أسعد طه في دورة حول الفيلم الوثائقي في المغربتحت عنوان «أريد أن أصنع فيلماً وثائقياً»

الجسرة الثقافية الالكترونية

زبيدة الخواتري*

المصدر / القدس العربي

أشرف الصحافي والإعلامي المصري أسعد طه مؤخرا على دورة تكوينية حول الفيلم الوثائقي في مدينة الرباط المغربية تحت شعار «من النظري للتطبيق»، منطلقا من تجربته كمراسل ومذيع لقناة «الجزيرة» القطرية حيث قدم وساهم في انجاح العديد من البرامج الوثائقية من بينها برنامج «نقطة ساخنة». وقد عنون مداخلته بــ»أريد أن أصنع فيلما وثائقيا»، والمعروف عنه أنه مارس الصحافة المكتوبة قبل أن يتخصص في إنجاز الأفلام الوثائقية التي قادته إلى القيام بتغطية الحرب كاملة بيوغسلافية السابقة كرواتيا والبوسنة والهرسك منذ عام 1992الى عام1996، كما أنه اجرى عدة حوارات هامة مع العديد من القادة والسياسين عبر العالم منهم ملك المغرب محمد السادس. لينتهي به المطاف إلى تأسيس شركة انتاج البرامج الوثائقية هوت سبوت فيلمز في دبي بالإمارات العربية المتحدة.
وحول هذه الدورة التكوينية قال: «الدورة التكوينية التي نحن بصددها لا يمكنها أن تحقق كل شئ ففي بعض الاحيان يكون عند بعض المشاركين مفهوم خطئ انه بين عشية وضحاها سيكون هذا المشارك قد فهم واستوعب كل الأمور، لا اظن ذلك لأن هذه الدورة أشبه بورشة عمل، المقصود منها هو الإلمام بهذا المجال لأجل وضع الأقدام على الطريق الصحيح، ومن أجل الوصول الى ذلك فالأمر يحتاج لدورات وتكوينات أخرى، لأنه وكما تعلمون أن هذه الامور تدرس في الجامعات لسنوات طويلة وليس من السهل استيعابها في فترة قصيرة، لكن أنا مؤمن ان الممارسة هي التي تختصر كل الطرق. بالمناسبة لي فأنا لم أدرس الإعلام نهائيا فالمهنة مارستها وعلمتها لنفسي بنفسي منذ بداية العمل الصحفي.
الأمر الثاني، العمل التلفزيوني هو عمل جماعي بحيث كانت مفاجئة لي لما آنتقلت من الكتابة الصحفية إلى العمل التلفزيوني حيث في الكتابة الصحفية كنت أنا المسؤول عن المكتوب من الألف إلى الياء، أما بالنسبة للعمل التلفزيوني فالمسؤول فيها هو مجموعة من الأشخاص ابتداءا من المصور إلى المونتير، وحتى سائق السيارة… لهذا أتمنى أن تكون هذه الدورة، خلال الأيام الخمسة، مطبوعة بالتعاون لأجل الرقي بهذه التجربة الفنية التدريبية…» موضحا أن الأمر لا يتعلق بالعلوم البحثة كالفيزياء والرياضيات أو ماشابههما. مركزا على أن ما سيقدمه، «هو تجربة شخصية وهي ليست بالضرورة صح أو خطأ بل هي ألوان من هذه الفنون الجميلة لأنه فيما يخص الفيلم الوثائقي فلكل واحد تجربته الشخصية ورؤيته ولهذا فأنا في هذه الدورة التكوينية سأتحدث عن حصيلة تجربتي ومن هنا يجب ان نبتعد عن النظريات وذلك حتى إذا مرت الخمس أيام يمكن أن نصل إلى شئ، من خلاله يمكن أن نكون قد أخذنا تصورا عن هذا المجال الفني والإعلامي»، مضيفا بأنه لا يوجد قانون صارم في هذا المجال، ناصحا المستفيدات والمستفيدين بالإطلاع على كتاب مترجم للعربية يسمى «صناعة الافلام الوثائقية « لكون البعض يعتبره دستورا للعمل في الفيلم الوثائقي.
وقد انطلق اليوم الأول بعملية الإلمام بأهم مراحل الفيلم الوثائقي، من خلال عرض فيلمين وثائقيين، كأرضية للنقاش بهدف البحث عن أفكار قابلة للتصوير.
وخلال النقاش أوضح أن:» الفيلم الوثائقي معني بالواقع هو يعمل على كشف حقيقة…». بالنسبة له ليست لاتنحصر هذه الحقيقة بالضرورة في الفساد السياسي، فقد نتناول الظواهر الإجتماعية أو الإنسانية وحتى الظواهر الطبيعية. مشددا على أن هناك فرق بين الفيلم الوثاقي والفيلم الدرامي من كون الأول موضوعه معالجة الواقع بطريقة خلاقة، فهو: «موضوع واقعي»، كما أن هناك المعالجة الأحداث من وجهة نظر معينة، أي هناك « وجهة النظر الشخصية «في بناء هذا الفيلم الوثائقي…
ثم قدم للمستفيدين نموذجا لفيلم وثائقي عن الرئيس الاسبق للبوسنة علي عزة بيكو فيتش، الذي تطلب منه العديد من اللقاءات مع الذين عرفوا الراحل، إلى جانب الاستعانة بأحد الباحثين، ليتبنى وجهة نظر تعتبر علي عزة بيكو فيتش: «مناضل ومفكر…»، لكن هذا لا يعني انجاز فيلم وثائقي من عشر ساعات.
مضيفا أن: «كل الكلام ينجح او يفشل على حسب الممارسة، وكل فيلم هو تجربة جديدة، ولكل موضوع أو فلم تجربته الخاصة، وفي هذه الأمور لابد من الارتباك لأنه لا يمكنك الدخول الى تجربة جديدة دون ارتباك وإلا سيصبح الأمر نوعا من الغرور. فالإرتباك هنا ليس تردد أو ضعف إنما هو ارتباك لأجل جمع شمل الطاقة لأجل الابداع، كل فيلم له زاويته».
وإذا كان الخبر، بالنسبة إليه، قد علمه سرد الأحداث بكلمات قليلة، فإن الفيلم الوثائقي علمه كيف يوصل الصورة للمشاهد «بتقنية مختصرة لكنها مؤثرة» موضحا أنه يمكن القول بأن مدينة الرباط مدينة هادئة، كوجهة نظر يمكن ألا تنطبق على الآخر، إذ لكل منا زاوية نظره.
ثم دعا الحاضرين»لقراءة كتاب تحت عنوان « كتاب القصة مبادئ» ففي هذا الكتاب العديد من الاحداث والأفكار المهمة والتي من خلالها يمكن رسم صورة عن القصة والمبدأ»، وهو كتاب يتطرق لواقعة إلحاح أفلاطون على نفي كل الشعراء والحكائين لأنهم يخفون افكارهم داخل عواطف الفن ولان قصصهم مؤثرة تشع منها فكرة مشحونة للمتلقين تدفعهم ليؤمنوا بها ويصدقوا معناها حتى ولو وجدوها كريهة من الناحية الاخلاقية…»، مشددا على أهمية الحكي بالنسبة للفيلم الوثائقي، لأنها تحنبه إصابة المتلقي بالملل…
وقد تميز اليوم الثاني بالنقاش واستخلاص القوانين وإغناء الجانب النظري. اليوم الثالث والرابع عرف إنجاز فيلمين وثائقيين، واحد لكل مجموعة، تناول الأول عملية العبور عبر قنطرة أبي رقراق، والذي تمت عنونته بــ»حكاية عبور»، والثاني تحت عنوان «من طين» تناول صناعة الفخار. أما اليوم الخامس فقد تم تخصيصه لمشاهدة الفيلمين وتقييم الدورة، وتوزيع شهادات الدورة.

 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى