الترجمة بين حسن المظهر وسوء المخبر!رحيم شامخ رحيمه

كتاب (شروق الإمبراطورية البريطانية وغروبها) نموذجاً

الجسرة – خاص

تقترن الترجمة بالأمانة وتقترن الأمانة بالقدرة على حملها وتبليغها . ولتحقيق هذا الغرض حرصت كثير من دور النشر على تعضيد ترجمتها للكتب الأجنبية بأن تعهد الى من يراجع هذه الترجمات من ذوي الخبرة والاختصاص للتأكد من دقتها ومطابقتها للمادة الأصل التي تجري ترجمتها . ويُتوقع من المؤسسات الثقافية ودور النشر التابعة للدولة التي تضطلع بنشر الكتب المترجمة أن تكون أكثر حرصاً من المؤسسات ودور النشر الأهلية على مهنيتها ودورها التنويري بصفة عامة على اعتبار أن تلك المؤسسات العامة لا تضع الربح والتجارة في مقدمة أولوياتها . ومن هذه المؤسسات التي تحظى باحترام القارئ العربي وثقته المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة المصرية الذي يصدر سنوياً العشرات من الكتب المترجمة من مختلف اللغات الى اللغة العربية في مواصلة لمشوار الترجمة التي كانت مصر وكتابها الكبار من روادها الأوائل منذ بدايات القرن العشرين لاسيما إصدارات لجنة الترجمة والتأليف والنشر ثم مشروع الألف كتاب .
وكنت أضع هذا في اعتباري عندما وقع بين يدي كتاب (شروق الإمبراطورية البريطاية وغروبها) لـ (لورانس جيمس) . والكتاب الصادر باللغة اللانكليزية عام 1994 (The Rise and Fall of the British Empire) يعد واحداً من المصادر المهمة في مجال التاريخ الحديث . تقع ترجمته العربية في مجلدين ينيف عدد صفحاتهما على الألف صفحة . والكتاب من ترجمة عبدالله عبد الرزاق ابراهيم ، ومراجعة شوقي عطاالله الجمل ، وكلاهما استاذان من أساتذة التاريخ الحديث والمعاصر في مصر ، فضلاً عن أن المترجم حائز على ليسانس في اللغة الانكليزية عام 1962 . وسبق لهذين الاستاذين ، وفقاً للتعريف الوارد في ذيل الكتاب ، أن أصدرا عشرات الكتب تأليفاً وترجمة ، وقاما بمراجعة عدد آخر من الكتب المترجمة الصادرة عن المركز القومي للترجمة نفسه . الأمر الذي يعني – نظرياً – حيازتهما المؤهلات اللازمة لتقديم ترجمة أمينة ودقيقة لكتاب يقع في صلب اختصاصهما . فالترجمة تغتني وتتكامل كلما كان المترجم من ذوي الاختصاص والاطلاع والثقافة في المجال موضوع الترجمة ، فضلاً عن القدرة والاجادة لكلا اللغتين المصدر والهدف .
مطمئناً الى سمعة المركز القومي للترجمة وصيته الذي طبق الآفاق والمكانة الأكاديمية للأستاذين ، المترجم والمراجع ، شرعت بقراءة الكتاب آملاً في أن استمتع بلذة قراءة الكتاب التأريخي الذي يجمع الى المعرفة الأكاديمية جاذبية السرد . لكن توقعي لم يكن في محله وسرعان ما اُصبت بخيبة أمل بل بصدمة من لغة الترجمة الركيكة وضعفها وافتقارها الى دقة التعبير والاصطلاح الأكاديمي الدقيق حتى خلتني أقرأ احدى ترجمات (المغفور له) غوغل . وبدلاً من الاستمرار في قراءة الكتاب بدأ الضجر ينتابني وأنا أكره نفسي على مواصلة القراءة معللاً النفس بأن ما واجهته من عنت في قراءة الفصل الأول قد يكون مرده الى أغلاط مطبعية أو سقوط بعض من عبارات الكتاب أثناء التنضيد والطباعة . لكن الأمر تفاقم مع بداية الفصل الثاني الذي بدا أنه يفوق الفصل الأول سوءاً. الأمر الذي دفعني الى الرجوع الى النسخة الأنكليزية من الكتاب كي أتحقق من سبب عدم فهمي لبعض عبارات الكتاب واضطراب بعضها الآخر ولا منطقيتها . فظهر لي بعد مقابلة الأصل بالترجمة أن الأمر لا يتعلق بأسلوب الترجمة وصياغة العبارة العربية فحسب بل بعدم فهم المترجم لمضمون العبارة الانكليزية واضطراره الى ترجمتها ترجمة حرفية ذهبت بالمعنى وحرفت المضمون .
وكي لا يكون الكلام دعوى من دون حجة بالغة ودليل واضح للنيل من المركز ومترجميه وتشويه سمعته ، رأيت أن أضع بين يدي القارئ الكريم عينات من الترجمة العربية للكتاب مشفوعة بترجمتي لها في مقابل النص الإنكليزي للفقرات المترجمة مذيلاً كل ذلك بتعليق يكشف الغلط الذي وقع فيه المترجم . ولم يكن اختياري لهذه العينات عن روية وقصد بل اقتصرت فيها على ما وجدته في الصفحات الثلاث الأولى من الفصل الثاني من الكتاب (الصفحات43-45) وهو الحد الذي كنت قد وقفت عنده وتركت الكتاب . الأمر الذي يدعو حقاً الى التساؤل عن مدى سوء ترجمة الكتاب ، فإذا كان هذا الكم من الملاحظات يتعلق بثلاث صفحات فقط ، فكم ياترى ما اشتمل عليه الكتاب من تشويه يكون ضحيته القارئ . وأكتفي هنا بالعينات الواردة في ما يأتي لإسناد دعوى ضعف ترجمة الكتاب عوضاً عن مراجعة الكتاب كله لتعذر هذا الأمر لأنه سيعني في هذه الحال ترجمة الكتاب كله . وهدفنا هنا هو التنبيه والافادة وليس الذم والتشهير ولفت الانظار الى الخراب والتدهور الذي بدأ يسود الثقافة العربية والذي يظهر هنا في اللامبالاة وعدم احترام المتلقي ، بل قبل ذلك عدم احترام الذات .

Englishmen had first been drawn to the Caribbean, known often as the Spanish Main, in the middle of the sixteenth century.
ترجمة الكتاب : اندفع الرجال الإنكليز الى الكاريبي ، وفي الغالب كانوا يعرفون باسم الاسبان الأصليين في منتصف القرن السادس عشر .
الترجمة المقترحة : اندفع الإنكليز الى منطقة الكاريبي ، االتي تعرف بأنها منطقة نفوذ اسبانيا الرئيسة ، أول مرة في منتصف القرن السادس عشر .
يعني اصطلاح Spanish Main المنطقة التي تضم أمريكا الوسطى والساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية ، أي المستعمرات الاسبانية في الأمريكتين . فالجملة الاعتراضية تصف المنطقة وليس سكانها كما هو واضح من النص الإنكليزي .

The Spanish settlers were grateful for Hawkins’s cargoes of West African slaves, but their government objected to his infraction of the official monopoly that gave Spaniards alone the right to trade with Spanish possessions. In 1568, Hawkins’s tiny flotilla of trading vessels was ambushed at San Juan de Ulúa and driven off with heavy losses. He soon returned with others, including Drake, as a privateer preying on Spanish shipping.

ترجمة الكتاب : وكان المستقرون الاسبان شاكرين لحمولات هوكنز من عبيد غرب أفريقيا ، لكن حكوماتهم عارضت معاهدته للاحتكار الرسمي الذي أعطى للاسبان وحدهم حق الاتجار مع الممتلكات الاسبانية .
في عام 1568 هاجم اسطول هوكنز الصغير في سان جون دي أولا ، وتم طرده بعد تكبده خسائرة فادحة ، وفي الحال عاد الآخرون بمن فيهم دريك كمركب قرصان يهاجم السفن الاسبانية .

