نسعى لإحياء مسرح الدُّمى

الجسرة الثقافية الالكترونية
*أشرف مصطفى
المصدر: الراية
أكّد الفنان محمد البلم رئيس مجلس إدارة المركز الشبابي للفنون المسرحية، سعي المركز لإحياء مسرح الدمى عبر الورش التدريبية التي يقيمها وكذلك العروض المسرحية الخاصة بمسرح الدمى، كما هو الحال عبر العرض المسرحيّ العرائسيّ “كرّ وفرّ” الذي سيتمّ عرضه في العديد من المدارس، مضيفًا في تصريحات خاصة لـ الراية إن ذلك يأتي في إطار حرص المركز على إعادة مسرح الدمى لاهتمامات الأطفال وتعويدهم على مشاهدة المسرح، خاصة بعد النجاح الذي لقيه العرض العرائسي بالمركز بعرضه أمس الأول على مسرح الشبابي للفنون المسرحية، وتمّ تكراره في ثلاثة عروض متتالية، ولفت البلم إلى أن المركز سيبدأ بتقديم مسرحيته الجديدة في مدرسة عبدالله بن تركي يوم الاثنين المقبل، ثم سيجوب عددًا من المدارس، فضلاً عن تقديم عروض نهارية في مقرّ المركز، حيث سيستضيف الطلاب للتعرف عن قرب بهذا الفن، خاصة أنه يقام على هامش العرض معرض لمراحل تصنيع الدمى يستعرض من خلاله كيف يتم بدء العمل في تصنيع العروسة وإظهار مراحل التصنيع التي مرّ عليها منتسبو الورشة من البداية إلى أن وصلوا لمرحلة التصنيع الأقرب للاحترافية.
مواءمة العصر
وأوضح البلم أن العرض المسرحي “كرّ وفرّ” جاء كنتاج لورشة الدمى التي أقيمت خلال الفترة من 12 يناير الماضي وحتى 22 فبراير الجاري، وشملت الدراسة النظرية والتصنيع وكتابة النصّ للعرائس والتحريك، وشارك فيها منتسبو الورشة بالإداء الصوتي وتحريك العرائس، وهم الفنانون فيصل رشيد، وفهد الباكر، وإيمان ذياب، وأحمد العقلان، ومحمد عادل، ومحمد البكري، ويوسف الحداد، وعبدالله العسم، وكتب كلمات الأغاني وقام بالتلحين فيصل رشيد، كما قام الفنان ناصف الجمل بتصميم وصناعة “مسرح العرائس الفوقي” الذي تمّ الاعتماد عليه بتحريك عرائس القفاز من خلفه، منوهًا إلى أنه سهل الفكّ والتركيب ليتمكن فريق العمل من التنقل به بسهولة في المدارس والهيئات المختلفة، بينما قام بتأليف وإخراج العمل الفنان موسى الامير، كما قام الفنان فهد الباكر بتقطيره، وكتب أغانيه وقام بتلحينها الفنان فيصل رشيد، وشدّد البلم على أن المركز حريص على تقديم فنّ راقٍ يلعب دورًا مهمًا في الساحة الفنية، خاصة في ظلّ غياب هذا النوع من المسرح عن الساحة الإبداعية مضيفًا: نحاول أن نعيد لمسرح الدمى بريقه، لأنه يعاني اليوم الكثير من المشكلات أهمها انصراف عدد كبير من المتخصصين فيه عن الساحة، وأشار إلى أن المركز الشبابي للفنون المسرحية لا يدخر جهدًا في تقديم الورشات والدورات التدريبية في شتى أشكال وعناصر المسرح، خاصة الذي يعاني نقصًا في كوادره، مؤكدًا أن مسرح العرائس بشكل خاص يحتاج للعمل بأساليب مختلفة تتواءم مع طبيعة العصر الحالي.
عمل جماعي
ومن جانبه، أوضح الكاتب والمخرج موسى الأمير أن المسرحية تتناول في أحداثها مجموعة من حيوانات الغابة وتحكي عن الصراع الذي يدور فيها وكيفية التغلب على المخاطر، وهي موجهة للأطفال لتأكيد عدد من القيم الإيجابية أهمها أن الاتحاد قوة وأن كل مخلوق خلقه الله ليتناسب مع بيئته.
