100 مشروع تعيد الحياة إلى قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 في الجزائر

الجسرة الثقافية الالكترونية
عبد الكريم لونيس:*
المصدر / القدس العربي
ساهمت مختلف مشاريع البناء والتشييد التي استفادت منها مدينة قسنطينة (430 كلم شرق العاصمة الجزائرية) في إطار تظاهرة عاصمة الثقافة العربية 2015 في عودة «سيرتا» (اسم يطلق قسنطينة القديم) إلى واجهة الساحة الفنية والثقافية العربية والعالمية بعد سنوات من الركود عصفت بمكانتها كمـعقل لأهل العلم الفن والثقافة.
وقـال مصـدر مسـؤول في مديرية التجهـيزات لـولاية قسنطينة، إن الحكومـة الجزائرية خصصت أزيد من 400 مليون دولار لإنجاز حوالي 100مشروع بقسنطينة بعد اختيارها في ديسمبر/ كانون الأول 2012 مـن طـرف المنـظمة الـعربية للـتربية والعلـوم والثـقافة أليسكو لاحتضان تظاهرة عاصمة الثقافة العربية.
ومن بينها مشاريع لإنجاز 25 منشأة فنية ثقافية جديدة و74 مشروعا لإعادة الاعتبار للتراث والأماكن الأثرية وواجهات المدينة بالإضافة إلى المشاريع الكبرى المتمثلة في قاعة العروض الزينيت فندق الماريوت قصر المعارض والمكتبة العصرية.
وتعد قاعة العروض الزينيت التي تقع بحي زواغي من أهم المشاريع التي استفادت منها مدينة «الجسور المعلقة» (اسم يطلق على قسنطينة) حيث تعد الأولى من نوعها في الجزائر.
وقالت أموندا صونيا مديرة الشركة الصينية «تشاينا ستايت إنجنيورينغ كوربورايشن»، التي أوكلت لها مهمة إنجاز القاعة: «هذا المشروع ضخم ومتميز وهو يتربع على 60 ألف متر مربع وقد راعينا في إنجازه الهندسة المعمارية الأصيلة التي تجمع بين الأصالة والحداثة في شكل ثلاثي الأبعاد واجهاته من الألمنيوم والزجاج».
وأضافت «تضم هذه المنشأة قاعة عروض كبرى بها 3 آلاف مقعد من بينها 1000 مقعد متنقل وأخرى قابلة للطي الشيء الذي يعطي الإمكانية لتغيير شكل القاعة ويؤهلها لاحتضان مختلف العروض في حين تمتد الخشبة على مساحة 600 متر مربع مع إمكانية حجب أجزاء منها وفتح أخرى حسب الضرورة».
وأضافت: «القاعة تستجيب لجميع المعايير العالمية بما في ذلك الشروط الأمنية والراحة البصرية للمتفرجين والصوت الأصلي دون ترددات حيث قام بتركيب تجهيزاته مختصون من إيطاليا وكذلك الحال بالنسبة للإضاءة عالية الجودة».
وتابعت «كما يجد الزائر للقاعة كل شروط الأمان وفضاءات الاستراحة شأنهم في ذلك شأن الفنانين الذين يوجد تحت تصرفهم أستوديو للتسجيل وسرح واسع متعدد الوسائط مخصص للبروفات وقاعـتين صغيريتين للعروض بـ 150و300 مقعد كما يضم هذا السرح فضاءات تجارية وخدماتية عصرية وقاعة للتمارين الرياضية ومقهى وحضيرة واسعة للسيارات بسعة 6 آلاف سيارة».
وقال مدير الثقافة في ولاية قسنطينة جمال فوغالي: «قاعة الزينيت هي أجمل ما استفادت منه قسنطينة في إطار تظاهرة الثقافة العربية وإذ تعد الأولى من نوعها في الجزائر».
وهذه القاعة أعادت لمدينة العلم والعلماء (اسم يطلق على قسنطينة) مكانتها وجعلت منها قطب وإشعاع ثقافي، يقول فوغالي، مضيفا «ستمكنها من احتضان مختلف التظاهرات الكبرى والعروض على اختلاف أنواعها بما فيها العالمية التي لم يكن بالإمكان الحلم باحتضانها قبل الآن لأننا في قسنطينة لم نكن نملك مكان لها «.
واختيار قسنطينة لاحتضان تظاهرة عاصمة الثقافة العربية 2015 كان تشريفا للجزائر وتكريما لقسنطينة مدينة العلم والعلماء والفن والثقافة (أسماء تعرف بها قسنطينة) كما تراه وزيرة الثقافة نادية لعبيدي في تصريح لها مؤخرا.
وتضيف الوزيرة «كان من واجب الحكومة الجزائرية أن تكون في مستوى الحدث فخصصت غلاف (مبلغا) ماليا جد معتبر لإعادة الاعتبار لواجهة المدينة ومختلف منشآتها كما تم تشييد العشـرات من المشـاريع الجديدة سيكون لها دور كبير في إنجاح العرس العربي واستقبال ضيوفه في ظروف جيدة».
«يضاف لذلك الـ 70 مليون دولار التي تم تخصيصها للشق الثقافي في التظاهـرة من أجل إنجاز وإخراج العشرات من الأعمال المسرحية وطبع الكتب وإخراج الأفلام وغيرها من الأعمال الفنية»، بحسب الوزيرة.
كما يعد فندق الماريوت من المشاريع الفندقية الكبرى التي استتفادت منها قسنطينة أيضا لأول مرة في تاريخها وذلك في إطار التظاهرة العربية حيث أن المديـنة وبالرغم من عراقتها إلا أنها تفتقر لفندق من هـذا النوع.
وقال مدير السياحة في الولاية حسـان لبـاد: فندق الماريوت هو إضافة جديدة لمدينة قسـنطينة حيث أنه يعد الأول من نوعه في هذه الـولاية التـي لـم يكن بها فندق من صنف 5 نـجوم في السابق.
وأوضـح وقد تكفلـت بإنجـازه الشركة الصـينية «تشاينا ستايت إنجنيورينغ كوربورايشـن» لصـالح مؤسسة الاستثمار الفندقي بميزانية قدرت بحوالي 160 مليون دولار وقد راعت الجهة التي تكفلت بالإنجازالطابع المعماري العربي والإسلامي في بنائه».
ومن المشاريع الأخرى التي استفادت منها قسنطينة في إطار تظاهرة الثقافة العربية التي ستنطلق بشكل رسمي في 16 أبريل /نيسان المقبل يوجد قصر المعارض بمنطقة زواغي (12 كلم جنوب مدينة قسنطينة) والذي خصصت له الحكومة حسب مصدر بمديرية التعمير لولاية قسنطينة 17 مليون دولار .
غير أنه لم يبرح مكانه بعد تأخر الشركة المكلفة في مباشرة الأشغال بالرغم من الإعذارات العديدة التي تم توجيهها له من قبل المسؤولين.
كما تعرف أشغال إنجاز المكتبة العصرية بمنطقة باب القنطرة حسب ذات المصدر وتيرة متسارعة لتسليمها قبل نهاية السنة الجارية.
وكذلك الحال بالنسبة لقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة الذي عرفت بنايتة أشغال ترميم واسعة مع تغيير شبه كل في شكله الداخلي والخارجي بميزانية شأنه في ذلك شأن قصر الثقافة مالك حداد الذي أكد القائمون على إنجازه لوكالة الأناضول أنه سيكون جاهزا قبل أيام من الافتتاح الرسمي للعرس العربي.
ويجري العمل على قدم وساق أيضا بمشروع متـحف الفنون العصرية وكذلك الخـاص بـإعادة الاعتـبار لمدرسة الشيخ عبد الحميد ابن بادس (علّامة وقائد النهضة الفكرية في الجزائر) وفندقي بانوراميك وسـيرتا اللذان سيتم استغلاهما في استقبال ضـيوف التظاهرة.
بعـض سكان قسـنطينة، أجمـعوا على أن الحركية التي تعرفها الـمدينة في مجال إنجاز المشاريع وإعادة الاعتبار للبنايات ومختـلف المؤسسات لم تشهدها مدينتهم منذ الاستقلال.
ورأوا أنه لولا تظـاهرة عاصـمة الثـقافة الـعربية لما أولت الحكومة كل هذا الاهتمام لقسنطينة التي عرفت تهميـشا حسبهم طيلة السنوات الماضية جعلها تفقد مكانتها التاريخية العملية والثقافية وفتح المجال لمدن أخرى للارتقاء على حسابها.
واسـتفادت مختـلف أحـياء قلب مدينة قسنطينة وتلك التي ستحتضـن مختلف نشاطات التظاهرة من مشاريع بالجملة لإعادة الاعتبار لبناياتها وتـحسين واجهاتها مع إعادة رصف الأرصفة وتجديد الطرقات وإعـادة فتح الممرات الشيء الذي جـعل المدينـة عبـارة عن ورشـة قال مسؤول في مديرية التعمير أنها ستغلق خلال الأيام القليلة القادمة على أن يشرع في عملية تنظيف وتطهير واسعة بالمدينة كي يتم استقبال الضيوف في ظروف جيدة.
وتعد قسنطينة، حسب ما جاء في الدراسات التاريخية، من أعرق المدن المغاربية العربية والعالمية على حد سواء تقع بالشرق الجزائري وهي مبنية على صخرة من الكلس القاسي وقد أسسها الأمازيغ وأطلقوا عليها اسم سيرتا.
وحينها اختارها الملك الأمازيغي ماسينيسا عاصمة لمملكة نوميديا لتشهد بعدها مجموعة من الثورات والحروب تسببت في خراب ودمار كلي لها خاصة على يد الإمبراطور البيزنطي ماكسينوس الذي دمرها كليا قبل أن يقوم الإمبراطور الروماني قسطنطين بإعادة بنائها سنة 313 ميلادية وأطلق عليها اسم قسطنطينة نسبه له وبعد ذلك مرت عليها العديد من الحضارات قدرتها بعض الدراسات التاريخية بـ 17 حضارة قبل أن يستقر بها العثمانيون لأزيد من 250 سنة.