رضوى فرغلي تحفر عميقا بشذرات شعرية «على طرف منديل»

الجسرة الثقافية الالكترونية
المصدر / القدس العربي
كتابة نص جديد بالنسبة لها، يحتوي على متعة مماثلة لعزف مقطوعة موسيقى أو زيارة معرض تشكيلي أو سهرة على «شط النيل» حتى يتنفس الفجر، من مزيج كل هذه الأجواء والأهواء تدفع الشاعرة المصرية المقيمة في الكويت رضوى فرغلي إلى النور بنصوصها التي تحمل عنوان «على طرف منديل» عن دار أوراق للنشر، وهو المولود الثالث بعد «بغاء القاصرات» عن دار المحروسة 2007 و»أطفال الشوارع/ الجنس والعدوانية» عن الدار المصرية اللبنانية 2012 إضافة إلى بحث (مشترك) بعنوان: «عبد الهادي الجزار/الفنان والصورة» وهو حائز جائزة دار الصدى الإماراتية.
«على طرف منديل» العنوان الجذاب الذي يحيلنا برومانسيته الموحية إلى رسائل ناعمة متبادلة
بين الأحبة، في ومضات رهيفة ورشيقة مثل أغنية كلاسيكية ظلت طويلا في الذاكرة لتتسلل إلى الروح وتتكئ عليها بعد غياب طويل، وصفته رضوى بأنه «شذرات شعرية» هكذا أرادت له. ويحتوي على 77 نصاً قصيراً استفادت رضوى في نسيجها الدرامي من خبرتها كمُعالجة نفسية، ورصدت إحساس المرأة وانطباعها وخليط المشاعر والمواقف التي تهز روحها وتعري علاقتها بالرجل، من دون وجل، وهي لقطات أو ومضات قد تبدو عابرة أو بسيطة، لكنها لاذعة وجريئة تحفر عميقا في وجدان المرأة، ولهذا بدت مؤثرة تماما للمتلقي أيا كان جنسه.
تعتمد النصوص على التقاط المشهد بالدرجة الأولى باحتراف، مثل عين كاميرا فوتوغرافية، ثم تضفي عليها الكثير من الشجن الباذخ والإحساس الذي يفيض متلونا بإنسانية وانسيابية عالية وقلب أنثوي متأمل، ينبض بما حوله من حديث الكون والكائنات، وصوت يعبر نحو القارئ ويتسلل إليه بخفة عبر تكوينات لغوية ممهورة بالصدمة أحيانا، وإن بدت بسيطة لكن من الصعب الإفلات منها قبل أن تعيد قراءة النصوص أكثر من مرة.
ويبدو أن رضوى، الدكتورة في علم النفس، تتعامل مع الكتابة بالطريقة نفسها التي تتعامل
بها مع البشر، ومع المفردات كما تتعامل مع الوجوه ، وقد لا تنجو هي ذاتها من مرض دائم، وهو البدء بعلاقة حميمة مع كل هذه العوالم من أجل الخوض في حالة الابداع التي تعتريها بعفوية وطواعية، من دون التفكير في مقاومتها.
وعن هموم النشر أو النظرة للجوائز أو الالتصاق المرضي بما تصدره تقول: «لا يعنيني كثيرا التصنيف أو التشريح أو التشخيص، فأنا هنا مريضة بالكتابة واتعالج بها، فينفد الوقت
وليست مهمتي تقديم أي مبررات أو تمهيد، أنا فقط أكتب وأترك للمتلقي حرية التذوق أو
النقد أو الرفض، وأمتنّ كثيرا لكل من يهديني ملاحظة فنية تساعدني على تطوير أدواتي، فالالتصاق بما نكتب إلى حد رفض رأي الآخر نقص في ثقة الكاتب بانتاجه وقلق مرضي يعكس خوفا نفسيا من الرفض، وهذا يجعله لا يتقدم خطوة جديدة».
الشاعرة رضوى فرغلي «تحلل» مشاعر المرأة «على طرف منديل» عبر الكتابة التي تراها «هواية وليست هوية»، وهي عبارة تصف بها علاقتها بالكتابة، وتضيف «أحب الحياة جدا والاستمتاع بكل ما يتاح لي فيها، والكتابة هي نافذة جديدة على الحياة ووسيلة أخرى للمتعة التي لا تنتهي ولا تقف عند حد».
من نماذج نصوص كتابها
«على طرف منديل»
يقفُ الماضي
بيني وبينك
لا يُهدر لحظةَ قسوة
وبخيطٍ رفيعٍ حادٍّ
يصطادُ حكاياتٍ مُسَمَّمَة
يوقظُ الوجع إذا أغويتُه بالنوم
وكلما اشتهيتُكَ
يرمي بالمرارة
طازجةً في فمي
تتحسَّسُ ملامحي بشبق
كُلَّما مررتُ بخاطرك
تبحثُ عني في صفحات الكتب
وألوانِ لوحاتٍ تقتنيها بشراهة
تختبئُ خلف الصمت
مرتجفَ اليدين
تحتفظُ بصوري
كتاباتي التي تهملُها علناً
ومثلَ أي مجنون
تسأل عني أصحابي المنسيين
حين تغار
وبغضب طفولي؛ تُـقـسمُ لي
أكرهكِ
• كانت ليلتي فوضى
لولا يداك
رتَّبتُ خريطةَ جسدي
ترتجفُ يده على مقودِ السيارة
ربما تغارُ من يده الأخرى
وهي تلتف حول خصري
على الرصيف
رجل يبتسم
لقُـبلة مُباغتةٍ لا تراعي مشاعر العابرين