ياسين حبيبي: أغنيتي «صوت النسا» تعيد الاعتبار للمرأة وتخاطب ذكاءها

الجسرة الثقافية الالكترونية
*فاطمة بوغنبور
المصدر / القدس العربي
ينتمي لمدرسة الموسيقى الروحية الصوفية المغربية بإرثها التاريخي الممتد قرونا لكن بأبعاد كونية كما يصف خطه الفني. مثّل المغرب في جل التظاهرات الفنية العالمية الروحية منذ ظهوره في برنامج «منشد الشارقة» قبل سبع سنوات. يؤمن بضرورة التجديد في الثرات الصوفي العريق ويبحث عن كيف ينزل هذا الفن «النخبوي» حسب رأيه لقاعدة الجماهير. تؤلمه الرداءة ويسعى من خلال فرقته «روح مكناس» إلى تثبيت قدم فن يخاطب الروح وينشد الكمال وسط جوقة من الطيب والخبيث، الحق والباطل من الفنون، لديه «المنفرجة» و»تجليات روحية» وهو في طور التحضير للألبوم الثالث وقبل ذلك أخد على عاتقه أن يغني للمرأة في مناسباتها العالمية.
■ غنيت للمرأة في يومها العالمي «صوت النسا» كيف جاءت الفكرة؟
□ حين سمعت الأغنية ولأول مرة أعجبت بها جدا وجدتني أتقاسم معها نفس الفكرة والمضمون فأحببت أن تكون أول إطلالاتي الفنية في العام الحالي. و»صوت النسا» تحمل توقيع الشاعر زكرياء الحداني ومن الحان رضوان الديري وتكلف بالتوزيع موسيقيا الفنان عبد الله هامي. وهي ستكون ضمن ألبومي الثالث القيد الإنجاز حاليا.
■ هذه ثاني إطلالة فنية لك حول المرأة بعد أغنيتك «أبد الندم» عن الأم؟
□ نعم والأمر ليس صدفة أن أغني عن المرأة بل هو اختيار مدروس، مكانة المرأة عظيمة جدا الزوجة والأخت والأم. لم تنصفها خطابات التلفزيون والصور التي يعكسها الإعلام فغالبا نجدها صور مشوهة تبدو المرأة كسلعة أو بضاعة نحن لا نلمس أهميتها العظمى في صيرورة الحياة هل لنا أن نتخيل مثلا متاعب تربية الأولاد وتلك القوة الخارقة التي تمتلكها لتمنح كائنا ما الحياة وترعاه حتى يشتد عضله. لهذا أردت أن أغني للمرأة المغربية الحقيقة المكافحة في عمق الجبال لتلك المعلمة في المناطق البعيدة والنائية للعالمة التي وصلت أقصى درجات المعرفة والبحث العلمي.
■ إلى أي حد قد تنجح أغنية في طرح قضية للنقاش؟
□ الفن بالأساس رسائل. صحيح يعرفني الناس في مجال الموسيقى الروحية الثراتية ومحاولاتي في تجديدها لكني أغادر أحيانا هذا الإطار كي أستطيع طرح قضايا وأفكار تحترم الذائقة الفنية وذكاء الجمهور. قبل أغنية «صوت النسا» كنت في جولة فنية في باريس مع فريقي وأنا بصدد تسجيل مقطوعة روحية بعنوان «عمر قلبك بالله» سمعت بالصدفة أغنية «صوت النسا» في الأستوديو فأجلت التسجيل وتفرغت لها. فنحن في حاجة لأعمال فنية تعيد الاعتبار للمرأة وتحفظ كرامتها وتخاطب ذكاءها بدل بعض ما هو سائد من تشوه خلقي وخلقي كنموذج الأغنية الشهيرة «اعطيني صاكي» فخطير أن يردد أطفال ويافعون في طور التكوين كلاما كهذا. أوليس مفعول أغنية واحدة أحيانا يفوق ألف مرة ثأتير خطاب سياسي في البرلمان؟ لهذا أتمنى أن تخلق أغنية «صوت النسا» نقاشا يترفع عن السائد من رداءة وإسفاف خلقي وفني.
■ تنتسب للمدرسة الروحية والصوفية في أي إطار يأتي جديدك إذن؟
□ من أجل التنويع ورغبة في إرضاء الجمهور وسأستمر في هذا الاتجاه، وذلك بدل أن نترك الساحة فارغة للباطل من الفن والجمهور في حاجة للتنوع والاختلاف في الأطباق الفنية المقدمة له ودورنا هو تقديم منتج يرقى بفكره على الرغم من عدم مساندة الإعلام لنا أو تتبعه لاختياراتنا الفنية.
