التحولات العراقية كانت سبباً لتطور فن الكاريكاتير… العراقي عبد الرحيم ياسر: رسومي لا تخلو من العفوية خوفاً من سيطرة الصنعة

الجسرة الثقافية الالكترونية

*صفاء ذياب

المصدر / القدس العربي

 كان لريشة الفنان عبد الرحيم ياسر لمسة خاصة في انتقاد الواقع العراقي منذ سبعينيات القرن الماضي، هذه الريشة التي اختارتها صحيفة «الأوبزيرفر» البريطانية لتكون ضمن أهم عشرة فناني كاريكاتير في العالم ضمن فعاليات مهرجان فينيسيا عام 2013.
ياسر اختار لنفسه طريقاً خاصاً، رغم أنه يؤكد أن هذا من ضمن تقنيات الفن العراقي، وهو أنه لا يرغب بتفاصيل كثيرة في رسم كاريكاتيراته، فقد كانت أغلب رسومه صامته وبسيطة في الوقت نفسه، غير أنها تمثل عمقاً وبعداً فنياً من طراز خاص، خصوصاً بعد أن شكل مع الراحل مؤيد نعمة ثنائياً على مستوى الفن والحياة، ورغم افتراقهما في طرائق التعبير، غير أنهما لم يفترقا حتى رحيل نعمة المفاجئ قبل سنوات.
ياسر (المولود في الديوانية عام 1951) بدأ الرسم منذ نهاية ستينيات القرن الماضي، وحصل على أكثر من جائزة خلال مسيرته الفنية، منها: الجائزة التقديرية في مهرجان فلسطين العالمي، عن كتابة ورسم الفلم الكارتوني «الشجرة» بالاشتراك مع الفنان رائد الراوي، والجائزة الأولى مناصفة في معرض كاريكاتير العالم الثالث للرسامين العرب والأفارقة في القاهرة، وغيرها الكثير:

■ في سبعينيات القرن الماضي انتقل فن الكاريكاتير إلى عالم جديد بفضل الثلاثي المعروف مؤيد نعمة وعبد الرحيم ياسر ورائد الراوي، ما الذي أدى لهذا الانتقال وما آليات التحديث التي اشتغلتم عليها؟
□ في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي تشكلت ظروف عديدة أسهمت في نهضة رسوم الكرافيك الصحافي بشكل عام والرسوم الموجهة للطفل والكاريكاتير بشكل خاص، ومع أن هناك مجلتين كاريكاتيريتين كانتا تصدران في هذه الأثناء، هما «المتفرج» لصاحبها مجيب حسون. و»الفكاهة» للرسام وأستاذ الفن حميد المحل، فإن انتشار الطباعة الجديدة بالأوفسيت وصدور مجلة «العاملون في النفط» التي خصصت مساحة لا بأس بها للرسوم المصاحبة للموضوعات وأخرى للكاريكاتير، ومجلة «ألف باء» التي أعطت مساحة أوسع لهذه الرسوم وللكاريكاتير بشكل خاص على غرار مجلتي «روز اليوسف» و»صباح الخير» المصريتين، كانت عوامل مساهمة في هذه النهضة الجديدة.
غير أن الحدث الأهم؛ في تقديري، هو صدور مطبوعتي الأطفال «مجلتي» و»المزمار»، ومن ثم سلسلة الكتب الموجهة لهم، مما تطلب انخراط عدد كبير من الرسامين وطلاب الفن من المواهب الواعدة التي شكلت في ما بعد الأساس في نهضة الكرافيك الصحافي بشكل عام والكاريكاتير بشكل خاص، وكانوا النواة في تأسيس جماعة الكاريكاتير العراقي عام 1976 وما تلاها من إقامة العديد من المعارض والأنشطة. إن أسماء الفنانين الثلاثة الذين ذكرتهم كانوا ضمن المؤسسين لهذا التجمع، إضافة لأسماء مهمة أخرى، مثل نزار سليم وضياء الحجار وموسى الخميسي والفنان بسام فرج، الذي كان حلقة الوصل بين جيل سابق وجيل جديد مهَّد لهم، وكان حاضراً في كل هذه المطبوعات الجديدة التي وسَّعت مساحة النشر وكانت مكاناً وحاضنةً لتدريب وصيرورة مواهب كثيرة انتشرت داخل وخارج العراق. في ما يخصنا؛ نحن الثلاثة، كان لابد لرسومنا كجيل جديد أن تكون مغايرة للسائد، لكن ذلك جاء مع الوقت، على الأقل بالنسبة لي.
لقد اطلعنا على من سبقونا من الرسامين وتأثرنا بهم، لكن انفتاحنا على الخارج، خصوصاً المدرسة البلجيكية ورسامي أوروبا الشرقية وغيرهم- كما شكلت الحركة الثقافية النشيطة لهذه المرحلة والاطلاع على الشعر الحديث ودراستنا لمدارس الفن وفلسفته والاحتكاك والحوار- أساساً في توسيع مجال الرؤية، وصارت رسومنا تتناول موضوعات أخرى ذات طابع ثقافي وإنساني، فضلاً عن استخدامنا لأدوات وخامات أكثر تنوعاً.
لقد عمل مؤيد نعمة لفترة طويلة كرسام في صحيفة «طريق الشعب» (صحيفة الحزب الشيوعي العراقي) مما أكسب رسومه طابعاً سياسياً وانضباطاً في معالجة المعلومات، إضافةً إلى امتلاكه الموهبة والذكاء في اقتناص الأفكار، أما تقنياً فقد كانت رسوم مؤيد نعمة مثيرة بصرياً، ورغم المغايرة الواسعة في الأشكال والتفاصيل، فإنها احتفظت بمهارة الصانع في التصميم والتكوين والخطوط لتشكل مشهداً غايةً في البراعة.
فيما يخصني تواصلت مع الرسم في صحافة الأطفال من دون انقطاع، فضلاً عن عملي في معظم المنشورات العراقية، ومنها «المتفرج» و»ألف باء» و»الجمهورية» وغيرها. غير أني لم أكن أعمل بشكل متواصل، فقد كنت أعمل حينما أشاء وفقاً لتوفر رغبتي في قول شي ما، لذا فقد أتيح لي أكثر من غيري التجريب والبحث والتغيير.
أما رسوم رائد الراوي، التي ظهرت لأول مرة عام 1974 من خلال «مجلتي» و»المزمار»، غير أنها لم تشتهر إلا عندما رسم لمجلة ؟ألف باء» عام 1976، فقد كانت متفردة وحديثة حقاً، فخطوطه الرقيقة واللينة تبدو وكأنها خط متصل يمر على تفاصيل اللوحة ليشكلها مرةً واحدة، إن استخدامه لقلم الروترنغ ساهم في ذلك، كما تميزت الأشكال والتفاصيل التي يرسمها بالبساطة والتجريد مع مبالغة في تكبير الرؤوس والأطراف، وكانت مواضيعه التي تناولت الحياة اليومية للناس والالتقاطات المرحة والذكية للأفكار سبباً في أن يصبح مثار إعجاب شريحة واسعة من القراء والمثقفين.
■ كنت أنت ومؤيد نعمة متلازمين وتشتغلان بشكل متوازٍ، فهو يعمل على تكنيك الخط والكلام وأنت تعتمد على الاختزال والصمت، كيف نفهم المدارس التي أثرت فيكما معاً، وما وجه الاختلاف في أسلوبيكما؟
– علاقتي بمؤيد نعمة كانت منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، كنا بالعمرنفسه، عملنا معاً في «مجلتي» و»المزمار»، ودرسنا في معهد الفنون الجميلة وكلية الفنون الجميلة واشتركنا في المعرض الأول لرسامي الكاريكاتير، وساهمنا في تأسيس التجمع الأول لرسامي الكاريكاتير العراقي عام 1976، كما اشتركنا معاً في العديد من المعارض داخل وخارج العراق، سافرنا معاً وتشاركنا في الكثير من التفاصيل والهموم حتى صار مؤيد مع الزمن جزءاً من طقسي اليومي، أزوره ويزورني في البيت أو الدائرة، كنا معاً حتى لحظة رحيله المفجع، لكن إعجابنا ببعضنا وتأثيراتنا المتشابهة لم تمنع اختلافنا في العديد من التفاصيل وفي الأسلوب، منها أنه كان يرسم رسوماً مشغولة بإتقان الصانع الماهر، في الوقت الذي كنت أسعى فيه لرسوم سريعة لا تخلو من العفوية خوفاً من سيطرة الصنعة. كانت رسوم مؤيد تستند إلى يقين آيديولوجي وتؤشر على الخطأ والصواب، لكن رسومي تخلو من هذا اليقين لأنني أبحث عنه من خلال المشاركة والحوار مع القارئ.
دراسة مؤيد وتخصصه في السيراميك وعمله لفترة طويلة في تطويع الطين وتنقيته وانتظار تشكل الألوان داخل الأفران والكثير من التفاصيل، أكسبته دأباً وصبراً لابد منهما في مثل هذا العمل، في الوقت الذي كان تخصصي بالرسم وهو لا يحتاج لكل هذا، إنه أكثر سهولة ويسراً في إنتاج الأعمال.
كانت الكثير من أعمال مؤيد بلا تعليق، ولقد أقمت له بعد رحيله؛ بمساعدة آخرين، معرضاً كبيراً لبعض هذه الرسوم، لكنه كان يجيد التعليق ويستخدمه، قال لي مرة إنه يشعر بضرورته أحياناً للتواصل مع عامة الناس. أما أنا فإنني منحاز إلى الرسم، وأعتقد أنه لغة مختلفة قادرة على التواصل والتوصيل، كما أبحث عن مشاركة القارئ في التأويل والمساهمة في تأليف العمل.
■ ما العوامل التي ساهمت بنشوء الكاريكاتير العراقي ومن هم أشهر الرسامين الذين سبقوكم؟
□ الكاريكاتير بشكله الحالي نشأ مع نشوء الصحافة الورقية، لكنه في الأساس فن اعتمد على المفارقة، وهي ومن ضمنها السخرية أسلوب نشأ منذ القدم للتعبير عن الحياة وليس أدل على ذلك من القصص والأشعار والرسوم والمنحوتات في حضارة وادي الرافدين والحضارات اللاحقة. وفي العراق أيضاً تزخر الثقافة الشعبية بالمفارقة الشفاهية والأشعار التي تعتمد على التورية في استبطان المعاني المغايرة لما يبدو ظاهراً، إضافة إلى المحكيات الساخرة المتداولة بين الناس.
لكن الكاريكاتير العراقي الصحافي يعد حديثاً بالنسبة لبلدان أخرى، إذ ظهرت عندنا في 29- 9- 1931 أول مجلة كاريكاتورية وعلى غلافها كان الكاريكاتير الأول المنشور في الصحافة العراقية. قبل هذا العام كانت (الهيدات) والأشكال المرسومة تستغرق وقتاً عند إرسالها إلى اسطنبول أو لبنان حتى تتقولب وترسل إلى بغداد كي تكون جاهزة للاستخدام في الصحافة الورقية، إلا أنه بعد إنشاء أول معمل للزنكوغراف في بغداد ظهرت صحيفة «حبزبوز» وعلى صدر صفحتها الأولى رسم كاريكاتيري لصاحبها نوري ثابت وهو يمتطي مدفعاً كان معروفاً عند أهالي بغداد بـ(طوب أبو خزامة) ممسكاً بقلم على شكل رمح متحدياً وساخراً من محاولة لاغتياله كانت قد جرت قبل صدور الصحيفة. بعد هذا التاريخ صدر العديد من الصحف والمجلات الكاريكاتيرية منها «العندليب» و»أبو نواس» و»كشكول» و»النديم» و»قرندل» و»كناس الشوارع» و»الفكاهة» و»المتفرج» وغيرها، كما ظهرت الكثير من الأسماء، منها سعاد سليم وعبد الجبار محمود ومصطفى أبو طبرة وحميد المحل وآخرون، لكن أهمهم في تقدير أغلب الباحثين كان الفنان غازي البغدادي، الذي يعد الأساس في نشوء الكاريكاتير العراقي الحديث.
■ على الرغم من انفلات أعمالك من الأطر الضيقة التي يشتغل عليها الكثير من رسامي الكاريكاتير، فقد أنشأت لنفسك خطاً يقترب من عالمية اللوحة، إلى أي مدى يمكن للفنان أن ينطلق من المحلية للعالمية؟
□ لم أكن متفرداً في ذلك. وحقيقة الأمر أن الجيل الذي أنتمي إليه، وبسبب الانفتاح على ثقافات العالم وكل العوامل التي سبق وأن أشرت إليها كان قد خرج عن الأطر الضيقة لما كان سائداً قبل ذلك، بدليل أن رسوم رسامي الكاريكاتير في العراق استقبلت في المعارض الدولية استقبالاً حسناً، وحصلت على العديد من الجوائز المهمة في مهرجانات رصينة، بما يعني أنها معتبرة ومفهومة للآخرين. وأعتقد أيضاً أن حساسية الرقيب في مرحلة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات في المكان الذي أنتمي إليه ساعدت أيضاً في جعلنا نلتفت للخارج ولا ننخرط كثيراً في محاورة الداخل. الكثير من رسومي بلا كلام، مجردة من التفاصيل والملامح والأزياء والبيئة، إنها عامة، وموضوعاتها كذلك، يمكن أن تحدث في أي مكان مما يتيح للقارئ أن يفسرها ويسقطها على الداخل من دون أن أكون مسؤولاً عن تأويله أمام الرقيب. أما اليوم، فإن وسائل الاتصال الحديثة قربتنا أكثر وصرنا نعرف أكثر من أي وقت مضى أن بيننا وبين العالم من حولنا الكثير من المشتركات، وأننا أكثر تشابهاً مما نظن. كلنا نتفاعل ونعرف عن الفقر والأمية والمرض والتعصب والإرهاب والخوف والتغيير المناخي والحروب، كما أننا نحزن ونفرح ونضحك ونبكي بطريقة متشابهة، نتشارك في حبنا للموسيقى والغناء والفنون والشعر والسينما وكرة القدم وغيرها. لقد جعلتنا وسائل الاتصال في بيت واحد، لذا فإن كل الأعمال الفنية التي تعي الحاضر وتلامس هموم الناس وتطلعاتهم وهواجسهم ولها القدرة على النفاذ والتأثير هي فنون عالمية التوجه… غير أن صفة العالمية تستخدم على الأغلب، بما يعني التسويق والانتشار، وهو ما لا ينطبق على الكثير من الرسامين الجيدين حول العالم.
■ اختيارك ضمن أفضل عشرة فنانين في مهرجان فينيسيا الدولي عام 2013 من قبل نقاد الفن في مجلة «الاوبزيرفر» البريطانية مثَّل انتقالة لفن الكاريكاتير العراقي، ما حيثيات اشتراكك في هذا المهرجان، وما المعايير التي تم اختيارك من خلالها، وما الذي أضافه لك هذا الاختيار؟
□ ابتداءً، لم أكن مستعداً للمشاركة في هذا المهرجان، فقد كنت منشغلاً كثيراً، لكن تم الاتصال بي من قبل مؤسسة رؤية الثقافية، وهي مؤسسة أهلية عراقية بناءً على طلب منسق المعرض البريطاني الجنسية )جونثن)، وهو الذي تجول في العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وزار الأماكن والآثار والشوارع ومحترفات الفنانين والمراكز الثقافية والفنية لأشهر عديدة… كل ذلك تمهيداً للمشاركة العراقية في هذا المهرجان وهو من أقنعني بعد لقائنا بأهمية مشاركتي في هذا المهرجان مع عشرة فنانين آخرين بتخصصات متنوعة، لاسيما أن ذلك سوف لا يتطلب مني جهداً إضافياً عدا جلب أصليات بعض رسومي المنشورة التي كان قد اطلع على بعضها مسبقاً، ومن ثم السفر إلى فينيسيا لمصاحبة المعرض والمشاركة في المهرجان. أما المعيار الذي اختيرت على أساسه أعمالي، فقد كتبوا الآتي (كيف يمكن أن تزور البينالي من دون المرور على البيت العراقي ومشاهدة هذا النوع من الفن الحاد المتمثل برسوم عبد الرحيم ياسر المكثفة للمعنى بخطوط بسيطة).. إن أهمية ذلك تكمن في أن الفن العراقي والكاريكاتير جزء منه كان حاضراً ومنظوراً في مهرجان كبير ومهم حتى أن المعرض العراقي كان من بين الأمكنة التي ينصح بزيارتها في هذا المهرجان، وأن هناك الكثير من الضوء قد سلط على مشاركات الفنانين العراقيين.
أفرحني أيضاً أن الأعمال التسعة التي اختيرت معي من قبل النقاد هي من بين الأعمال التي استوقفتني كثيراً في أثناء مشاهداتي في هذا المهرجان. كما أثار إعجابي أن أعمالاً صغيرة بحجم الكف في مكان بعيد عن مركز العرض الكبير يمكنها أن تكون مثار اهتمام مؤسسة رصينة مثل الاوبزيرفر، واهتمام آخرين من دول مختلفة اتصلوا بي من أجل شراء هذه الأعمال، كما أن أحد الفنانين كتب من ألمانيا: (إن أعمالك ملهمة لي).
■ قلت في أحد تصريحاتك أن جلَّ رسامي الكاريكاتير في العراق يمتلكون تقنية جيدة نتيجة دراستهم الأكاديمية للرسم وهذه ميزة مهمة من ميزات رسوم الكاريكاتير العراقي، من خلال جولاتك ومشاركاتك في المعارض العربية والدولية، أين تضع الكاريكاتير العراقي ضمن الخريطة العالمية؟
□ نعم قلت ذلك استناداً إلى أن الكثير من الفنانين العراقيين المهمين ومن بينهم رواد الحركة التشكيلية في العراق قد مارسوا هذا النوع من الفن، بعضهم من لم تنشر أعماله لأنها رسمت قبل صدور الصحافة المرسومة أمثال عبد القادر الرسام والحاج سليم ومحمد صالح زكي، هناك أيضاً أعمال لم تنشر لجواد سليم وغيره من الفنانين الرواد، كما أن فائق حسن وعطا صبري وسعاد سليم من رواد الحركة التشكيلية العراقية قد رسموا لصحيفة «حبزبوز». عدا ذلك، فإن الفنان المشهور وصاحب المدرسة العراقية الحديثة في الكاريكاتير غازي عبد الله البغدادي كان أحد طلبة معهد الفنون الجميلة قسم الرسم، كما أن حميد المحل صاحب مجلة «الفكاهة» ورسامها كان أستاذاً في معهد الفنون الجميلة ومن الأجيال اللاحقة كان دارس الفن النحات والرسام طالب مكي ونزار سليم، أحد الذين أسسوا التجمع الأول للكاريكاتيريين العراقيين والفنان فيصل لعيبي الذي رسم، لصحيفة «المجرشة» التي صدرت في لندن، عدداً كبيراً من البورتريهات الكاريكاتيرية للعديد من الشخصيات العراقية المعروفة، واشترك في عدد من معارض الكاريكاتير داخل العراق وخارجه، والفنان صلاح جياد ونبيل يعقوب وضياء الحجار ومؤيد نعمة وعلي المندلاوي ومنصور البكري وعبد الرحيم ياسر وأمير عجام وكاظم شمهود وعبد الكريم سعدون وعمار سلمان وهناء مال الله وغيرهم الكثير من الأجيال الجديدة، إذ كانوا كلهم دارسين للفنون ورسموا الكاريكاتير… غير أن هناك استثناءً لفنانين مهمين كبار منهم بسام فرج ورائد الراوي وخضير الحميري. فن الكاريكاتير في العراق ولد من رحم التشكيل، وهذه ميزة مهمة من ميزات هذا الفن لأنني أعتقد أن القدرة على الرسم تساعد كثيراً في تحسين الأفكار والتوصيل والجذب وإكساب الرسوم طابعاً فنياً جمالياً وليس وظيفة إخبارية مغلقة على معنى محدد، لذا فإن رسوم كثير من رسامي العراق تنافس النماذج الجيدة من رسوم الآخرين سواءً منهم العرب أو الأجانب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى