الفنانة المغربية سلطانة تقود «الراب النسائي» وتحارب التحرش الجنسي

الجسرة اثلقافية الالكترونية

فاطمة بوغنبور*

المصدر / القدس العربي

سلطانة أو يسرا اسمها الحقيقي من أوائل مغنيات «الراب» في المغرب والعالم العربي، ابتدأت مشوارها قبل 10 سنوات عبر فرقة «تيغريس فـلو» المكونة حينها من أربع فتيات راب أثرن انتباه الإعـلام، ليس لأنهن فقط فتيات، ولكن لدقة اختيار مواضيعـهن المغناة.
حصدت سلطانة عبر فرقتها جائزة جيل شباب مهرجان موازين الأولى وجائزة «صوت أوف ذو بلاد». واجهت الفرقة صعوبات انتهت بتلاشيها، لكن سلطانة تابعت تألقها منفردة قبل أن تنضم لفرقة جديدة مع شباب آخرين أنس وعبد المغيث. تقول يسرا إن تواجدها الآن بين الشباب هو مقصود لأجل مخاطبة المجتمع بما يعنيه من مواضيع رجالا ونساء عبر فن تعتبره الأقدر على تبليغ الرسائل من بين الفنون الأخرى. على هامش ألبومها الجديد المشترك مع أنس وعبد المغيث كان هذا الحوار:

■ ما ملامح ألبومك الجديد؟
□ الألبوم من إنتاج إدارة «مهرجان موازين»، الذي سبق وفزت في إحدى دوراته المسابقة «جيل موازين» وأشترك فيه مع عبد المغيت موبيزي وأنس باوس، هذا الأخير الذي التقيت معه في الكثير من الأفكار والتوجهات، خصوصا في مواضيع وموسيقى الألبوم.
مواضيعنا أنية وواقعية من وإلى الشعب تمتح من هموم ومشاكل الناس اليومية والروتينية، نتحدث مثلا في أغنية عن الحياة بين اليوم والأمس أشياء كثيرة تغيرت لم يعد الاحتفال برمضان وبرأس السنة الهجرية وبتقاليد وعادات أصيلة في مجتمعاتنا مقابل كل هذا الفرح بعيد الحب وبرأس السنة الميلادية. أردنا القول أن الإنسان ينجح بما يملك من هوية أصيلة وليس بالدخيل من عادات.

■ انطلقت قبل أكثر من 8 سنوات، لماذا تأخر الألبوم حتى اليوم؟
□ لصعوبات إنتاجية ومشاكل في فرقة الراب، التي بدأت من خلالها. إضافة إلى انشغالي بأسفار عديدة إلى الخارج في ألمانيا وأمريكا قمت فيها بمحاضرات ولقاءات هناك للتعريف بالراب العربي والحديث عن تجربة أن تكوني إمرأة تغني الراب وفي بلد عربي. وكانت فرصة أيضا لأنفتح على تجارب أخرى وأطور نفسي ومهاراتي.
– كنتن بداية في فرقة «تيغريس فلو» أربع فتيات. لكنك الآن «صولو» لماذا؟
– عمل المجـموعة صعـب مع أننا بدأنا بالكثير من الأحلام للأســف أمام الكثيـر من المشـاكل تلاشـت الآمال، لكني لمست أيضا نجاحا وقبولا وأنا لوحـدي الآن لكني مقبلة ربما على فرقة أخرى فيها شـقيقي وفيها شريكي في الألبوم أنس باوس.
– ما معنى أن تكون مغني فن «راب» وما أوجه الإختلاف عن باقي أنواع الغناء؟
الراب هو أفضل وسيلة فنية للتعبير عن مشاكلنا كشباب دون تزييف ومراوغة وهو أسهل طريقة لقول كل شيء، به نكسر الصمت ونقول صراحة «لا» في وجه ما يعيق أحلامنا وطموحنا، في الأنواع الأخرى من الغناء لا نجد سوى الحب وعذاب الحــب والشـوق وهجــر وفراق الحبيب، لكن الـراب هو رسـائل قوية واضحة حارقة عن همومنا ومشاكلنا كالبطالة والإستبداد والحرية والديمقراطية والمستقبل والطموحات، وأيضا مشاكلنا اليومية المعتادة في البيت في الشارع في العمل.

■ ما خصوصية «الراب النسائي»؟
□ الراب النسائي قادر أكثر على إيصال صوت وهموم ومشاكل المرأة، التي لن تستطيع التعبير عنها بصدق وحرارة إلا المرأة نفسها. كالمساواة أو مثلا المشاكل المسببة لتعاطي أقدم مهنة في التاريخ كالفقر والجهل وظلم المجتمع. هناك أيضا مشكل التحرش الجنسي والعــنف وغير ذلك من الهموم النسائية الخالصة.

■ لكن الراب متهم بخــدش الحياء واللفظ المبتذل؟
□ للأسف في السنوات الأخيرة ظهرت بالفعل تجارب بهذا الشكل ولكنها لا تدين فن الراب الراقي، الذي بإمكانك أن تسمعه مع العائلة والأطفال. ولا يجب أن ننسى أن الراب كان تقريبا الفن الوحيد الذي شحن وواكب شباب التغيير زمن ما سمي بالربيع العربي، لّأن مطالب التغيير تقاطعت كثيرا مع كلمات أغاني الراب التي تخرج من عمق المأساة والمعاناة والرغبة في الانعتاق من قيود الجهل والاستبداد، فالراب كفن مؤهل لقيادة ثورات فكرية واجتماعية بعيدا عن ما يشاع عنه.

■ هل هناك جمهور للراب النسائي؟
□ كل من يسمعنا يبدي إعجابا واحتراما ويقرر سماعنا مرات أخرى، للأسف ليست هناك نساء كثر في هذا الصنف الفني، نظرا لخصوصية مجتمعاتنا العربية، التي تمنع فيها العائلات بناتهن من غناء الراب، فهو فن متهم مسـبقا بالانحلال و»تخسـار الهـدرة» أي الكلام السـيئ، مع أننـي كثيرا ما لمست تغييرا في تلقي البعــض من جمــهوري الذي يغير رأيه نحو الأفضل حين يسمع مواضيعي المغناة ويلمس جديتنا وقيمة الرسالة الفنية التي نؤدي.

■ كيف ترين محاكمة بعض مغني الراب المغاربة بسبب أغانيهم؟
□ أنا مع حرية الرأي والتعبير، لكني ضد شخصنة الأشياء وذكر الأسماء مثلا أو السب والشتم والقدح. بإمكانك أن تنتقد الأوضاع السياسية والاقتصادية، لكن نقدا بناء وبطريقة متحضرة وليس بلغة سوقية وألفاظ لا تــحفظ كرامة واحترام من ننتقده، وان كانت الحكومة أو السلطة في البلاد. للحرية في نظري سقف اسمه الأخلاق والاحترام.

■ كيف توازنين بين اختيارك الفني واتهامكن أيضا بالذكورية والجرأة والبعد عن تقاليد وقيم المجتمع؟
□ إضافـة إلى أني أراعـي مواضيــعي ولغـة كــلام الأغانــي أيضا أراعي كثيرا كوني مسلمة وفي بلد عربي لديه عادات وتقاليد محافظة. ونحن بالأصل غالبا نغني عن نواقص المجتمع ومشاكله عن الفقر والهشاشة والضياع واندثار الأحلام والطموحات لسبب أو لأخر كالفشل أو الزبونية والمحسوبية بمنتهى الوضوح وبدون خوف وهذا لا يستقيم والفساتين القصيرة والماكياج، ثم لأن مواقفنا قوية وحضورنا قوي وشخــصيتنا قوية فالبعــض يؤولها على أنها «ذكورية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى