافي دراستي حالة استعرضا خلالهما مثالين ناجحين عن الطرق المتبناة في بلديهما للحفاظ على الهوية الوطنية اليابانية والعمانية.

 

وقالت ماريكو ميكامي، الشخصية الإعلامية المرموقة في اليابان والأستاذ المشارك في جامعة شينشو: “ركزت اليابان بالدرجة الأولى على الإنسان باعتباره المورد الأهم في الطبيعة. وقد كانت الهوية من المقومات الرئيسية التي ساهمت في تطور اليابانيين؛ كما أن تأكيد اليابان على التعليم واللغة وتطوير القطاع الخاص، بالإضافة إلى تطوير بيئة اجتماعية واقتصادية خاصة بها، كان له أكبر الأثر في الحفاظ على الهوية اليابانية”.

 

واستعرض أحمد خميس بوصافي، ممثل وزارة التراث والثقافة في سلطنة عمان، تجربة بلاده في هذا المجال قائلاً: “لقد ركزت السلطنة على 5 ركائز أساسية لتعزيز فهم الهوية الوطنية عبر الأجيال؛ الركيزة الأولى هي الحفاظ على التراث من خلال مراجعة الدراسات التي أجريت على المخطوطات التراثية والتاريخية وتعزيز دور المتاحف في هذا السياق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى