هل للجنسية دور في الفوز؟: خمس جوائز ثقافية عربية تقترح خريطة للأدب المصري

أحمد مجدي همام

حضور مصري كبير شهدته غالبية الجوائز الأدبية والثقافية العربية، التي أعلنت نتائجها خلال الأيام الماضية، حضور يعكس إقبال الكاتب المصري على المشاركة في المحافل العربية، ويعكس أيضاً حقيقة كوْن مصر كانت وما زالت حاضنة ومصدّرة للثقافة والفنون والآداب.
خمس جوائز عربية، تتفاوت أعمارها، شهدت جميعاً حضوراً للكتّاب المصريين. هناك من فاز بالجائزة الكبرى، وغيره ممن وصلوا إلى القوائم النهائية، بينما لم تعلن بعض الجوائز عن نتائجها النهائية بعد. «القدس العربي» في التقرير التالي تستعرض أعمال الروائيين والقصّاصين المصريين المتألّقة في المسابقات والجوائز الثقافية العربية:

الجائزة العالمية
للرواية العربية (البوكر)

ضمت القائمة الطويلة لجائزة البوكر، التي تحتضنها دولة الإمارات، روايتين مصريتين: «في غرفة العنكبوت» للروائي محمد عبد النبي، و»باولو» ليوسف رخا. رواية «في غرفة العنكبوت» الصادرة من دار العين المصرية، تتناول حياة (هاني محفوظ) مثلي جنسياً يعيش في القاهرة، وترصد معاناته في المجتمع الذي يرفض المثلية، وتتخذ من واقعة «كوين بوت» (2001) خلفية للحكاية، عندما تم ضبط 52 شخصا من الباخرة بتهم ممارسة الفجور، وتم حينها إصدار أحكام بالسجن ضد 23 متهماً. يفقد هاني محفوظ صوته تحت وقع الضغوط التي تعرض لها، فيبدأ في تدوين حكايته.
يقول محمد عبدالنبي: «بطبيعة الحال، شعرتُ بسعادة كبيرة عندما عرفت بوصول رواية في «غرفة العنكبوت» إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر هذا العام، ورغم أن هذه هي المرة الثانية لوصول رواية لي للقائمة الطويلة للجائزة، فإن هذه المرة مختلفة نظرا لأن الرواية مختلفة وتحكي عن حياة رجل مثلي جنسيا، ولهذا شعرتُ بأن اللجنة لم تخشَ من طرح هذا الموضوع في رواية على القائمة الطويلة، وهذا ما أضاف إلى سعادتي».
والتدوينات أيضاً هي التقنية المستخدمة في رواية «باولو» ليوسف رخا، الصادرة من دار التنوير، فباولو مخبر للأمن، ومصوّر فوتوغرافي، يسرد الكثير من الوقائع التي تلت فض اعتصام رابعة، في أغسطس/آب 2013.

جائزة الإبداع العربي

حصدها الروائي المصري وجدي الكومي، عن طريق روايته «إيقاع» الصادرة من دار الشروق. وهي الرواية الرابعة في رصيد الكومي، بخلاف مجموعتين قصصيتين.
بحبكات فرعية، تتفرع عن الحبكة الأصلية، تحكي «إيقاع» عن منطقة بين السرايات، أو «عزبة الوقف»، وتتناول عبر شخوصها، سنوات متباينة مرّت بالمنطقة، منذ العهد الملكي وحتى أيامنا الراهنة. الكومي، لم يتوقّع الفوز بالجائزة، ويوضّح: «نظرا للخط الذي سارت عليه الجوائز العربية في الفترة الماضية، التي دأبت إما على المحاصصة الجغرافية، أو استسهلت تكريم مبدعين مكرسين، لم أتوقع الفوز، كانت مفاجأة مذهلة أن أنال الجائزة، خصوصا أنها تمنح من مؤسسة الفكر العربي». يُذكر أن القيمة المادية للجائزة 25000 دولار أمريكي.

جائزة الملتقى للقصة القصيرة

في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي أُعلنت القائمة الطويلة لجائزة الملتقى للقصة القصيرة في دورتها الأولى بحضور 10 مجموعات قصصية من مختلف الدول العربية، وبحضور مصري وحيد عن طريق مجوعة «عسل النون» لمحمد رفيع. في الأول من الشهر التالي أعلنت القائمة القصيرة خمس مجموعات، كان رفيع أيضاً من ضمنهم. وبعد شهر، فاز الفلسطيني مازن معروف بالجائزة عن مجموعته «نكات للمسلحين». وبهذا توقّفت «عسل النون» الصادرة من روافد للنشر في القائمة القصيرة. يقول محمد رفيع: «تلقيت الخبر بفرحة عارمة ليس فقط منبعها وجود «عسل النون» في القائمتين، ولكن منبعها أن هناك جائزة للقصة القصيرة تتشكل بشكل يشبه البوكر في الرواية، هذا الفن الذي حاربت من أجل ألا يخفت لسنوات طويلة».

جائزة الشيخ زايد

في دورتها الحادية عشرة، كان الحضور المصري خافتاً في القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد فرع الآداب، فمن بين 15 عملا، شهدت القائمة وجود رواية «أن تحبك جيهان» للمصري مكاوي سعيد، صادرة من الدار المصرية اللبنانية. من خلال ثلاث شخصيات رئيسية، وعبر أكثر من 700 صفحة، تتناول «أن تحبك جيهان» تفتت وانهيار الطبقة الوسطى في المجتمع المصري في نهاية عصر مبارك من خلال زمنها الذي يدور في العام السابق للثورة، لأبطال مهمشين لا ثائرين.

جائزة كتارا

في دورتها الثانية، وفي فئة الأعمال المنشورة، تواجدت رواية «الأزبكية» الصادرة من الدار المصرية اللبنانية، للكاتب والفنان التشكيلي المصري ناصر عراق ضمن الروايات الفائزة في جائزة كتارا القطرية. «الأزبكية» تتناول فترة دقيقة من تاريخ مصر، وبالتحديد الحقبة العثمانية والمملوكية، ويشتغل عراق على تبطين دراما النص، بإسقاطات تحيلنا مباشرة إلى مصر في هذه الأيام، منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني وحتى الآن، ليخلق مزاوجة بين الواقعين المصريين اللذين تفصل بينهما سنوات طويلة. كما فاز العمل نفسه، بجائزة أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي، وهي جائزة إضافية، وبذلك يكون عراق قد ظفر بجائزتين في مسابقة أدبية واحدة.
عن الرواية يقول ناصر عراق: «أستلهم بعض وقائع التاريخ وأعيد صياغتها روائيًا وفق رؤية عصرية، لأن ما يهمني هو الحاضر بتناقضاته وأحزانه وكيفية التغلب عليها».

الديموغرافيا والتاريخ وجوائز المصريين

هل للجنسية دور لانتشار الحضور المصري في جوائز بعينها؟ يجيب القاص محمد رفيع عن هذا السؤال قائلاً: «الحقيقة لا أشغل بالي كثيرا بكيف تدار الجوائز من الداخل ومدى تأثير العلاقات أو الجنسيات عليها، قدر اهتمامي بالإبداع ذاته، ولكن بشكل عام فإن مصر بلد كبير ودائما يكون عدد المتقدمين من مصر وحدها يمثل نصف عدد المتقدمين من الوطن العربي كله على مستوى الكم».
إجابة شبيهة يقدمها الروائي محمد عبدالنبي: «لستُ متأكدًا بشأن الجنسية، من ناحية حضور المصريين في الجوائز العربية يعود في جانب منه لغزارة الإنتاج المصري الأدبي، نحن حوالي 90 مليون وربما أكثر الآن، نسبة مَن يكتبون منهم لن تقل عن مئات الآلاف، وهي نسبة تزيد كل يوم مع دخول شباب جدد إلى حلبة الكتابة، ودور النشر تتكاثر وإن لم تتسم أغلبها بالمهنية اللازمة، لهذا كله فإن فرص وصول أعمال مصرية لقوائم أو جوائز مسابقات كبيرة بصرف النظر عن قيمة مصر الثقافية والفنية، لأنه أمر لا علاقة له بقيمة الأعمال المرشحة نفسها.
وربما يكون هناك دور للجنسية لدى لجان بعض الجوائز بحيث يحرصون على توزيع الترشيحات على عدد مختلف من الدول العربية، ثم تنويع الفائز بها كل عام من دولة إلى أخرى، أقول ربما لأنني لستُ متأكدًا ولا مطلعا على ما يجري في الغرف الخلفية وكواليس الجوائز».
وجدي الكومي يؤكد أن الجنسية المصرية لا تشفع للكاتب في نيل المسابقات الأدبية، لكنه يذهب بعيداً، ويرى أن بعض الجوائز تحرص على إدراج أسماء مصرية بين فائزيها: «الكتابة الجيدة هي المعيار الوحيد الذي يجب أن تذهب إليه الجائزة الأدبية، الكتابة الجيدة هي الجغرافيا، والتاريخ، وإذا لم تكن الكتابة جيدة فمن الظلم أن يحصل صاحبها على جائزة وفقا لأي محاصصة جغرافية». ويضيف صاحب رواية «إيقاع»: «أعتقد أن جنسية المصريين ليس لها دور في حصولهم على الجوائز، وإن استمدت بعض هذه الجوائز أهميتها من منحها لمبدعين مصريين، ومنها جائزة البوكر العربية التي ذهبت في دورتها الأولى لبهاء طاهر، كثيرون قالوا إن الجائزة لفتت الأنظار لنفسها، وكرست نفسها بمنحها لطاهر، ولكنني أعتقد أن هذا ربما لا يكون دقيقا، لأن الجائزة تحكم أعمالا، وربما ارتأت لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية في دورتها الأولى أن «واحة الغروب» هي الأفضل».

 

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى