“نمش” مجموعة جديدة للقاصة تغريد أبو شاور

الجسرة الثقافية الالكترونية
صدر للقاصة تغريد أبو شاور مجموعة قصصية بعنوان “نمش” عن الأهلية للنشر والتوزيع – عمان. ونمش كما قالت عنه القاصة هو إصدارها الأول، وهو مسكون بـ”الوطن، المنفى، اللجوء، الحب، الفقدان”.
وقالت أبو شاور إن مجموعاته القصصية “متشبعة بخبرات حياتية ليست بالضرورة شخصية بل كانت التقاطات منوعة تركت في داخلي شيئا شيبها بالنمش، ومن هنا جاءت دلالة “النمش”.
ونفت أبو شاور، وهي كاتبة أردنية، تنشر في عدد من الصحف الأردنية والعربية والمواقع الإلكترونية المحلية والعربية، أن يكون عنوان المجموعة من اجل “أحداث صدمة أو جذب الانتباه”، إنما جاء دالا على مدلول باطن في ثناياه، فالنمش بوصفه جزءا جسديا يعد حالة جمالية قد ينفر منها البعض وقد ينجذب إليها البعض الأخر.
تحمل المجموعة الكثير من الانكسارات والهزائم كما هو الحال في قصة بعنوان “حرب باردة” عندما يعود المقاتل من الحرب وهو يتحدث مع نفسه “خلعت عني رهبة الحرب أول ما ولجت من باب الغرفة، لأني أدرك استياءك من هذه الطلة العسكرية”.
وفي حوار بين المقاتل العائد والصندوق الذي يضع أشياءه التي عاد بها يقول “وتخرجين عمري الباهت من صندوقك وتلقينه علي. هاك انتصاراتك المطاردة، وأقمارك الثلاثين، تقولين لي، فأحملها جثة ثقيلة وأقمارا منهزمة أمام إبرتك، وأعلقها منكسرة الهيبة خلف الباب، وألوذ إلى يديك أعيدها إلى شعري.
تقولين محاولة انتشالي من دوامة الهزيمة: المقابر أكثر الأماكن حقيقة وأكثرها حرية..”.
وتضيف القاصة “نحن في زمن نحتاج للكفاح عبر كافة الصعد، النفسية والعائلية والوطنية والدينية، بحاجة إلى ابرز وجه أخر، من اجل رؤية جديدة للروح نحتاج رغم السواد إلى نور”، معتبرة أن النور يأتي من الكتابة “عندما نكتب نضخ فيها كل احباطاتنا ونجاحاتنا المخبوءة”، اكتب لا تخلص من عطب الأنثى في المجتمع.
“هذا المخيم، آخر سن في فم الوطن”، هكذا قالت بطلة قصة “غيمة معلقة على الحاجز”، فعندما غفت تصحو على “فجأة أصحو على سماسرة البطاطين وكرت المؤن”، والمخيم هو الملاذ الوحيد لهؤلاء اللاجئين وفيه تترسم أحلامهم كما جاء على لسان البطلة وهي تهمس في أذن الحبيب “هنا، أنت، وأنا، تقاسمنا الصمت واجتررنا علقم الصدمة بهدوء، وبالهدوء ذاته رفضنا أن نبدل آخر ثياب أهدانا إياها الوطن البعيد (ببقج أوروبية)”.
وقالت القاصة عن الوطن ومفهومه عندها “الوطن هو الأساس، هو بذرة الروح، الطين الأول الذي تشكلنا منه، فكيف نتنكر للوطن ونتجنبه في بداياتنا، ونحن نحمله ويحملنا، كيف لا نقف على قدميه في أول وقوف لنا”.
وأشارت أبو شاور إلى أنها تستقي قصصها من “أحلام الحبيبات والصغيرات”، وهي تجارب ووقائع حقيقية لكنها ليست بالضرورة شخصية، مشيرة إلى أن الكاتب يرى الحدث بعين ثالثة يملؤها الحساسية والانتماء للحدث والتماهي فيه ما يجعله يمحور الحدث العابر إلى قضية نقاش، الإيمان المطلق بأنه من حق الإنسان أن يعيش بالكرامة وحرية والحب.
أبو شاور الحاصلة على بكالوريوس جغرافيا اختارت لغتها في هذه المجموعة بعناية فائقة، فهي لغة رشيقة أنيقة بعيده عن المباشرة والفجاجة، قالت “تعلمت في دراستي أن كل شي له بنية وللغة بنية وكهوف لا بد أن تسبرين أغوارها، فالكلمة بحد ذاتها طبقات، طبقة للمعنى وأخرى للحن وأخرى للصدى، فللانسجام والتماهي مع الحدث يجعلك تنبشين كما الاربكولوجي عن ارث قديم مخبوء، لا أتقصد الاختباء خلف الصور أو بين التراكيب اللغوية بل اكتبها لترفعني أكثر وارفعها في نصي واخلق لها الفرادة التي تكاد تكون التبست على الكثيرين”.
تحتوي المجموعة القصصية المقسمة إلى قصص وأخرى نصوص نثرية، تقول أبو شاور حول الهدف من الكتاب “اكتب لتحقيق حلم بسيط لتوصيل معنى إنساني، من اجل أن أعيد للحياة بياضها، لأننا في زمن نحتاج فيه إلى من يعيدنا إلى إنسانيتنا في سموها الجميل”.
وفي نص على غلاف المجموعة جاء فيه “قيلا من النمش للذين تاهوا عن مواضع الندب، كثيرا منه للذين غابوا عن سجالات النهب! كمشة نمش محلية الصنع على كتفها اليسر تغري عاشقا ثوريا بلا يد. نمشة كبيرة.. بقدر دراقة.. متوسطة.. بقدر لدغة عقرب، صغيرة، بقدر وخزة لون برتقالي. نمش كثير يملأ قلبها. مخرب كالغربة.. عاجز كالحب.. هالك كالوقت.. نمش كثيرا يملأ ذاكرتها، وتغطي وعودك يكسو عريك، يدثر رقما ختموا به أسفل ظهرك يوم صرت جنديا هاربا”.
المصدر: الغد