أورهان باموق في افتتاح مهرجان القاهرة الأدبي: التاريخ هو الحاضر ووظيفة الكاتب إعادة اختراع هذا الحاضر

الجسرة الثقافية الالكترونية

*رانيا يوسف

المصدر / القدس العربي

افتتح الكاتب التركي أورهان باموق الدورة الأولى من مهرجان القاهرة الأدبي في دورته الأولى، التي تقام تحت شعار «مزج الثقافات وتواصل الأجيال»، وذلك بمصاحبة الكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد، ودار نقاش خلال الندوة التي أقيمت بحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء حول المقاربة الأدبية بين أعمال باموق وعبد المجيد، خاصة تأثرهما الكبير بالمدن التي عاشا فيها طفولتهما والذي يظهر جلياً في أدب كل منهما، وتعتبر هذه المقاربة حوارا بين مدينتي الإسكندرية واسطنبول.. تداخلت فيه الذاكرة والتاريخ، ومزج بين الذاكرة الشخصية والذاكرة الجمعية، خاصة في رواية «اسمي أحمر» وفي رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية»، كل منهما كانت تعيد كتابة تاريخ المدينة.
حيث أكد الكاتب التركي الحائز جائزة نوبل للأداب عام 2006 أن التاريخ هو الحاضر، وأن وظيفة الكاتب هي إعادة اختراع هذا الحاضر، وأوضح أنه ليس هناك حاضر مطلق، الحاضر هو عبارة عن عدة روايات، وبالنسبة لي تأليف الجملة الجيدة أكثر أهمية من فكرة التأثر بالماضي، الشخصية الكاملة هي التي تحمل ذاكرة شخصية، بالإضافة إلى التداخل مع التاريخ الجمعي.
وأضاف باموق: «عشت طوال حياتي في مدينة اسطنبول، وبالنسبة لي لم يكن اهتمامي التركيز على إبراز هوية مدينة اسطنبول تاريخيا، وأكثر ما كان يشغلني الكتابة عن الإنسانية وفكرة وجود الإنسان في هذه المدينة، لم يكن لدي وعي بأنني أكتب المدينة، إلا بعد أن ترجمت الرواية إلى عدة لغات، فوجدت في كل مرة أخرج فيها من اسطنبول جمهورا يشير إليّ ويقول كاتب اسطنبول، فأصبحت الرواية تنتمي إلى هذا النوع. وأضاف أن الأدب الحديث يرتكز أكثر على فكرة وجود الإنسان موظفاً كل المتغيرات التي تحيط به في إعلاء هويته الإنسانية».
وأشار إلى أن الأديب يعبر عن نفسه من خلال المدينة عن طريق مواجهة التغيير الذي أصابها عبر ذاكرته، والذي يترك بصمته بالفعل على الإنسان، ومن هنا ترتبط قصة المدينة بالإنسان ويضعها في إطار محدد ومنصف للقارئ، بالنسبة لي ذكريات المدينة هي القصة التي سأكتبها عن نفسي. وأوضح أن القيود التي قد تفرضها بعض السلطات على حرية التعبير تمنح الكاتب حافزا أكبر للتنصل من المباشرة في السرد وتفتح له أفقا أوسع من الخيال.
الكاتب التركي قال إنه منذ سنوات بدأ كتابة مذكراته، الشيء الجيد عند الكتابة عن المدن هي الشعور بمشاعر مختلفة، يسجلها المكان الذي يحتويها في ذاكرتنا التي تتراكم داخلنا وهي التي تبني تجاربنا الحياتية التالية ونستدعيها عند الكتابة، فبعد فترة من الحياة في هذه المدن يصبح المكان فهرسا لذاكرتنا عندما نعود اليها.
الكاتب إبراهيم عبد المجيد قال، إن هناك بعض المدن لم تعد موجودة، مثل مدينة الاسكندرية وما تبقى اليوم هو أي شيء آخر غير مدينة الإسكندرية التي ولدت فيها خلال الاربعينيات، حيث عشت فيها أساطير كانت تروى لي، هذه المدينة الكوزموبوليتانية كانت عاصمة العالم قبل أن يتم طمس جمالها، بعد أن غادرها الأجانب، حيث أصبحت مدينة مصرية خرجت منها الروح العالمية. السلطة اعتبرت أن المدينة يجب أن تتخلص من آثار الاستعمار، ومع الوقت فقدت المدينة روحها العصرية. وأشار عبد المجيد إلى أن له تصورا مختلفا وهو أن يعيد تفسير الماضي وفقاً لما يشهده الحاضر، وأوضح: «كنت أرى بعض الاتجاهات الأدبية تعرض المكان وفقا للشخصية، وهذا الاتجاه رومانتيكي، أما الرواية الحديثة فقالت إن المكان مستقر، لكنني شعرت بأن الإنسان ابن المكان يؤثر فيه ويتأثر به».
محمد البعلي مدير صفصافة للثقافة والنشر والمدير التنفيذي للمهرجان أكد أن فكرة المهرجان ليست جديدة في مصر، لكنهم اطلقوها في هذا الوقت تحديداً لتكون فرصة للحوار مع الآخر، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة العربية والتي قد يشكل تراجع الوعي الثقافي أحد أسباب التطرف، وأكد أن المشروع يهدف إلى تعزيز التواصل بين جمهور الأدب من جهة والكتاب من جهة أخرى، كما يهدف لتقوية أواصر التواصل بين الأجيال المختلفة من الكتاب المصريين والعرب، وكذلك لتعزيز التبادل الثقافي بين الأدب العربي وآداب الشعوب الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى