خصوصية الأغنية السودانية لا تحتمل مأزق التوزيع الأكاديمي!

الجسرة الثقافية الالكترونية
صلاح الدين مصطفى*
المصدر / القدس العربي
طارق أبوعبيدة فنان سوداني هاجر منذ عام 1998م كانت بداياته مع فرقة ساورا الغنائية ثم انفصل عنها بسبب هجرته خارج السودان. خاض تجربته مع اللحن والغناء، فقدم الكثير من الألحان للدراما السودانية، إضافة إلى تلحينه لعدد كبير من لأغنيات لشعراء كبار أمثال الشاعر محجوب شريف، محمد طه القدال، بشرى الفاضل، عبد القادر الكتيابي، خطاب حسن أحمد، أمين صديق، ومحمد موسى وابراهيم سلام هذا إلى جانب مشاركته في الكثير من المهرجانات الغنائية التي أقيمت في أوروبا يعمل الآن منتجا تلفزيونيا ببريطانيا.
ومن خلال تخصصه في مجال الإنتاج التلفزيوني يرى أن مشكلة توصيل الأغنية السودانية للخارج ليست في القنوات الفضائية ويضيف:» القنوات طبيعة عملها ان تقدم المنتوج المتاح و قنواتنا انجزت كثيرا مشكورة، الاشكال في ظني في الانتاج الموسيقي نفسه – انتاج بمعني تمويل مشاريع موسيقية سودانية موجهة للعالم الخارجي – نحن ليس لدينا منتجين موسيقيين يتبنون انتاج موسيقي للموسيقيين السودانيين.
ويضيف «: لتوصيل الموسيقى – أي موسيقى – يجب ان ننتبه اولا إلى تقنية الصوت لانه اذا لم يتم ترتيبها بشكل جيد تضيع المجهود الموسيقي كله. مسآلة التوزيع الموسيقي فيها قولان لان بعض موسيقانا السودانية لا يجب بالضرورة توزيعها بالشكل الأكاديمي المعروف، هناك الكثير من الالحان السودانية تحمل خصوصية موسيقية لا تحتمل حشدها او حشوها او حشرها في مازق التوزيع الموسيقي الاكاديمي المعروف. في العموم انا اعتقد ان النقطة الجوهرية التي تساعد على توصيل موسيقانا بشكل – مفهوم – هي ضبط تقنية الصوت سواء كان ذلك في الحفلات المفتوحة او في الاستوديوهات.
تعرّف الجمهورعلى طارق من خارج السودان، بعد هجرة مبكرة، وعند عودته بعد غياب طويل وجد حفاوة بالغة وفي ذلك يقول :»رغم الوسائط التي توفرّت يبقى اللقاء المباشر مع الجمهور مهما للفنان يبقى التفاعل الحي مهما ،كنت سعيدا للغاية بذلك، فالتواصل المباشر مع الجمهور له طعم مختلف من التفاعل عبر الوسائط.
هل السلم الخماسي يقف أمام إنتشار أغنياتنا على المستوى العربي الذي يعتمد على السلم السباعي؟ يجيب طارق قائلا:»
لا اعتقد ذلك، غرابة سلمنا في آذان المستمعين العرب يمكن أن تذوب بكثرة تكراره وهذا يحتاج منا إلى منتجين الاستثمار في موسيقانا ومساعدتها على الانتشار، فقط كما اسلفت في السؤال السابق يجب ان ننتبه للتقنية الصوتية الجيدة.
ويقول طارق إن المستمع السوداني يتهيب سماع الجديد دائما لأن لديه شجنا خاصا مع الاغاني التي شكلت وجدانه وهذا جعل كثيرا من المغنين يتهيبون البداية باعمال جديدة ويتورطون في ترديد القديم.عن نفسي انا أصر دائما ان أغني انتاجي الخاص، اول ظهور علني لي كان مع فرقة ساورا وكانت الاعمال في غالبها الاعم خاصة من تلحيننا وتنفيذنا وتجربتي اللاحقة كانت بالبوم كامل من الاعمال الجديدة.
ويقول: «في أوروبا، لا يتم النظر لموسيقانا باعتبار أنها عربية أو أفريقية، ونحن كسودانيين لا ننتج اغنية بمقامات عربية لكننا نغني بالسلم البينتاتونك – الخماسي – لذلك موسيقانا هي اغنية ثقافات السلم الخماسي»
ويضيف: «لحسن الحظ أن أغنيتنا السودانية تم انقاذها ثقافيا بواسطة أهلها من مازق الهوية. موسيقانا ذات سلم خماسي في غالب اقاليمنا الا ما ندر وهي بذلك تعبّر عن ثقافتنا.
ويعترض طارق على وجود أزمة تلحين ويقول إن الموسيقيين السودانيين الحاليين أنتجوا الكثير من الالحان لكنها ظلت رهينة الانتاج والتمويل خاصة في ظل الاغنية “الغريبة” التي تملأ اجهزة الاعلام الان.
ويقول إن هذا زمان الأغنية القصيرة، إذا لم تكن القصيرة جدا.
ويقول إن لديه تجربة في هذا الخصوص ينتظر رد الفعل حولها، ويضيف: «تغيرات ايقاع الحياة الحالية في ظني فرضت على المستمع والموسيقي انتاج اعمال قصيرة عوضا عن الاغاني الطويلة نسبيا سابقا».
وعن وجوده كمبدع بعيدا عن «الحياة السودانية» بتعقيداتها السياسية والإجتماعية و»العاطفية» يقول إن المشكل الحقيقي ليس في البعد الجغرافي، بقدر ما هو في البعد الثقافي، معتبرا أن المجتمع السوداني مر بصدمات كبيرة خلال العشرين سنة الماضية خلخلت نسيجنا الاجتماعي نفسه، وهذا هو الجزء المقلق في المسألة.