ليلى العثمان: الرقابة مشكلة أزلية تتجدد مع كل معرض للكتاب

الجسرة الثقافية الالكترونية

 

 

 يتجدد الحديث عن رقابة الكتب كل عام في الكويت مع افتتاح معرض الكتاب السنوي والتنديد بمنع الكتب وعدم إجازتها رقابيا وحرمان القارئ من حقه في الاطلاع ومصادرة رأيه في القراءة، ولهذا شنت مجموعة من المثقفين هجوما لاذعا على الرقابة في الكويت، ووصفوها بـ«الفكرة السخيفة» عديمة الفائدة التي لم تعد تناسب اللحظة الراهنة في زمن الفضاءات المفتوحة.

الهجوم جاء خلال حلقة نقاشية استضافتها جمعية الخريجين وأدارها الكاتب مظفر عبدالله. في بداية الحلقة النقاشية قال مظفر عبدالله إن علاقة الرقابة بالقانون لم تأخذ حقها من النقاش الجاد، ووصف موضوع الرقابة بموضة كل موسم تبدأ وتنتهي مع معرض الكتاب. وأشار عبدالله إلى أن الأجواء المتعلقة بحرية الكتابة والتعبير تحكمهما السيطرة والتحكم. ولفت إلى نقطة مهمة تتعلق بالمادة 50 من دستور الكويت، المتعلقة بالفصل بين السلطات، وتساءل: من له الحق في المنع.. السلطة القضائية أم الإدارية؟ 

وتحدثت الأديبة ليلى العثمان فقالت إن مشكلة الرقابة أزلية في كل معرض للكتاب، وهي تسبب خسائر أدبية للكُتاب ومادية للناشرين، وأضافت العثمان أن بعض الكتب في المعارض السابقة كان يتم بيعها ثم نفاجأ بمنعها في ما بعد، وتساءلت: هل هو موقف من بعض الكتاب أم تغيير في أفراد ومزاج لجنة الرقابة؟ وأكدت العثمان أن أكثر ما يحزن هو منع كتب الأدباء الشباب مثل: بثينة العيسى وعبدالوهاب الحمادي وعبدالله البصيص وسعود السنعوسي، وهم في بداية مشوارهم، وهو ما يصيبهم بالغضب على الرقابة والبلد كله، وأنهت العثمان كلامها بالحديث عن تدخل المتشددين في عملية المنع، حيث قالت إنهم يجوبون معرض الكتاب ويلتقطون بعض الكتب ويطالبون الرقابة بمنعها، مؤكدة أن الرقابة لم تتشدد إلا بعد اشتداد أذرع هؤلاء المتشددين. 

من جهته، أشار الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي إلى أن محاذير المنع فضفاضة، وطالب الرميضي المبدعين بعدم السكوت على منع كتبهم واللجوء إلى القضاء، وقال إنه مشارك في تأليف كتاب عن الفتوى تم منعه في الكويت بينما يسمح ببيعه في بقية دول الخليج 

وكشف الرميضي أن رابطة الأدباء قدمت كتابا إلى وزارة الإعلام تطلب فيه من أعضاء لجنة الرقابة مراعاة مصلحة الثقافة والأدب، وأن تكون قراراتهم أكثر مرونة من أجل منح مساحة أكثر للكتب، واصفا منع الكتاب بأنه بمنزلة القتل المعنوي للكاتب. 

الاديب طالب الرفاعي أشار إلى أن معرض الكتاب في السبعينيات كان ثاني أفضل معرض للكتاب في المنطقة، وأوضح أن لجنة الرقابة على الكتب تتبع وزارة الإعلام وليس المجلس الوطني فهو ليس طرفا في المنع. وأضاف أن محاذير المنع تخضع لمزاجية الرقيب، كما أن اللجنة المنوط بها مناقشة منع الكتب لا تجتمع إلا كل عدة أشهر، لأنها لا تناقش منع كتاب واحد، بل عدة كتب، مشيرا إلى أن الرقيب يجب أن يكون مثقفا وواعيا، ويعي أن الأدب وظيفته تسليط الضوء على البؤر المظلمة في المجتمع. 

وأنهى الرفاعي كلمته بتأكيد أن الرقابة سقطت في زمن الفضاءات المفتوحة والإنترنت ومحركات البحث، وأن الكتاب الممنوع سيصبح في اليوم التالي متاحا في نسخة إلكترونية على الإنترنت، وأن الرقابة في هذه اللحظة الراهنة لم تعد تناسب العصر في دولة يعتبر دستورها من أفضل دساتير المنطقة. 

من جهته، قال شملان العيسى إن الكويت تشهد ردة مجتمعية على جميع المستويات ومن بينها الثقافة، وأضاف أن المجتمع الذي كان ليبراليا ذات يوم أصبح يعيش حالة من «الدروشة»، وأكد أن على المثقفين تقديم الحل من خلال طرح الثقافة البديلة التي تشجع الأدب والموسيقى والمسرح، وطالب بالعمل في جماعات صغيرة تراقب القوانين وتعلق على كل ما يتعارض مع حق التعبير، مشيدا بتجربة جماعة تنوير. 

الكاتبة دلع المفتي التي منعت روايتها «رائحة التانغو» في الكويت، بينما احتفت بها كل المعارض العربية، وصفت نفسها بإحدى ضحايا مجزرة الكتب، وقالت المفتي إنه لم يعد يحزنها منع كتابها من الكويت بعد أن وصل للطبعة الرابعة ويباع في كل مكان. وأشارت إلى أن ما يحزنها حقا صورة الكويت، وتشعر بالحزن في الخارج حيث يتم الاحتفاء بروايتها ثم يكون السؤال لماذا منعت في الكويت؟ 

أما الكاتب عبدالمحسن مظفر فوصف الرقابة بأنها فكرة غبية وسخيفة ومتخلفة، وقال إن من حق الفرد قراءة أي كتاب وليس من حق أي جهة منعه من ممارسة حقه، وأكد أن حجج الرقابة والمنع واهية، وأن من يطلع على كتب التراث سيجد فيها ما يخدش الحياء مقارنة بما يكتب اليوم. وتساءل مظفر: كيف تقوم الدولة بتنظيم معرض وتنفق عليه الجهد والمال لتأتي الرقابة لتعصف بهذا الجهد؟ وأن من العجيب أن بعض الكتب يتم السماح لها في السعودية وتمنع في الكويت! وقال مظفر إن الكويت التي كانت منارة ثقافية أعادتها الرقابة 200 سنة إلى الوراء. 

وتحدثت تغريد القدسي عن نفسية الرقيب وطالبت بتفهمها إن كانت نفسية إتاحة أم منع، مشيرة إلى أن مهمة الرقيب أخلاقية ومعرفية في الوقت نفسه، وضربت مثالا لتدلل على أن الرقابة تساهم في رواج الكتاب الممنوع مثل رواية «آيات شيطانية» لسلمان رشدي، التي لم تكن تتميز بمستوى أدبي رفيع، لكن الفتوى بإباحة دمه ساهمت في شهرة الكتاب، ووصل في ليلة نفسها الفتوى إلى دواوين الكويت عبر الفاكس.

أما المحامي السعودي والمعد في تلفزيون الكويت محمد العنزي، فقال إن الكويت بلد معروف بالحرية عبر تاريخه، لكنه أكد في الوقت نفسه على أن من حق السلطة أن تضبط الأمور لكي لا يتحول الأمر إلى فوضى ومن بينها وجود رقابة في الدولة.

المصدر: القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى