مصر في حداد: تشييع شعبي مهيب لفاتن حمامة سيدة الشاشة العربية… وسيدة القلوب

الجسرة الثقافية الالكترونية
منار عبد الفتاح*
المصدر / القدس العربي
: رحلت كما عاشت، في كرامة وشموخ. ودعتها مصر التي ارتدت روحها ملابس الحداد أمس، في تشييع شعبي حاشد ومهيب من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر ، وسط قناعة تقارب اليقين بأن فاتن حمامة ستبقى سيدة الشاشة العربية، وسيدة القلوب أيضا، حتى مع عدم إقامة سرادق عزاء لها بناءً على طلبها، كما أكدت أسرتها.
وأدى الزحام الشديد أثناء جنازة الراحلة فاتن حمامة في مسجد الحصري، إلى سقوط سور سلم المسجد، نتيجة تدافع المئات من محبي الراحلة أثناء حملهم النعش وخروجهم من الباب الرئيسي للمسجد، الأمر الذى أدى إلى سقوط عدد من المشيعين أعلى حافة السلم، وحدوث بعض الإصابات السطحية لهم.
وحضر عدد كبير من الفنانين والشخصيات العامة التشييع، بينهم عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية، ووزير الثقافة جابر عصفور، ولوحظ غياب زوجها السابق عمر الشريف، الذي كان أعرب عن أمله في حوار صحافي الأسبوع الماضي في أن يقابلها.
يذكر أن العلاقة بين عمر وفاتن انقطعت منذ طلاقهما في عام 1974، بعد زواج أثمر عن ابنهما طارق، وكان عمر يشترط في حواراته الصحافية طوال هذه الفترة ألا يسأل حول علاقته بفاتن.
وأعرب عمر الشريف (جونيور)، حفيد الراحلة العظيمة الذي يقيم في كندا، عن مدى حزنه وألمه لرحيل جدته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، إثر تعرضها لهبوط مفاجئ في الدورة الدموية.
وكتب عبر صفحته على الإنترنت: «جدتي، كنتِ تعيشين حياتك نجمة ساطعة، وكنتِ مثالا جميلا للإنسانية والأنوثة يحتذى به، علمتي كل من حولك القوة والشجاعة والبر والإنسانية، ولم تخشي يوماً التحدي ولم تديري ظهرك أبداً لعائلتك وأصدقائك وأمتك والشعب العربي، سنشتاق لكِ دائماً».
وتابع أيضا: «شكراً لأنك كنتِ نجمتي، وبمثالك الساطع منحتني الشجاعة لأكون نفسي، أحبك، البقاء لله»..
ونعت رئاسة الجمهورية المصرية «سيدة الشاشة العربية» فاتن حمامة وتقدمت لأسرتها وذويها وكافة محبيها من أبناء مصر والوطن العربي بخالص التعازي والمواساة. وجاء في بيان الرئاسة «تنعى رئاسة الجمهورية ببالغ الحزن والأسى الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، التي وافتها المنية، وتتقدم لأسرتها وذويها وكافة محبيها من أبناء مصر والوطن العربي بخالص التعازي والمواساة». وأضاف البيان» أن مصر والعالم العربي فقدا قامة وقيمة فنية مبدعة، طالما أثرت الفن المصري بأعمالها الفنية الراقية. وستظل الفقيدة التي أضفت السعادة على قلوب جموع المصريين والمواطنين العرب بإطلالتها الفنية وعطائها الممتد وأعمالها الإبداعية، رمزاً للفن المصري الأصيل وللالتزام بآدابه وأخلاقه».
وقال الفنان أشرف عبد الغفور، نقيب المهن التمثيلية، خلال اتصال هاتفي على فضائية ”سي بي سي”، ”يكفي أن نقول إن فاتن حمامة تعبر عن تاريخ السينما المصرية، وأمجادها وما حققته في كل المنطقة العربية، وفي العالم كله، فلا يوجد أي أحد لا يعرف فاتن حمامة، فهي رمز السينما المصرية منذ البداية وحتى الآن، فهي كما النسمة الطائرة الرقيقة رحلت عنا مثلما عاشت طوال حياتها وستكتب فيها مجلدات ومؤلفات على مدى السنوات الطويلة وربنا يرحمها بقدر ما أسعدتنا”.
من جانبه ، قال الفنان عزت العلايلي « إنه عندما ننطق ونقول كلمة ”صروح” فنحن هنا نقصد الفنانة فاتن حمامة فهي مثل عبد الوهاب وسيد درويش وكل من كان على الدرب، ليس في مصر فقط بل في العالم العربي كله». وأضاف» أن أداءها كان بديعاً في كل أدوارها ولا يمكن ان تعوض فهي مثل طابع البريد محفورة في وجدان العالم العربي».
وقالت الفنانة الكبيرة نادية لطفي « إن لحظة وداع سيدة الشاشة العربية لحظة فارقة ومؤلمة لنا جميعا لأن فاتن حمامة تمثل عمري كله منذ أن كنت صغيرة، فهي مثل أعلى وقدوة كبيرة وأدعو لها بالرحمة فهي أسعدت العالم العربي وهي ليست سيدة الشاشة فقط بل سيدة القلوب والحب الكبيرة، وأدعو الله أن يلهمنا الصبر والسلوان، فصداقتنا كبيرة وكانت دائما مرتكزة على الاحترام فهي مثال للبساطة والإناقة وعدم الابتذال والأداء الراقي، فهي مثل حقيقي للفتاة والمرأة المصرية» .
من ناحيته قال الناقد طارق « إن الفنانة فاتن حمامة عاصرت كل العصور منذ أن كانت في نعومة أظفارها وهي بنت الثماني سنوات، وأشار إلى أنها فنانة كانت تملك موهبة مصحوبة بعقل يوجه البوصلة للاتجاه الصحيح فباتت تختار كبار المؤلفين والكتاب والنقاد»، مشيراً إلى «أنها لم تعتزل بل انتظرت حتى تختار أنسب الأعمال لها، فهي موهبة وعقل جيد اختارت أفضل الأعمال وتبنت القضايا الاجتماعية ولم تركن يوماً للابتذال».
وقال الفنان سامح الصريطي «إن ما تردد حول وصية الفنانة الراحلة فاتن حمامة بعدم إقامة عزاء لها، ‘غير معروف حتى الآن”، مؤكدا ”لم يصلنا أي شيء بخصوص هذه الأنباء» ، وأضاف الصريطي ”مش هقدر أتكلم في وصية زي دي إلا إذا تأكدنا من المصدر نفسه، أو نتواصل مع أسرتها لإقامة عزاء أو عدم إقامته”. وأوضح أن ”الفنانة الراحلة فاتن حمامة قيمة أخلاقية وفنية احترمت كل المراحل العمرية التي عاشتها”، مضيفا: ”كانت دائما في المقدمة، ومشوارها سار على نهجه الكثير من الفنانات” ، وتابع: ”سيدة الشاشة العربية تخطت حدود مصر إلى العالم العربي كله، ووصلت لأبعد نقطة في العالم العربي، وشكلت وجدان أمة”.
وقدّم الفنان أحمد بدير عزاءه للشعب المصري والعربي في وفاة الفنانة فاتن حمامة من خلال برنامج الإعلامية ضحى الزهيري على قناة ”الحدث”. وقال بدير «إن اليوم يوم حزن كاليوم الذي توفيت فيه أم كلثوم وعبدالوهاب وغيرهما من قمم وقامات مصر» ، وأضاف بدير السبت، ”فقدت اليوم قدوة فنية وقيمة علمتنا الكثير من القيم والأخلاق السامية ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون وعزاؤنا أنها في مكان أجمل إن شاء الله”.
وبكت الفنانة يسرا على الهواء مباشرة حزناً على وفاة الفنانة فاتن حمامة، وقالت ”سمعت الخبر واحنا في عزاء حسن رمزي وظننت أنها إشاعة في البداية، لكننا تأكدنا للأسف”. وأضافت خلال اتصال هاتفي مع الإعلامية لميس الحديدي ”فاتن حمامة كانت مهمة جداً لي ولزوجي لأنه كان يعتبرها الأم الروحية له، وكانت دائماً معطاءة، وهي كانت كل حاجة لينا” ولم تتمكن يسرا من إكمال المداخلة بسبب انخراطها في البكاء’.
يذكر أن آخر ظهور للفنانة فاتن حمامة كان في لقاء الفنانين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أثناء حملته الانتخابية، وسأل عنها أثناء إلقاء كلمته، ثم قال «انا اجيلك» ونزل من المنصة ليصافحها، كما ظهرت قبلها في الاحتفال بعيد الفن، حيث تم تكريمها تقديرا لمشوارها الفني.
ولدت فاتن حمامة يوم 27 أيار/ مايو عام 1931 في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية ، وهي حاصلة على بكالوريوس من المعهد العالي للتمثيل وتخرجت فيه عام 1947 ، وكان والدها موظفاً في وزارة التعليم . بدأت مشوارها الفني بمجموعة من الأدوار الصغيرة بالسينما كطفلة، ومن أول أعمالها كان دورها كطفلة في فيلم (يوم سعيد) عام 1938 أمام الفنان محمد عبد الوهاب.
وتزوجت فاتن حمامة عام 1947 من المخرج عز الدين ذو الفقار وأنجبت منه ابنه تُدعى «نادية» ولكن انتهت علاقتهما بالطلاق عام 1954م، ثم تزوجت عام 1955م من الفنان عمر الشريف وأنجبت منه ابنا يُدعى «طارق» وانتهى ذلك الزواج أيضا بالطلاق عام 1974م، لتتزوج بعد ذلك من الطبيب «محمد عبد الوهاب».
بدأ ولعها بالسينما في سن مبكرة، وعندما فازت بمسابقة أجمل طفلة في مصر قام والدها بإرسال صورة لها إلى المخرج «محمد كريم» الذي كان يبحث عن طفلة للتمثيل مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم «يوم سعيد» عام 1940، وبالفعل أقتنع المخرج محمد كريم بموهبتها وقام بإبرام عقد مع والدها ليضمن مشاركتها في أعماله السينمائية المستقبلية.
وحققت الفنانة «فاتن حمامة» نجاحاً تجارياً كبيراً حيث كانت واحدة من نجوم الشباك الأمر الذي مكنها من القيام بدور البطولة في العديد من الأفلام السينمائية، ومن أبرز أعمالها: «لك يوم يا ظالم» و»بابا أمين» و»صراع في الوادي» و»الأستاذة فاطمة» و»لحن الخلود» و»موعد مع السعادة» و»موعد مع الحياة» و»أيامنا الحلوة» و»موعد غرام» و»صراع في الميناء» و»لا أنام» و»سيدة القصر» و»الطريق المسدود» و»بين الأطلال» و»دعاء الكروان» و»نهر الحب» و»حكاية العمر كله» و»الحرام» و»إمبراطورية ميم» و»أريد حلاً» و»أفواه وأرانب» و»ليلة القبض على فاطمة» و»أرض الأحلام».
إلا أنها قدمت عملا تلفزيونيا واحد بعنوان «ضمير أبله حكمت» عام 1991، ثم قدمت عملا آخر بعنوان «وجه القمر» عام 2000 بعد غياب طويل عن العمل الفني.