في ندوة على هامش ملتقى القاهرة لتفاعل الثقافات الأفريقية: «النقاط المضيئة»… محاولة للاندماج مع شعوب القارة عبر تبادل الفنون

الجسرة الثقافية الالكترونية
*رانيا يوسف
في إطار فعاليات ملتقى القاهرة الدولي لتفاعل الثقافات الأفريقية عقدت ندوة حول دور الفنون في التعبير عن الهوية، وتحت عنوان «النقاط المضيئة»، أكد المخرج المسرحي أحمد السيد، على أن القبيلة او الطبيعة البدائية هي الصورة المأخوذة والثابتة عن أفريقيا لدى العالم، القيم والعادات في المجتمع الأفريقي التي ترتبط بالطبيعة، لها سلطة غير عادية على تقاليد شعوب هذه القارة، وأيضاً تأثيرها على تصور الإنسان للحياة في تلك القارة، تبتعد الأشكال تماماً عن أشكال المدنية، ويشير السيد إلى أننا مصرون على ترسيخ هذه الصورة غير الحقيقية والمتخلفة، ويتساءل، لماذا نترك المجتمع الغربي يرسم لنا الشكل الذي يريده هو، ويرتع في أفريقيا مؤمناً لنفسه المواد الخام الأولية بأقل الأسعار، وعلى حساب القدرة البشرية هنا وهناك، بل ويساعد على انتشار الحروب والأمراض لتظل بائسة وضعيفة.
ويضيف أن هذا هو ما فعلناه نحن بتخلينا عن دورنا في أفريقيا، ويضيف السيد أن المسرح هو أهم الأشكال الفنية التي تجمع العديد من الفنون داخله، وتعمل على ممارسات حقيقية مع البشر وتغير في المجتمع من خلال التواصل الذي يساعد على تطوير وتنمية القدرة على التعبير لدى المجتمع، خاصة أشكال المسرح التفاعلي، النقاط المضيئة كالحجر الملقى في البركة يبدأ بنقطة ثم دائرة ثم دوائر وتنتشر إلى ما لا نهاية.
ويشير إلى أن النقاط المضيئة تعتمد على أن نبدأ في مكان ما في دولة ما تعتمد على التفاعل مع شعوب تلك الدولة، من خلال الممارسات الفنية لها، التي تميزها ومن دون تلقين فني، بل استكشاف وتطوير فني، وتعتمد على الدعم الثقافي مثل إقامة الورش في جميع المجالات الفنية والمهرجانات الصغيرة لتنمية الممارسات الفنية، في تلك النقطة وتتطور بشكل تنموي حتى تصبح أكثر من نقطة تنتج عن هذا العمل، تمكننا من التواصل مع المجتمع بشكل فعلي، وبالتالي التواصل مع الدولة وربط المجتمعات البشرية ببعضها بعضا، وإعادة التواصل مع الجسد الواحد وهو القارة الأفريقية الأم، وصولاً إلى التواصل الفعلي بلا نظرة فوقية متعالية، وأن نعيد التواصل من خلال التعاون والربط الثقافي مع تلك الدول.
ويؤكد على أن المسرحيين عادة يفكرون في الأفعال أكثر من النظريات، فعلاقة المسرحيين في مصر مع المسرحيين خارج مصر يشوبها الكثير من المشكلات، كما أن لدينا أزمة مسرحية في تواصل المسرحيين مع الجمهور، وأزمة بين المجتمعات وبعضها، وأزمة بين الدول وبعضها، فمعلوماتنا عن النشاط المسرح الأفريقي معدومة.
وأوضح المخرج المسرحي أحمد السيد، أن علاقتنا بالمسرح الأفريقي تتلخص في بعض الأساطير وبعض الطقوس القبلية، ففكرتنا عن المسرح تتلخص في الشكل السائد والنمطي للعرض المسرحي، إن الفضاء المسرحي هو المكان المغلق والنظارة يجلسون في مواجهتهم، اما خلاف ذلك لا نعترف به، وحكمنا أنه طالما لا يتقيد المسرحيون بهذا النمط اذن فليس لديهم مسرح، رغم أنهم يعيدون محاكاة الواقع بأشكال مختلفة لم نعتد عليها في لغتنا، سواء على مستوى اللغة المنطوقة أو على مستوى المسرح المقدم، أو على مستوى النص، لكن في النهاية يتوافر فيها شرط العرض المسرحي، الذي بدأ من خلال التجمعات التي يروي فيها بعض الاشخاص قصصا على مجموعات من المتفرجين جاءوا ليشاهدوهم، من دون تفضيل عنصر على آخر، هذه النظرة السطحية ترسخت داخلنا على انهم شعوب بدائية، رغم أنهم قريبون جداً من الإنسانية، نحن من وضعنا شعوب أفريقيا في إطار واحد، وهذا أدى إلى خلل بين المسرحيين وبعضهم في مصر، ويضيف أن التجارب التي شهدها في المسرح الأفريقي كانت تجارب مبشرة بعيدا عن الصورة التي تتصدر الثقافات الأفريقية كنت أتوقع أن المسرح في أفريقيا قائم على الحكي والموسيقى المصاحبة له باستخدام الطبول وبعض الرقصات، لكنني وجدت أن مفهوم المسرح سائد لدى الشعب الأفريقي، المسرح لديهم هو الموضوع الذي يتناوله ناس لمجموعة من البشر، يقودهم إلى التحدث بلغة مشتركة، الموضوع هو تواصل بشري بين جمهور يفضّل هذا النوع من الفن مع اختلاف الاسلوب وتنوعه.
ويؤكد أنه لابد أن نتعامل مع كل دولة في أفريقيا كنظير لنا ولا نقلل من شأنها، الآخر مثلي، لديه ثقافة وأنا كذلك، وبهذا نفسح المجال ايضاً لاكتساب خبرات فنية وثقافية جديدة.
النقطة المضيئة التي أشار إليها السيد في ورقته البحثية، هي محاولة للاندماج مع شعوب هذه القارة عن طريق تبادل الفنون، المسرح كمثال هو بداية المدنية، النقطة المضيئة هي طريقة التواصل مع الآخر، وهي عبارة عن مركز يعمل على تبادل كل أنواع الفنون لكل أنواع البشر في عمر معين، وإقامة ورش فنية في بلدان متعددة في أفريقيا، النقاط المضيئة هذه قد تكون الذراع الأخيرة الباقية لنا في أفريقيا بعد حالة الانعزال التي نعاني منها مع أفريقيا.
المصدر: القدس العربي