وقال الأمير: “إن الدمية رافقت الإنسان منذ الطفولة فهي الصديقة والرفيق الخيالي وعندما يكبر الإنسان يتحول إلى صانع دمى تشاركه متعة اللعبة المسرحية التي يتعلم منها ويعلم بواسطتها الصغار، فيبثّ مفاهيم وقيمًا مجتمعية ويطور خيال مشاهديه من الصغار والكبار ومن خلال التسلية والمتعة البصرية والسماعية وعالم الخيال يتلقى المشاهد معارف ويتذوق العديد من الفنون”، وأوضح الأمير أن الورشة كانت عبارة عن عمل جماعي قصد منه تدريب الشباب على مسرح الدمى من خلال “عروسة القفاز” أو ما يعرف بالمسرح “الفوقي”، وهو يعدّ أسهل أنواع مسرح الدمى من حيث التنفيذ، وتمخضت الورشة عن نصّ تم تقديمه، من خلال تسجيل الأحداث والأغاني التي تمّ تنفيذها بطريقة “البلاي باك”، وأوضح أن الورشة ركّزت على البدايات الأولية في مجال مسرح الدمى، وما أسعده كان هذا الاهتمام الكبير من جانب المشاركين، حيث تمكنوا من المشاركة في كافة مراحل التصنيع التي استغرقت حوالي 15 يومًا، وتم فيها العمل في مراحل التصنيع والنصّ بشكل متوازٍ، وأضاف: ركزنا في البداية على كيفية تحويل الفكرة لنص ومنه لعرض، وبعدها تم تعريفهم بكيفية تصنيع الدمى “للإنسان والحيوان والطيور”، فلكل منها أسس علمية مختلفة في التصنيع لإيجاد الأشكال المناسبة لشخصيات العرض، حيث شارك فريق العمل في كل التفاصيل، ومعظمهم فنانون لديهم تجارب مسرحية، وأظهر البعض منهم إمكانات خاصة في التصنيع والتأليف ووضع الأمثال الحكم الشعبية في مجال الكتابة.
مسرح الدمى
من جهته، أكّد الفنان فهد الباكر أن مسرح الدمى يعاني اليوم الكثير من المشكلات، أهمها انصراف عدد كبير من المتخصصين به عن الساحة وهو ما جعله يتراجع، وأردف قائلاً: إن تلك الورشة سعت لتعويض غياب هذا النوع من المسرح الذي تم إهماله على مدى عقود، وهو الذي كان يعتبر وسيلة هامة لدى الأجيال القديمة في الترفيه والتعليم في الوقت ذاته، مؤكدًا أن مسرح العرائس بشكل خاص يحتاج للعمل بأساليب مختلفة تتواءم مع طبيعة العصر الحالي، والمركز الشبابي للفنون المسرحية لم يتوانَ عن لعب دور في إحياء مسرح الدمى. وأوضح أن أهم ما ميز تلك الورشة هو أن فريق العمل قام بتصنيع العرائس الخاصة بالعرض المسرحي بأنفسهم، وذلك تحت إشراف فنان العرائس موسى الأمير، لافتًا إلى أنها تنتمي لشكل عرائس القفاز، كما عبر الفنان فهد الباكر عن سعادته كون الورشة استطاعت أن تجذب كوكبة من الأسماء الهامة في مجال المسرح، وأكّد أنه بالرغم من كونه استطاع أن يحقق اسمًا في مجال الإخراج على الساحة المسرحية إلا أنه يحرص دائمًا على مواصلة التعلم، قائلاً: أحرص على متابعة كل الورش بالمركز فأعشق التعلم، وأملك يقينًا بأنني لن أخرج خالي الوفاض، خاصة أن بعض أشكال المسرح قد تكون لم تأخذ حقها في العرض جيدًا على الساحة المسرحية في قطر، ومن ضمنها “مسرح الدمى” لذلك فقد حرصت على التعمق في هذا الشكل المسرحي، فالمخرج الجيد يجب أن يملك كمًا وافرًا من الثقافة، والإلمام بكافة أشكال المسرح لربما يحتاج إلى بعض منها في يوم.
مسرح الطفل
إلى ذلك، أكدت الفنانة إيمان ذياب أن ما تم تقديمه خلال هذه الورشة مثّل إفادة كبرى للمهتمين بهذا النوع من المسرح الذي بات لا يلقى ذات الاهتمام في السابق، لافتة إلى أن مسرح الطفل عمومًا أصبح اليوم أصعب من مسرح الكبار بعد أن تغير عقل الطفل الذي بات سابقًا للمرحلة العمرية التي يمرّ بها، فطفل اليوم الذي يجلس على الكمبيوتر والإنترنت أصبح له متطلبات مختلفة في العمل الفني الذي يتلقاه تعتمد على الصدق الفني واحترام عقله، ولكي يستطيع أن يكون مسرح الدمى أو مسرح الطفل عمومًا قادرًا على جذبه إليه والتعامل مع التغيرات التي طرأت في عالم اليوم، يجب العمل على مزج المستحدثات الجديدة مع القيم النبيلة والسامية والتي تضمنتها الأعمال القديمة، وهو الأمر الذي نفتقده، لذلك فإنه من المهم إدراك أهمية القيم التعليمية في مسرح الطفل من خلال تعليمه العديد من الأشياء التي قد لا يفلح فيها التلقين المباشر، فإحدى مهام مسرح الطفل هي إيجاد صيغ تربوية سليمة تهدف إلى غرس القيم الجيدة والأخلاق النبيلة بإضافة التسلية والمتعة.