■ أسست فرقة «روح مكناس» للإنشاد الصوفي وسطرت جملة أهداف لها؟ هل حققت ما صبوت له؟
□ مثلت الفرقة المغرب في تظاهرات فنية عالمية حول تلاقح الحضارات وحوار الأديان في كل دول أوربا حملنا دائما شعار لا للعنف ولا إكراه في الدين. لهذا الفرقة بالفعل حققت ما رسمته لنفسها من أهداف. من جهة أخرى علينا أن نعترف أن الموسيقى الروحية نخبوية جدا لديها طبقة محددة من المجتمع تعشقها وتستمع إليها وهذا إشكال كبير وهدفي كان هو تبسيط الأمور وتقديم فن روحي صوفي راقي بشكل عصري شبابي وبطريقة مبسطة تصل للجميع بدل أن يستورد المغرب الصوفية من الخارج أو من الشرق، ولهذا تحولت فرقة روح مكناس إلى جمعية ثقافية للموسيقى الروحية العالمية والثرات المغربي العريق والتي أشرفت على تنظيم مهرجان مكناس الدولي للثقافات والفنون الذي نظم دورته الثالثة في يونيو الماضي.
■ جربت أجواء التنافس قبل سبع سنوات في برنامج منشد الشارقة. كيف تجد التخرج من هذه البرنامج؟
□ كانت تجربة فريدة باعتباره أول برنامج مسابقات للمنشدين مثلت فيه المغرب من بين أكثر من 200 منشد مغربي. لكن بعد ظهور برامج مسابقات عديدة غطت على تجربة منشد الشارقة، فربما الاستماع للفنان دون فرقة موسيقية تكون مملة أو غير مبهرجة. لكنها محطة مهمة في حياتي مكنت جمهورا واسعا من التعرف علي خصوصا من الجاليات العربية في أوربا التي صوتت بكثافة.
■ شبان مغاربة شاركوا في المسابقات العربية المعروفة سبق لهم وتألقوا في برامج للإنشاد وتجويد القران ما رأيك؟
□ لدينا الكثير من الشبان لهم طاقة وموهبة والفن أيضا حرفة يقف وراءها الهدف المادي، لهذا الأمر متعلق بشخصية هذا الفنان هل أجاب على أسئلة مهمة في حياته كماذا يريد؟ أي مبادئ عليه أن يحافظ عليها؟ ما حدود تعامله مع عالم الفن؟ وغير ذلك. المشكل أن هناك مغالطات كثيرة لدى الجمهور الذي يعتبر أحيانا أن هذا الفنان فد ارتد حين يغني بعد أن كان يجود القران. مع أن الغناء مختلف بشأنه فقهيا والغالب الأعم أن قبيحه قبيح وجميله جميل.
■ كيف تجد موجة الأغاني المغربية الجديدة التي اكتسحت الساحة؟
□ مضى وقت كنا نسمع فيه فقط المصري، كان هذا هو المسيطر. لكن هذا زمن الأغنية المغربية. هناك وصفة سحرية اتبعها الفنانون المغاربة أعطت هذه النتيجة: الذكاء في الاختيار، الاجتهاد والموهبة، فالشعراء بسطوا اللغة بجعلها مفهومة بنسبة جيدة للمشارقة، وعلى مستوى اللحن تم تقريب الميزان المغربي للميزان العراقي والخليجي. فنحن نعرف أن موازين المغرب الموسيقية صعبة جدا لهذا لا يستطيع أي مشرقي أن يغنيها في حين نستطيع نحن أداء كل الأصناف. لهذا فالأغنية المغربية السائدة ألان ليست مغربية 100 في المائة كما لدى أحمد البيضاوي أو عبد الهادي بلخياط لكنها مع ذلك نهج ذكي.
■ «الطرب الأندلسي» إرث مغربي حضاري وثقافي مهم لكنه بقي حبيس المغرب لماذا؟
□ للأسف لم يتم تحديث موسيقى الآلة لازالت كما هي قبل قرون من الزمن، لاتزال هناك 11نوبة موسيقية طويلة، ولا تزال الموسيقى الأندلسية تعني لحظة تقديم العشاء في الحفلات أو موعد النوم والقيلولة في مخيلة الكثير، هي ارث وتاريخ مهم لكن أناسها ظلوا جامدين وعليهم أن ينفضوا غبار الجمود ويدرسوا كيف يمكن توصيلها للعالم بدل أن تبقى» فوضى منظمة» كما كان قـد وصفها الفنان محمد عبد الوهاب. الموسيقى الأندلـسية في وجدان المغاربة فقط وعلينا أن نوازنها مع أذواق ورغبـات غيـرنا الفنية من الشعوب.