الترجمة المقترحة : بينما كان المستوطنون الاسبان ممتنين لحمولات هاوكنز من عبيد غرب أفريقيا ، رفضت حكومتهم انتهاكه للاحتكار الرسمي التي خولت الاسبان وحدهم الحق بالمتاجرة بالممتلكات الاسبانية . ولهذا تم الإيقاع باسطول هاوكينز الصغير المؤلف من مراكب تجارية عام 1568 ، في سان خوان دي لوا وطرد متكبداً خسائر باهضة . لكنه سرعان ما عاد برفقة آخرين ، من بينهم دريك ، على سفينة قرصنة لديها تفويض رسمي لمهاجمة السفن الاسبانية .

يلاحظ هنا الغلط نفسه في استخدام المصطلح الصحيح ، فاستخدم المترجم كلمة المستقرون بدلاً من الاصطلاح المعروف المستوطنون ، وهذا الأمر أشهر من أن يغالط فيه كاتب أو قارئ ، فاصطلاح المستوطنون الإسرائيليون والمستوطنات الإسرائيلية دائم الترديد في نشرات الأخبار التي تذيع أخبار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي . والاصطلاح الثاني الذي غلط فيه المترجم هو استخدام مركب قرصان في مقابل الاسم الإنكليزي privateer الذي يعني القرصان أو سفينة القرصنة التي لديها تفويض رسمي من الحكومة يخولها مهاجمة السفن المعادية والاستيلاء عليها . فالقرصنة التي يشير اليها النص هي قرصنة رسمية يحمل صاحبها ترخيصاً صادرا من الحكومة letter of marque يحصل بموجبه القرصان أو سفينة القرصنة على الغنيمة المستولى عليها بعد دفع الرسوم المفروضة .
وغلط المترجم في ترجمة حكوماتهم بصيغة الجمع والصحيح حكومتهم أي الحكومة الاسبانية . وفي اللغة العربية نقول تاجر بالممتلكات مع التاجر الفلاني والدولة الفلانية وليس مع الممتلكات . ويمكن ملاحظة الغلط الواضح في نقل المعنى عند مقارنة النص الأصلي بالنص المترجم بالاهتداء بترجمتي المقترحة .

This was a holy war for Protestantism as well as a trawl for profit in ill-defended waters. Drake recited passages from Foxe’s Book of Martyrs to captive Spanish seamen, and one of his captains, John Oxenham, turned the tables on a captured official of the Inquisition by placing a chamber pot on his head and striking him ‘many fisticuffs’.1 Oxenham himself was later taken and burned by the Inquisition for his combination of heresy and temerity. Piracy may not have done much for the Protestant cause, but many pirates prospered.

ترجمة الكتاب : لقد كانت حرباً أهلية من أجل نشر البروتستانتية فضلاً عن البحث عن الأرباح في المياه التي لا تجد حماية ، وأشار دريك الى مقطوعات من كتاب فوكس ، كتاب الشهداء (Book of Martyrs) الى أسرى البحارة الاسبان ، وكان أحد الأسرى جون أكسنهام قد قلب الطاولات على واحد ممن قبضوا عليه من لجنة التحقيق ، وذلك بوضع طبق على رأسه ، وضربه عدة لكمات . ولم يقدم القراصنة كثيراً الى قضية البروتستانت ، لكن أثرى كثير من القراصنة .

الترجمة المقترحة : لم تكن هذه حرباً من أجل جني الأرباح في بحار تفتقر الى الحماية فحسب بل كانت حرباً مقدسة في سبيل البروتستانتية. ففي أحد الأيام ، وبينما كان دريك يتلو نصوصاً من كتاب الشهداء لفوكس على الأسرى من البحارة الاسبان ، قام أحد قباطنته ، وهو جون اوكسنهام ، بوضع مقعد المراحيض على رأس أحد أعضاء محاكم التفتيش ، الذي كان من بين الأسرى ، ووجه له عدداً من اللكمات ، في قلب للأدوار . لكن اوكسينهام هذا نفسه وقع فيما بعد في أيدي محكمة التفتيش التي أحرقته بتهمة الهرطقة (البدعة) والاستهتار . قد لا تكون القرصنة قد خدمت القضية البروتستانتية كثيراً ، لكن القراصنة أثروا منها .

فضلاً عن ركاكة الأسلوب فالفقرة لم تترجم بصورة صحيحة ؛ فقد تُرجم الفعل recited ، الذي يعني القراءة والتلاوة بـ (أشار) ، فيما معناه الصحيح يتلو أو يقرأ ، ولمن يتابع ترجمات القرآن الكريم يجد فيه (Recite in the name of your Lord) ترجمة لـ (إقرأ باسم ربك) . والغلط الآخر هو أنه جعل من جون أوكسنهام أحد الأسرى ، فيما هو قبطان إنكليزي ، الأمر الذي خلق اضطراباً واضحاً في معنى العبارة . وترجم turned the tables بـ (قلب الطاولات) فيما المقصود منها المعنى المجازي أي أن القاضي أصبح متهماً والمتهم قاضياً . وترجم Inquisition بلجنة التحقيق فيما هي اصطلاح معروف يطلق على الهيئات التي أسستها الكنيسة الكاثوليكية لمحاربة مخالفيها . ويتعلق النص هنا بوقوع أحد أعضاء محاكم التفتيش الاسبانية أسيراً في يد القراصنة الإنكليز ما جعلهم يثأرون منه بوضع chamber pot على رأسه وهو اسم لوعاء كان يستخدم قديماً في غرف النوم للتبول يشبه ما يعرف بالنونية التي تستخدم اليوم للأطفال .

Memories of their more spectacular coups against treasure ships remained evergreen and in 1621, when Anglo-Spanish relations were deteriorating, the Puritan Earl of Warwick proposed the dispatch of a massive armada to the Caribbean whose costs, estimated at £364,000, would be met by public subscription.

ترجمة الكتاب : ولقد ظلت ذكريات الانقلابات ، والأكثر اثارة ضد سفن الكنوز ، الأكثر ازدهاراً ، وفي عام 1621 وعندما كانت العلاقات الإنكليزية الاسبانية تزداد انهياراً ، اقترح السير البيوريتاني في واويك إرسال اسطول ضحم (أرمادا) الى الكاريبي قدرت تكاليفه بنحو 364،000 جنيه وسوف يغطيها الاكتتاب العام .

الترجمة المقترحة : ظلت ذكريات انتصاراتهم المذهلة المتصاعدة ضد السفن التي تحمل البضائع الثمينة ماثلة في الأذهان ، وبحلول العام 1621 ، وإذ كانت العلاقات الإنكليزية – الاسبانية تسير نحو التدهور ، أرتأى ايرل وارويك المتطهر إرسال اسطول ضخم الى منطقة الكاريبي قدرت تكاليفه بـثلاثمائة وأربعة وستين الف جنيه إسترليني تغطى من الاكتتاب العام .

استخدم المترجم كلمة الانقلابات وهي كلمة تستخدم للتعبير عن العمل العسكري الذي يستهدف الإطاحة بانظمة الحكم وليس لمهاجمة سفينة في البحر . واستخدم كنوز في مقابل treasure التي من معانيها الثروات والأموال ، ويطلق على وزارة الخزانة الأمريكية US Treasury Department .أما ترجمتها بالكنوز فلا تصح في هذا السياق لأن معنى الكنز يذهب غالباً الى النفائس والأموال المخبأة بعيداً عن المتناول ويصعب الحصول عليها . واستخدام (سوف) غير جائز هنا لأنه يدل على المستقبل والنص يسرد ما حدث في الماضي.

Sugar saved Barbados. It was first planted in 1643 and within fifty years sugar plantations covered four-fifths of the island and refined sugar, molasses and rum made up nine-tenths of its exports. What later historians called the ‘sugar revolution’ transformed the economy of the West Indies, opened the way for a subsidiary but equally profitable commerce in negro slaves and, incidentally, made the region into a war zone where until 1815, Britain, France and Spain struggled for control of the islands and mastery of the seaways.

