يافا عروس البحر وأرملته / ثورة حوامدة (فلسطين)

الجسرة الثقافية الإلكترونية –خاص-
الطريق إلى هناك
تصريح الدخول ، والمجموعة الفلسطينية التي أنتمي إليها ، وهدير محرك السيارة التي تحملنا من أمام دوار المنارة في الخليل ، متجهة بنا إلى المعبر الذي يسمح لي من خلاله بدخول ما يسمى “دولة إسرائيل” ، حيث يقع إلى شمال مدينة بيت لحم ويعرف بمعبر ال”300″ . تُشهر تصريح دخولك في وجه الجندي القابع في غرفة مغلقة ، لا تستطيع أن تكلمه سوى من خلال فتحة صغيرة جدا ، لا تتجاوز 5 سم مربع، ثم يطلب منك أن تضع أصبع الشاهد على جهاز البصمة ، ليتأكدوا من عدم وجود سوابق جنائية لك داخل دولتهم ، يمعن النظر في صورتك على تصريح الدخول ، وإن أحس بأنه لم يتاكد من تطابق صورتك الشخصية في التصريح مع شكلك الحالي يطلب منك الهوية الشخصية . سُمح لي بالدخول، ولم يكن في داخلي صورة مختلفة للمكان الذي أنا ذاهبة إليه ، فقد توقعت ما ينتظرني ، لأن المناطق التي عبرت منها أثناء مروري لمدينة يافا ، كانت مختلفة ، بدءا من القدس الشرقية ، ومرورا بالقدس الغربية ، ثم تل الربيع ثم يافا . لم أشعر بأنني قطعت مع الوقت ساعتين ونصف ، تنقلت بها بالمناطق الممتدة على طول النظر ، لأفاجأ بالسائق يعلمنا بالوصول للمكان المنشود ، والذي ينتظرنا فيه إخوتنا فلسطينيو الداخل . جولة في يافا استعد بعضنا لجولة لا تتجاوز الساعتين في ربوع يافا ، أنا أخذت ألتقط بعض الصور لمنارة بحرية قديمة ، تقع في الجهة المقابلة لمدينة يافا القديمة ، وأشاهد الأكثرية اليهودية تتجول في الشوارع ، تعانق التفاصيل الغائبة عنا منذ ال1948 ، فهنا البحر لا يخلو من سفينة لا تحمل العلم الإسرائيلي ، وحتى السيارات يُرفع على مؤخرتها علم الدولة المزعومة ، كإثبات حقيقي على أن المكان بثقافته وسكانه قد أصبح جزءا لا يتجزأ من الدولة اليهودية الإسرائيلية . الأسواق التجارية دليل واضح على هويتي ، لمحت بها تاريخ الاجداد والأزمان الماضية ، يأخذك الطابع الفلسطيني القديم في البناء فتشعر بأنك وسط البلدة القديمة في الخليل ، لكنك تفاجأ عندما تدخل للمحلات التجارية بأن من يمتلكها هم فقط من اليهود ، وهنا تبدأ المعركة الكبرى في إثبات الأحقية التاريخية بالمدينة ، فأنا فعلا لا أتقن العبرية ، وكانت المشكلة كيف سأستطيع الشراء أو التحدث ، لأفاجأ باليهود هناك يتكلمون العربية بطلاقة ، لتكون أيضا اللغة العربية والمباني التاريخية شاهدة على القضية وصدقها . عندما تتجول في أزقة يافا القديمة ، لا ترى السيارات مطلقا ، لأن الطريق المخصصة للمشي بنيت بنوع من الحجارة القديمة البارزة ، لا تستطيع السيارات المسير عليها ، لأنها تنتهي دائما بدرج يؤدي إلى زقاق آخر ، ومن زقاق إلى زقاق ، تصل بي المغامرة لمسجد يافا الكبير ، بني في العهد العثماني عام 1812 ، كأحد المعالم المهمة في المدينة ، ويقف إلى جانبه شامخا برج ساعة السلطان عبد الحميد ، يدل بشموخه على أهمية يافا الاقتصادية والسياسية والتجارية قديما . الغريب في الأمر أن الحكومة الإسرائيلية وضمانا لمخططات التهويد ، وحّدت مدينة يافا مع مدينة تل الربيع ” تل أبيب حاليا ” من الناحية الإدارية، لذا نلحظ كثيرا ذكر اسم تل أبيب في معترك الحياة السياسية أكثر من يافا ، سواء بالانتخابات ، أو مراكز العمل السياسي ، أو المؤسسات الرسمية للدولة ، مما أدى إلى طمس اسم يافا فعلا من الناحية التاريخية . انتهيتُ من جولتي التي شملت الشاطئ القريب للميناء ، وتوجّهت للسيارة التي ستقلنا للمعبر الذي دخلنا منه للكيان. ورغم انتهاء الرحلة ، لم أنتهِ من النظر إلى الصور التي التقطتُها للأمكنة هناك ، ولم ينتهِ الزملاء الذين عادوا معي من الكلام عن جماليات المكان ، واتفاقهم على العودة ثانية لاستكشاف يافا مرة أخرى ، مجمل الأحداث كانت تشعرني بأن الزمان شاهد على الخيبة ، وبأن الرحيل ليس إلا بداية ننتقل منها لما نريد