وزير الثقافة يصدر كتاب “على قدر أهل العزم”

الجسرة الثقافية الالكترونية
أصدرت دار بلومزبري مؤسسة قطر للنشر حديثًا كتاب “على قدر أهل العزم” سيرة فكرية لسعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث.
والكتاب الذي يقع في نحو 270 صفحة من الحجم المتوسط يتضمن تسعة فصول متنوّعة القضايا والأفكار يربطها جميعًا رأي الكاتب فيها، بخلاف المقدمة التي يقول فيها الكاتب: إنه يكشف عن صلة الأحداث والذكريات المتناثرة بنظرته إلى قضايا الثقافة والدبلوماسية والتراث والفن والأدب، مؤكدًا أن ما ورد فيه من أفكار هو دعوة إلى النظر في مستقبل الثقافة، سواء في قطر أو العالم العربي أو في رحاب الفكر الإنساني وآفاقه الرحبة ليصل في مقدمته التي حملت عنوان البحر والصحراء والبوصلة: الرهان الثقافي، إلى أن ما يعتري البشرية من دمار وحروب، وما يهدّد السلم العالمي لا نجاة منه إلا بسفينة الرهان الثقافي باعتبارها الوسيلة المثلى لإنقاذ سفينة البشرية من الغرق.
وجاء الفصل الأول بعنوان “دوحة الخصوصية والكونية” لينطلق حديثه تفصيلاً عن اختيار الدوحة عاصمة الثقافة عام 2010م والاستعداد لهذا الحدث المهم وصولاً إلى النجاح الذي تحقق في فعالياتها المختلفة لينتقل بحديثه عن المؤسسات الثقافية في الدولة مثل سوق واقف و”كتارا” التي عملت مجتمعة على تحقيق التنمية الثقافية في قطر.
وفي الفصل الثاني الذي يحمل عنوان “الاستكشاف الجمالي للعالم” يتحدّث الدكتور الكواري عن رؤيته لقضايا الأدب العربي وخصوصًا الرواية التاريخية العربية والفنون المرتبطة بها لينتقل إلى الأدب العالمي، ووظائفه في مدّ جسور التواصل بين الناس، وأنه يجمع الجمال إلى الأخلاق، ثم ينتقل إلى أهم المدن التي أثرت فيه ثقافيًا وأهمها القاهرة وبيروت ودمشق وباريس ونيويورك وغيرها، ثم يتحدّث عن المتاحف وأدوارها الثقافية، كما كانت زادًا جماليًا للكاتب ومنها اللوفر والمتروبوليتان، ومتحف الفن الإسلامي ومتحف الفن الحديث ومتحف قطر الوطني.
أما الفصل الثالث فجاء بعنوان من “المجلس إلى الميديا الجديدة”، ويتناول فيه الحديث عن المجلس القطري وكونه فضاءً للنقاش والحوار في القضايا الثقافية والسياسية، ليستطرد في الحديث عن حرية الإعلام وكيف تم إلغاء وزارة الإعلام في قطر، ثم تأسيس مركز الدوحة لحرية الإعلام، ثم ثورة الميديا الجديدة التي أصبحت متنفسًا للمواطن، ليعرج على قضية دور الإعلام في بناء الهُوية الوطنية، وعن تحوّلات الإعلام وأزمة الديمقراطية.
ويخصص الكاتب الفصل الرابع للحديث عن “الدبلوماسية الثقافية”، مؤكدًا أن المدخل إلى القلوب هو الثقافة حمالة الأفكار والقيم والمعتقدات، ولا سلاح غير الإقناع العقلي والتأثير النفسي، ويتحدّث خلال هذا الفصل عن معهد العالم العربي في باريس ودوره كجسر ثقافي بين الشرق والغرب، ثم عن ثوابت الدبلوماسية الثقافية، ذاكرًا لبعض وسائلها.
وفي الفصل الخامس يتناول الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري قضية المشاورات كظاهرة ثقافية وأنماطها وذلك في المجتمع الدولي، والتفاوض والثقافة، كما يأتي الفصل السادس للحديث عن الحوار بين الثقافات والتنوّع الثقافي والعولمة.
وينتقل الفصل السابع بالقارئ إلى قضية مرتبطة بالثقافة وهي التربية ليأتي عنوانه “التربية طريق الحرية” يظهر فيه الكاتب اهتمام الإسلام والحضارة العربية بالعلم كسائر الحضارات الأخرى، ويعتبرها الكاتب طريقًا أساسيًا للحرية ثم يتحدث تفصيلاً عن تجربة بلده قطر في هذا الشأن وتأسيس مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وبعض المبادرات العالمية التي أطلقت من قطر ومنها مبادرة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر “التعليم فوق الجميع” عام 2012م ومؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم وهي مبادرة من مؤسسة قطر للإسهام في بناء مستقبل التعليم في العالم.
أما الفصل الثامن فيتحدّث عن الصناعات الإبداعية ومفهومها ونشأة هذا المصطلح، والاقتصاد الإبداعي، والصناعات الإبداعية والتنمية، وكيف أضحى الإبداع قوة نافذة في الاقتصاد المعاصر.. داعيًا العالم العربي للدخول بقوة إلى غمار هذا العالم.
ويختار الكاتب عنوان “الحرب على التراث” للفصل التاسع والأخير ليحذّر فيه من الانغلاق الفكري والعنف الهمجي ضدّ التراث الإنساني في كل مكان سواء في سوريا أو العراق أو مالي أو غيرها ليستدل بأن العهدة العمرية في بداية الخلافة الإسلامية تمثل أنموذجًا على تجذر ثقافة الاحترام والتعايش بين الأديان في إطار السلم الاجتماعي.
وفي الخاتمة يعنونها الكاتب بعنوان الكتاب “على قدر أهل العزم” وهو شطر بيت للمتنبي يقول فيه (على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. وتأتي على قدر الكرام المكارم)، حيث يؤكد الكاتب على رسالته في محاورة القارئ، وأنه يؤمن بهذه المقولة ويعتبرها منهاج حياة، غير أن الإرادة عنده تتصل بالإيمان العميق بالحرية، وأنها تنبني على العقل لا الأهواء والرغبات.
والكتاب مليء بأحاديث ومواقف حدثت للكاتب غير أن أهم ما يلفت النظر أن الكتاب مفعم بحب الوطن فلا يخلو حديث للكاتب إلا وتجد روح الوطن حاضرة والاعتزاز به سباقًا في كل قضية.
المصدر: الراية