“نهارات علول” تناقش الآثار السلبية للظلم والاستبداد

الجسرة الثقافية الالكترونية
*مصطفى عبد المنعم
المصدر: الراية
أجازت لجنة المشاهدة بمهرجان الدوحة المسرحي مساء أمس الأول العرض المسرحي “نهارات علول” وهو من تأليف مرعي حليان وإخراج فهد الباكر، وحضرت اللجنة المكوّنة من موسى زينل رئيسًا والشاعر والفنان علي ميرزا محمود، والفنان سيار الكواري، والدكتورة امتنان الصمادي، والدكتور محمد الشحات أعضاء، وأشرف علي مقررًا للجنة في مجمع التنس والإسكواش، حيث مقرّ بروفات المسرحية، وأجازت العرض بعد مشاهدته وقدموا ملاحظاتهم للمُخرج.
كوكبة من الفنانين
ويقوم ببطولة العمل مجموعة من الفنانين من أصحاب الخبرات ومن الشباب منهم: عبد الرحمن المزيعل من المملكة العربية السعودية في دور علول، مشعل الدوسري في دور حاني، حنان صادق في دور علاية، منذر أحمد في دور حرفوش، نايف سالم، خديجة نايتسي في دور حرفوشة، أميرة التونسية في دور حرفوشة، سيف أحمد في دور حرفوش، مريم فهد في دور المحامية، حمد الهاشمي في دور القاضي، علي السعدي في دور حرفوش عازف، علي ربشة في دور الشرطي حارس القصر، سامح محيي الدين في دور الشرطي وأحد حرّاس القصر وهدى المالكي في دور حرفوشة، ويوسف العرقوبي من المغرب سنوغرافيا العمل، موسى الأمير مدقق لغوي ودراماتورغ العمل، إدارة الإنتاج محمد العمادي، والعمل من إنتاج شركة مشيرب للإنتاج الفني بقيادة طلال المولوي.
ثورة الحرافيش
ويقول مُخرج العمل فهد الباكر إن مسرحية “نهارات علول” تتحدّث عن ثورة الحرافيش أو الفقراء وهذه المسألة تمّت معالجتها بأنماط وأشكال مُختلفة في المسرح العربي، ولكن مرعي الحليان قد أخذ منحى جديدًا في معالجة هذه التيمة، والعمل يتحدّث عن “علول” ذلك الفقير المُتمرّد الذي أعلن ثورته وتمرّده عن حياته في مكبّ النفايات وحاول أن يشحذ همم الحرافيش ليتضامنوا معه ولكنهم خذلوه، وكان لعلول حبيبة وهي “حلاية” التي كان بينها وبين علول قصة حب ولكنها تعرضت لابتزاز حارس القصر الذي كان يسهل لها لقاء حبيبها مقابل أن يبتزها ليحصل على ما يريد، ودار بينه وبين علول صراح وأطلق حارس القصر عليه رصاصة ولكنها لم تمته بل سرت في جسده لتوقف جميع أحاسيسه ومشاعره سواء كانت فرحة أو غضبًا أو حبًا أو ثورة ولكنه يمرّ بمراحل متباينة ومتفاوتة من جراء هذه الرصاصة غير المادية، ولكنه يمتلك جرأة ويصبح صاحب مواقف ولكن يتم إلقاء القبض عليه والحكم عليه بالإعدام رميًا بالرصاص للمرة الثانية، وهي قمة التهكم والسخرية حيث إن الرصاصة لم تمته في المرة الأولى بل زادته إصرارًا ومع ذلك يصدر القاضي حكمًا آخر برميه بالرصاص.
وأضاف الباكر إن العرض يحتوي على تأويل ورؤية جديدة تختلف تمامًا عما تمّ تقديمه من قبل حيث إن الأستاذ حسن رجب قد قام بتقديمه في دولة الإمارات العربية المتحدة من قبل وحصل على خمس جوائز وهو ما يضعني في معضلة كبيرة وتحدٍ جسيم، وأتمنّى من الله التوفيق في أن أقدّم رؤية جديدة تُضاف إلى رؤية الأستاذ حسن رجب، وأنا في تحدٍ مع الزمن حيث إنني خلال 18 يومًا فقط نجحت في أن أجتاز لجنة المشاهدة وأن أنال إعجابهم أيضًا، والآن أبدأ في مرحلة جديدة لترتيب وتعديل بعض الأشياء في النص وسوف نعرض عملنا يوم 28 أبريل الجاري إن شاء الله.
الوقت ليس عائقًا
وأوضح الباكر أن ضيق الوقت لم يكن عائقًا أمامه لتقديم عرض قوي قادر على المنافسة في المهرجان خصوصًا عندما يكون معي أوراق رابحة كثيرة في العمل من بينها مجموعة من المتميّزين سواء الممثلين أو السينوغرافيا ولهذا أنا مطمئن أننا سنقدّم عملاً مميزًا قادرًا على المنافسة، كما أن لدينا خبرة كبيرة بالتعامل مع مهرجان الدوحة المسرحي لذلك فأنا لن أتعلل بضيق الوقت بل أعلنها أن الوقت كافٍ جدًا وأتمنّى أن أقدّم عملاً يُرضيني كفنان وكمخرج ويرضي شركة الإنتاج التي اختارتني لكوني قادرًا على تقديم عرض مميّز، وأنا الآن في تحدٍ مع الآخرين لتقديم عمل حصد جوائز مهرجان سابق منذ 6 أشهر فقط ولكنني كلي ثقة في خيالي وأدواتي وخبرتي بأنني سوف أقدّم العمل برؤية جديدة تبهر الجميع، وأنا أعتبر أن هذا العمل من أصعب التجارب التي قدمتها خصوصًا أن كاتب العمل ومخرجه السابق وأبطاله جميعهم أحياء يُرزقون وسيتابعون بكل تأكيد ذلك المُخرج القطري الذي قبل هذا التحدي وإن شاء الله سنعبر بهذا العرض إلى برّ الأمان وسنجتاز التحدي.
تناقض في المشاعر
من جانبها قالت الفنانة حنان صادق التي تقوم بدور “علاية” في العمل إن مسرحية “نهارات علول” تتحدّث عن مجموعة من الشخوص الذين يمثلون الطبقة الفقيرة الذين يقتاتون على الفتات التي يلتقطونها مما يتبقى من فضلات الأغنياء، يحاولون أن يلتفوا حول شخص يُمثلهم وهو علول الذي يقود انتفاضتهم في محاولة لتغيير الوضع، ولكنه يقتل أثناء الدفاع عن حبيبته علاية ولكنه لم يقتل بشكل مادي، والعمل يقول إن الرصاص لا يقتل بل يحيي بداخلنا الحق والأمل والدفاع عن حقوقنا كبشر والبحث عن العدالة والعيش الكريم، وأكدت صادق أن العمل يمكن أن يحتمل إسقاطات سياسيّة لشعوب تبحث عن الحرية والعدالة والحقيقة وغيرها من الأبعاد التي جسدت في المسرحية، وتعبّر عنها علاية حبيبة علول التي تعمل خادمة في قصر وتضطهد وتغتصب ويتم تعذيبها وعندما يحاول حبيبها أن يُدافع عنها يقتل برصاصة لم تقتله وتنطلق الثورة.
وتضيف حنان صادق: إن شخصية علاية هي خادمة تسعى لأن تقلد أهالي القصر الذين تعيش معهم ولكنها في الوقت ذاته لم تبتعد كثيرًا عن تلقائيتها وحياتها التي عاشتها مع الحرافيش وتتمسّك بحبيبها علول الذي يسعى لحمايتها من بطش من تعمل معهم، ومن خلال تدفّق وتناقض في المشاعر تنقلب الحالة من شخصية إلى أخرى، وتوضّح شخصية علاية كمية التناقض والتعارض الذي يمكن أن يعيشهما إنسان مقهور تعرّض لظلم.
عمل مختلف
بدوره يقول الفنان علي ربشة إنه يقوم بشخصيتين في هذه المسرحية الأولى هي شخصية الشرطي والثانية هي الشخص مُطلق الرصاصة، والشخصية الأولى هي شخصية متسلطة سيكوباتية تعمل على تعذيب الناس وبالأخص شخصية حاني وهو الصديق المقرّب لعلول.
وأنا في الحقيقة أجد متعة كبيرة في العمل مع المُخرج فهد الباكر، ولكنني أجد أيضًا أن العمل معه متعب كذلك خصوصًا أن العمل شهد تعديلات في فريق العمل، وهو الأمر الذي أدّى إلى تغيير جذري في طريقة التمثيل التي كنا نعمل بها، ولكننا الآن بدأنا نتمكن من أدوارنا وأدواتنا بشكل كبير وصار التحدي هو أننا ننجح في تقديم عمل مختلف ومتميّز مع كوكبة من النجوم من أكثر من بلد عربي، وأضاف ربشة إن العمل به رسائل فلسفيّة عميقة ويناقش قضايا محورية تدور حول حتميّة قيام الثورات في ظل وجود القمع والظلم والاستبداد، وليس بالضرورة أن يتم فهم العمل على أنه يشتمل على إسقاطات سياسيّة ولكن كذلك في شتى مناحي الحياة الاجتماعيّة، حيث إن الاستبداد يؤدّي إلى الانفجار.