ترجمة الكتاب : لقد أنقذت زراعة قصب السكر باربادوس حيث زرع أولاً في العام 1643 وفي خلال خمسين عاماً غطت زراعة قصب السكر أربعة أخماس الجزيرة ، وشكل تكرير السكر والمادة اللزجة المأخوذة منه والشراب المسكر تسعة أعشار صادراتها ، وحولت ما سماه المؤرخون ثورة السكر اقتصاد الهند الغربية ، وفتحت الطريق نحو تجارة أكثر فائدة ومساعدة تساوي التجارة في العبيد الزنوج ، وبالتالي أدخلت المنطقة في نطاق الحرب حيث ناضلت كل من بريطانيا وفرنسا واسبانيا من أجل السيطرة على الجزر والسيادة على الطرق البحرية .

الترجمة المقترحة : أنقذ قصب السكر باربادوس . و كان ابتداء زراعته عام 1643 وفي مدة خمسين غطت مزارع السكر أربعة أخماس الجزيرة وشكل السكر المصفى ودبس السكر ومشروب الرم تسعة أعشار صادراتها . وقد حولت ما سماها المؤرخون “ثورة السكر” اقتصاد الهند الغربية ، ومهدت الطريق أمام تجارة ثانوية غير أنها لا تقل عنها ربحاً هي تجارة العبيد السود ، ما أدى بالنتيجة الى تحويل المنطقة الى ساحة حرب إذ استمرت مساعي كل من بريطانيا وفرنسا واسبانيا الى السيطرة على الجزر والتحكم بالممرات البحرية حتى العام 1815 .

ترجم molasses بالمادة اللزجة وهي تعني تحديداً دبس السكر وليس أي مادة لزجة ، والشراب المسكر هو الرم وهو تعريب لكلمة rum الواردة في النص . أما ترجمته للجملة التي تعبر عن ابتداء تجارة العبيد فهي غلط من الناحية اللفظية والتركيبية والدلالية فترجم equally profitable بـ (أكثر فائدة) والصحيح أنها مساوية لها وليست أكثر ربحاً منها كما يمكن أن يعلم ذلك أي قارئ له المام بسيط باللغة الإنكليزية .

Sugar enabled some plantation owners to become millionaires. In 1681 it was calculated, perhaps optimistically, that £5,000 invested in a sugar estate would within a few years yield £1,000 annually. By this date a mass domestic and European market for cheap sugar was emerging and British producers were getting the upper hand in a price war with competitors in Portuguese Brazil. The boom benefited Britain and its government which levied duties on sugar imports which, between 1699 and 1701, were valued at £280,000.

ترجمة الكتاب : وساعدت زراعة القصب بعض أصحاب المزارع في أن يصبحوا مليونيرات في عام 1681 ، يقدر وبشكل تفاؤلي نحو 5000 جنيه إسترليني تم استثمارها في مزرعة قصب سكر يمكن خلال سنوات قليلة أن تنتج ما قيمته ألف جنيه سنوياً ، وفي هذا التاريخ ظهر سوق أوروبي وإنتاج جملة محلي من السكر الرخيص ، وسيطر المنتجون البريطانيون على أسعار الحرب مع منافسيهم في البرازيل البرتغالية ، وأفادت هذه الطفرة بريطانيا وحكومتها التي حصلت على رسوم من واردات السكر والتي قدرت ما بين أعوام 1699 – 1701 ما قيمته 280،000 جنيه إسترليني .

الترجمة المقترحة : مكنت زراعة قصب السكر بعض أصحاب المزارع من أن يصبحوا مليونيرات . فبحلول العام 1681 كانت التقديرات المتفائلة لرأسمال قيمته خمسة آلاف جنيه أن يجني في بضع سنين ما قيمته ألف جنيه سنوياً اذا ما استثمر في أرض لزراعة قصي السكر . فحوالي هذا التاريخ بدأت تنشأ سوق محلية وأوروبية واسعة لتجارة السكر الرخيص وكان للمنتجين البريطانيين اليد العليا في حرب الأسعار التي اشتعلت مع منافسين من البرازيل المستعمرة البرتغالية. وقد عاد هذا الإزدهار بالفائدة على بريطانيا وحكومتها التي قدرت الرسوم التي قامت الحكومة بجبايتها على واردات السكر بحوالي مائتين وثمانين الف جنيه ما بين عامي 1699 و 1701 .

