‘أدرينالين’ يحول ذرات الفيزياء إلى قصائد

صدر حديثا في بغداد عن منشورات المتوسط رابع ديوان شعري للشاعر الفلسطيني المقيم في السويد غياث المدهون تحت عنوان “أدرينالين”.

ولمع اسم غياث المدهون كثيرا في السنوات الاخيرة وخصوصا بعد وصول كتابه الشعري “بعيداً عن دمشق” الصادر باللغة الهولندية عام 2014، إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعا في بلجيكا، وصدور طبعة ثانية منه، في حالة غريبة عن عادة كتب الشعر.

والشاعر الفلسطيني وفقا للناشر يكتب نصا متخففا من الاستعارات ولكنه لا يتورط أبدا بالمباشرة يعتمد التداعي السردي للأفكار ويركز على المواربة في انتقاء المفردات التي تساعده في تفكيك ذرات الماء وتقديمها لنا.

فبدلا عن أن يقول ماء، على سبيل المثال، نجده يقول H2O. يتكلم عن الفيزياء والكيمياء ويستند إلى قوانينهما ليثب لنا فساد الطبيعة، في قصيدة من الكتاب يقول:

الفيزياء.

لعنةُ اللهِ على الفيزياء.

لماذا يغرقُ المهاجرونَ، وبعدَ أنْ يلفظوا أنفاسَهُم الأخيرة يطفونَ فوقَ وجهِ الماءِ؟

لماذا لا يحدثُ العكسُ؟

لماذا لا يطفو الإنسانُ حين يكونُ حيَّا، ويغرقُ حين يموتُ؟

وفي نص آخر:

وأعتقدُ أنَّ هنالك بعضَ الأمل لأنْ يكون هنالك بعض الأمل

إذ حتّى تاريخ كتابة هذا النصّ لم تتوصّل أجهزة الاستشعار في الفيزياء الحديثة إلى أجوبة مقنعة حول التأثير الذي أحدثتْه الأمواج الصوتية لكلماتِكِ في أذنيّ على الشعر في الشرق الأوسط

كذلك يمكنُ أنْ أقعَ في حبَّكِ مرّةً أُخرى.

ويبدو غياث في “أدرينالين” كأنه عالم فيزيائي ولكنه بدل أن يؤمن بأن الكون يتكون من ذرات، يؤمن أنه يتكون من قصائد. ويتفق مع الفيزيائيين بأن الشعر لا يفنى ولا يولد من عدم.

وفي هذا الكتاب الذي جاء في 96 صفحة من القطع الوسط يجد القارئ شاعرا وساردا وقاصا وروائيا وسينمائيا وعالما فيزيائيا ومخبريا ومحللا سياسيا.

وكتب الشاعر أمجد ناصر على غلاف الكتاب عن قصيدة الحليب الأسود “عزيزي غياث. نصك الشعري هذا مؤثر وخارج من سيطرة القوالب المعهودة للقصيدة النثرية أو غيرها فيه عنف ورقة في آن. تقليب ونخز لمرجعيات راسخة سواء في الأنا أو الآخر الذي عليه أن يرى وجهه في هذه المرآة المحجرة. قوي ويلعب على أسماء العلم ولكنه لا يتكئ عليها”.

وعلى الغلاف أيضا تعليق للشاعر الهولندي توماس مولهام كتبه في مجلة هولندية “حكاية معاصرة حول الانحدار والأحداث الجارية، الحب والعنف، المشاكسة والشعور بالذنب”.

ولايروين يانس على الغلاف “شعر المدهون هو العاطفة التي لا توفر الراحة، متقد حتى أعمق أليافه المعجمية والنحوية، لا شيء يتم وضعه في منظوره الصحيح، باستثناء الوجود الفردي الخاص، في النهاية، العديد من الأصوات تتحدث بصوت الشاعر، وخصوصا الأموات”.

ومن مقدمة “الغارديان” التي سبقت نشر قصائد المدهون “قسوة ووحشية الحرب يتم تكرارها حتى تغدو جلية”.

وغياث المدهون شاعر من فلسطين مقيم فى ستوكهولم منذ 2008، صدر له ثلاث مجموعات شعرية، آخرها “لا أستطيع الحضور” عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2014، كما صدرت له مختارات باللغة السويدية عام 2010 بعنوان “طلب لجوء”، وقد حصل الكتاب على جائزة الكاتب الأجنبي عام 2012، التي يقدمها اتحاد الكتاب السويديين.

كما تم اختيار ديوانه “إلى دمشق” 2014، وهو إصدار مشترك مع الشاعرة السويدية ماري سيلكيبيري، ليكون ضمن قائمة أفضل الكتب الصادرة في السويد، وفي 2015 وصل إلى قائمة كتب الشعر الأكثر مبيعًا فى بلجيكا.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى