الأرق كما لو أنّه هدية.. للشاعرة وعد الحسين

الجسرة- خاص
يأكلني الأرقُ
كما تأكل الحجارة السوداء جدرانَ هذه المدينة
و يتركني نصفَ وعد
أنا ابنةُ هذا الجبل
مهشمة لكنّي ثابتة
لي وحدتي و للعالم ظلي وفيئي
لي صراخي وانكساري و له شموخي
لكني ابنةٌ شرعية أيضاً للبحر الأزرق البعيد
هذا الأرق الدائم أهديه للوحل الذي يستوطن الأراضي الرقيقة
و للرجال ذوي البدلات السوداء ، المزيّفة
للنساء المتبرجات اللواتي يتكاثرن قبالة الأفران كالجراد
للأشقياء الَّذين يسرقون في الصباح ورود الجوري التي ترعاها أمي بعناية
الأعمى الذي سلب جدي آخر قواه أهديه أرقاً مضاعفاً
أهديه لسائق الحافلة الذي أخذ السوريين في رحلتهم المتعبة هذه
و للدورة الدموية في أجساد من يمارسون العنف ضد الأطفال
لمن يسرق لحناً لا رغيفَ خبز
أهديه لمعامل الأدوية الرخيصة ولمؤرخي العادات والتقاليد البالية
للمنافقين لا للمعتوهين
لمن يمارس الغطرسة
و أمنح أملي بالشفاء من هذا الأرق
للعصافير التي تلازم شباكي كأغنية
للبسطاء الّذين يمدون المحبة على الأرصفة كما يمد المفرطون موائد اللحمة و الأطعمة المختلفة
بعناية، ورفق
لحكايا كبار السن ولكلّ الوجوه الحقيقية
لغريب يبادلني وجهة السفر لا النظر
ليد تربت على قلبي ، لا كتفي
لأحدهم يصرخ في الأقبية أو يغني في الشوارع
لمن لا يعترفون بالإتكيت والبريستيج
لفتيات يبحثن عن رجال برائحة البارود لا العطور
لرجال يحملون البحر جسداً من اللانهاية
أما هدوئي و صبري فإني ألبسه ثوباً حريراً
إنه ثمين وأخشى تلفه
لكن غيابَك يمزِّقه و يمزقني
و يتركني نصف، ربع ، بقايا وعد !
لذلك أهديك هذهِ الحروف وكلي أمل كلي أرق .