يا أهل غزة.. حيّ على الصمود – على الزهيري

الجسرة الثقافية الالكترونية – خاص –
نعلم أنّ أيديكم في النار وأيدينا في الماء، وأننا ننظّر من خلف الشاشات والزجاج المصقول، بينما أنتم مضمّدون بالشاش من أثر الزجاج والشظايا، وأننا ننزعج من تأخر أحد أفراد عائلاتنا عن مائدة الطعام؛ فنستعجله، بينما لا تستعجلون مثيله عندكم لأنه لن يحضر أبداً ولن يجلس إلى هذه الطاولة مرة أخرى.
لكننا بكل ما لمفهوم الخجل والحياء من معنى لدى البشرية ندعوكم لأن تصبروا، ونقسم لكم بكل ما هو مقدس أنّ قلوبنا في النار ومجرّحة وتنضح بالشظايا والزجاج ولا طعام لها، ولا نملك إلا أن نصلي لأجلكم وأن نفرغ حناجرنا وأقلامنا بدعوات الصمود، نرجوكم أن تصمدوا، ولا تتراجعوا ولا تفقدوا إيمانكم بالله والمقاومة، فأنتم المقاومة الحقيقية لا المقاتلون أو الصواريخ التي يطلقونها حتى ولو كانت نووية، فنرجوكم أن تصمدوا!
أنتم المقاومة التي لا تكسرها الخطط العسكرية، والرهان عليكم وحدكم، إنّ غزة أنتم، وفلسطين أنتم، وإنّ استعار الهجمات بهذه الطريقة ما هي إلا محاولة للضغط عليكم ودفعكم نحو الاستسلام والهزيمة، لأنهم يعلمون الحقيقة، حقيقة أنكم أنتم المقاومة لا غيركم، فنرجوكم أن تصمدوا!
واعلموا أنّكم قد سرتم على الرمضاء طويلاً، وإنّ المتابعة أهون وأنفع من العودة حتى وإن بان العكس، وإنّ الموت الذي في الأفق ما هو إلا سراب، وإنّ باب العودة ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، فنرجوكم أن تصمدوا!
إنّ من يدفع أكثر من ألف شهيد وما لا يعد ولا يحصى من الدمار، يستطيع أن ينتصر، وستنتصرون نصراً فعلياً في ساحة المعركة لا بالصمود فحسب، وإنكم على على بعد خطوة منه، وما جاء العيد إلا ليقهر ابتساماتنا ومجاملاتنا ويعلي راياتكم، فنرجوكم أن تصمدوا!
إنّها المرة الأولى التي لا نجنح فيها للسلم قبلهم، ولا نسيء فهمنا، وهم الذي يدعون العالم إلى وقف النار لأنهم مرعوبون ومهزومون، وأنتم الأعلون، وقد غيرتم مفهوم المقاومة، إذ لم تعد دفاعاً، وإنما صارت هجوماً، وصرنا في هذه الحرب نبادر بإطلاق الصواريخ، ونرفض الهدنة التي يضعونها وحدهم، فنرجوكم أن تصمدوا!
واشتعال الضفة يتزايد الآن شيئاً فشيئاً وهذا بفضلكم، وإنّ هذا الاشتعال يربك إسرائيل، ويشتتها ويزيد خسائرها، وسيجبر الفصائل الأخرى على الدخول علناً في الاشتباك، فعلّكم توحدون الصف بصمودكم وتعيدون المقاومة المشتركة في كل فلسطين، فنرجوكم أن تصمدوا، نرجوكم أن تصمدوا، نرجوكم أن تصمدوا.