بمقارنة ترجمة الكتاب مع الأصل يمكن ملاحظة عجز المترجم عن صياغة المعنى في جملة عربية صحيحة تركيبيا ودلالياً ، فقد ضرب المؤلف مثلاً عاماً عن حجم الأرباح التي تعود من الاستثمار في زراعة قصب السكر ، بينما يسود الاضطراب جملة المترجم بين استخدام صيغة تم استثمارها التي تشير الى الماضي والى واقعة محددة وبين التعبير عن فكرة المؤلف التي تعكس الأهمية المتزايدة لرزاعة قصب السكر في نمو الطموحات الاستعمارية . وترجم price war بـ (أسعار الحرب) فيما معناها كما هو واضح سياقياً ومنطقياً حرب الأسعار التي نشبت بين منتجي السكر .

Barbados’s success story accelerated the occupation of other islands by settlers. By 1660, St Kitts, Antigua, Nevis, Montserrat and Jamaica (seized from Spain in 1655) had been occupied and planted with sugar cane. In 1638 a small party attempted to settle St Lucia but were soon driven out by the native Caribs who, showing considerable ingenuity, ‘smoked out’ the colonists from their forts with bonfires of dried peppers. Indigenous diseases, especially the mosquito-borne malaria and yellow fever, together with the labour-intensive processes by which sugar was cultivated, harvested and refined, presented enormous problems to the early planters. Contemporary medical wisdom cautioned Englishmen against leaving their temperate homeland for the tropics. Applying current Hippocratic principles concerning the balance of internal humours, one physician wrote in 1602 that Englishmen should shun the ‘burning zones’ for, ‘Nature framed the Spaniards apt to such places where melancholy and choler were generated.

ترجمة الكتاب : لقد أدت قصة نجاح باربادوس الى احتلال جزر أخرى من جانب المستقرين ، وفي عام 1660 سانت كيت وانتيجوا ونيفيس ومونتيس رات وجاماياكا (التي تم الاستيلاء عليها من اسبانيا عام 1655) وتم احتلالها وزراعتها بقصب السكر ، وفي عام 1638 حاولت جماعة صغيرة الاستقرار في سانت لوسيا ولكن الوطنيين الكاريبيين طردوهم بسرعة وأظهروا ذكاءً ملحوظاً وطردوا المستعمرين من قلاعهم باضرام النيران في الفلفل الجاف .
لقد ظهرت مشكلات ضخمة للمزارعين الأوائل بسبب الأمراض المتوطنة مثل الملاريا والحمى الصفراء وأصابت الذين يزرعون ويكررون السكر خاصة ، وقد حذرت المحكمة الطبية المعاصرة الإنكليز من مغادرة وطنهم المعتدل المناخ والذهاب الى هذه المناطق الاستوائية ، وحسب مبادئ هيبوب قراط الخاصة بتوازن الدعاية الداخلية كتب أحد الأطباء في عام 1602 أن الإنكليز يجب أن ينأوا عن هذه المناطق الحارقة ، لأن الطبيعة كيفت الاسبان لهذه المناطق حيث تتولد الملاريا والكوليرا .

الترجمة المقترحة : دفعت قصة نجاح باربادوس المستوطنين الى التعجيل باحتلال جزر أخرى . فحوالي عام 1660 اُحتلت سانت كيتس ، وانتيغيو ، ونيفيس ، ومونتسترات وجامايكا (التي احتلت من اسباناي عام 1655) وزرعت بقصب السكر . وفي العام 1638 حاولت فئة قليلة من المستوطنين الاستيطان في سانت لوسيا لكن سرعان ما طردهم منها أهل الكاريبي الأصليين الذين أظهروا براعة واضحة بطرد المستعمرين من حصونهم عن طريق الدخان باحراق الفلفل المجفف . واجهت المزارعين الأوائل صعوبات هائلة كالأمراض المتوطنة ، ولاسيما البعوض الحامل للملاريا والحمى الصفراء ، هذا الى جانب العمل الشاق الذي تتطلبه عملية زراعة السكر وحصاده وتصفيته . كانت المعرفة الطبية السائدة في ذلك الزمان تثبط تحذر الإنكليز من مغادرة بلادهم المعتدلة الأجواء الى المناطق المدارية . فقد كتب أحد الأطباء عام 1602 ، وهو يستند الى مبادئ أبقراط المعاصرة ذات الصلة بتوازن الأخلاط الباطنية ، أن على الإنكليز أن يبتعدوا عن “المناطق الحارقة” لأن الطبيعة كيفت الاسبان للعيش في تلك المناطق حيث يتكون المزاج السوداوي والصفراوي .

لا تليق ترجمة هذه الفقرة بمستوى مترجم مبتدئ لم يسبق له استخدام اللغة الإنكليزية في الكلام أو الكتابة ، فالأغلاط الواردة هنا يصعب تصور وقوعها سواء ألتداولها الواسع في الاعلام أم لسهولة العثور عليها في المعاجم . فمرة أخرى يصر المترجم على استخدام لفظ (المستقرين) بدلاً من المستوطنين ترجمة لـ settlers ، ويستخدم تعبير الوطنيين الكاريبيين بدلاً من أهالي الكاريبي أو السكان الأصليين native Caribs . ويترجم the mosquito-borne malaria بالملاريا بدلاً من معناها الصحيح (البعوض الحامل للملاريا) . يقول المؤلف أن هذه الأمراض والعمل الشاق الذي تتطلبه زراعة السكر معاً هي المعضلات التي واجهت المزارعين الأوائل لا أن هذه الأمراض أصابت من يزرعون ويكررون السكر خاصة على ما كتبه المترجم .
بعد ذلك يترجم كلمة humours بـ (الدعاية) وأظنه يقصد الدعابة ، وهذا غلط ينم عن ضعف ثقافة المترجم العامة . فهذه الكلمة هي اصطلاح طبي يعني الأخلاط وهو اصطلاح متداول في الطب التقليدي من أيام أبقراط وجالينوس وحتى اليوم ، إذ يستند الى أن جسم الانسان يتكون من أربعة عناصر أو مزاجات هي المرة الصفراء والمرة السوداء والبلغم والدم وأن الانسان في صحة ما دامت هذه العناصر متوازنة في جسمها وأن أي اختلاف في نسب امتزاج هذه العناصر يسبب الأمراض البدنية والعقلية . وكتابة اسم أبقراط بصيغة (هيبوب قراط) دليل واضح على الجهل بهذه الشخصية العلمية التي مازال على أطباء عصرنا أداء القسم المعروف بقسم أبقراط قبل أن يسمح لهم بمزاولة مهنة الطب . وبسبب عدم معرفته بأبقراط وطبه غلط في ترجمة كلمتي melancholy and choler فترجمها الى الملاريا والكوليرا ولاعلاقة لهاتين الكلمتين بهذين المرضين لأنهما يدلان على كل من المزاج الصفراوي والمزاج السوداوي الذي ينتج عن اضطراب العناصر في جسم الانسان بحسب أبقراط ومن تابعه .
في الختام أدعو أصحاب الاختصاص من المترجمين وغيرهم الى النظر في هذه الكتب المترجمة في مختلف المجالات وكتابة مراجعات عنها ، ما وسعهم ذلك ، كي يسهموا في تنبيه القراء والباحثين الذين قد يرجعوا الى هذه الكتب في مختلف الشؤون الثقافة والبحث من دون معرفة بما تنطوي عليه من تشويه وعدم دقة في التعبير عن المضامين التي يقصدها مؤلف الكتاب الأصلي . كما أدعوا المركز القومي للترجمة ، حفاظاً على سمعته ومكانته الثقافية واحتراماً لإسهام مصر الواضح في تراث الترجمة العربية ، الى مراجعة شاملة لإصداراتها من الكتب المترجمة بإحالتها الى مراجعين آخرين غير الذين عملوا على مراجعة الترجمات الحالية للوقوف على ما يمكن أن يكون قد وقع من اضطراب في ترجمة هذه الكتب وتحديد مداه وإمكان إصدار طبعات جديدة لهذه الكتب في تصلح فيها ما حصل من خلل في الطبعات الحالية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى