وثائقي مصري يرصد مسيرة الفنان السوداني الراحل محمد وردي

الجسرة الثقافية الالكترونية
*صلاح الدين مصطفى
المصدر / القدس العربي
يستعد فريق عمل من القاهرة للبدء في تصوير فيلم وثائقي عن الفنان الراحل محمد وردي، لصالح فضائية نوبية تستعد لتدشين بثها في الفترة المقبلة بالتركيز على الثقافة النوبية في مصر والسودان.
وتقول الإعلامية عبير الأنصاري إن سيناريو الفيلم يرتكز على المراحل المهمة في حياة الفنان محمد وردي، ولكن العمل لا زال في بداياته ويخضع للحذف والإضافة، حتى اللحظات الأخيرة. وتضيف أن الفيلم سيتم تصويره في السودان بالتركز على الأماكن التي عاش فيها ويتناول كذلك فترة وجود وردي في القاهرة في تسعينات القرن الماضي.
المخرج حاتم جاسر يرى أن طبيعة الفيلم تستوجب عدم التدخل في السيناريو، إلا بما تقتضيه الضرورة الفنية، مشيرا إلى أنهم سوف يغطون كل المراحل المهمة في حياة الفنان محمد وردي ويكون الحكم في نهاية الأمر للجمهور المتلقي.
ويقول الإعلامي السوداني الشامل السر قدور، إن قيمة وردي تنبع من كونه يؤثر على الفنانين وليس على الجماهير فقط. ويضيف أن الفنانين يعتبرونه ملهما لهم، لأنه قدم نفسه من خلال الأداء الصوتي عبر أغنيتين في بداية مسيرته الفنية، وهما «الحب والورود» وأغنية «يا سلام منك»، حيث قدم ألحانا بسيطة من دون تعقيد، لكنه أعلن من خلالها أنه فنان حقيقي يجيد فن الأداء الصوتي.
وفي تعليقه على الجوانب المتعلقة بإنتاج الفيلم يرى، أن أهم قيمة يجب التركيز عليها هي الكاريزما التي يتمتع بها محمد وردي. ويقول إن وردي ظل يوظف كل الأشياء المحيطة به لخدمة الأداء ويقول: «إن وردي يختار أشعارا قوية لشعراء مجيدين، ويعزف معه أفضل الموسيقيين السودانيين ويهتم بكل صغيرة وكبيرة، لكنه عندما يبدأ يغني فإن المتلقي ينسى كل شيء ويركز على طريقة الغناء».
ناحية أخرى في حياة وردي الغنائية يلفت قدور الانتباه لها قبل البدء في تصوير الفيلم، وهي موضوع التراث النوبي، خاصة الموسيقي، ويقول إن وردي استوحى العديد من ألحان أغنياته من التراث الموسيقي النوبي وتغنى بها لجماهيره المنتشرة في كل أقاليم السودان، بألحان تضرب في جذور الثقافة الموسيقية للنوبة ويمكن إثبات ذلك بسهولة شديدة.
ويرى قدور أن وردي لم يقلد نفسه أبدا في أي لحن من ألحانه، فكلما يبدع لحنا رائعا يتبعه بلحن أكثر روعة، ويتميز كذلك بالجرأة في تقديم الجديد والثقة المطلقة بأعماله ويقول: «ذات مرة جمعنا ليسمعنا لحن أغنية «عصافير الخريف» وكان عملا كبيرا، وفي الوقت نفسه أسمعنا لحنا جديدا لأغنية اسمها الصورة، فطلبنا منه جميعا أن يؤجل الأغنية الأخيرة لأنها سوف تضيع مع «عصافير الخريف»، لكنه رفض بقوة وقدمهما معا والآن أغنية الصورة تملأ الدنيا».
من النواحي المهمة في شخصية وردي التي طلب قدور من المخرج الالتفات لها، طبيعة شخصية وردي وصراحته في تقديم آرائه لدرجة أن الكثيرين يعتبرونه مغرورا و»مفتري»، ويقول السر إن هذه هي طبيعة الإنسان النوبي على وجه العموم وطريقة حياة وردي العادية، ولا علاقة لها في كونه فنانا أم عاملا في السكة حديد، أما حدته وجديته في الجوانب الفنية، فمردها إلى أنه يعتبرها مسؤولية كبيرة وليست لهوا ولعبا كما يعتقد البعض.
ويرى المخرج أن الفيلم سوف يثير جدلا، خاصة في مواقف وردي السياسية، حيث غنى لأربعة أنظمة «منها نظاما عبود ومايو»، لكن السر قدور يرى أن تعبير وردي في كل مواقفه كان وطنيا وليس سياسيا، بمعنى أنه عبّر صادقا عن لحظات اعتد بها في وقتها، ثم كان شجاعا ورفض تلك المواقف بعد أن تبين له أنها لا تتماشى مع مواقفه.
ويقول الإعلامي السر قدور، الذي عاصر العديد من الحقب السياسية، إن وردي هو الفنان الوحيد الذي ألف أغنية وغناها لطلابه في مدرسة صغيرة في منطقة دغيم في الأول من كانون الثاني/ يناير عندما تم رفع العلم السوداني في القصر الجمهوري إيذانا ببزوغ فجر الاستقلال، مما يدل على حس وطني عميق