السلطة الفلسطينية تصادر رواية عباد يحيى

علها من المرات القليلة يصدر قرار قضـــائي في أراضي السلطة الفلسطينية يقــضي بمصادرة كتاب أدبي أو رواية، فالسلطة عُرفت دوماً بدفاعها عن الحريات ودعمهـــا لها في سياق نهجها الثقافي الذي تـــواجـه به دولة الاحتلال الإسرائيلي. وكم بدا مفاجئاً جداً القرار الذي أصدره القضاء الـــفلسطيني ومنع بموجبه رواية «جريمة فـــي رام الله» (دار المتوسط) للكاتب والصحافي الشاب عباد يحيى، بتهمة احتوائها على مصطلحات «مخلـــة بالحياء والأخلاق والآداب العامة»، مما دفــع وزيـــر الثقافة الفلسطيني ايهاب بسيسو إلى استنكاره علناً. وإثر صدور القرار صادرت السلطات نسخاً من الرواية، واحتجزت موزعها واستدعت المؤلف للتحقيق.
ونشرت وكالة وفا الرسمية للأنباء بياناً صادراً عن مكتب النائب العام أكد أن القرار «جاء استناداً إلى التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في أمر الرواية المذكورة، والتي وردت فيها نصوص ومصطلحات مخلة بالحياء والأخلاق والآداب العامة، والتي من شأنها المساس بالمواطن، لا سيما القاصرين والأطفال، حماية لهم ووقاية لهم من الانحراف». ورأت النيابة العامة أن «القرار لا يتنافى مع حرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب القانون، والتي توجب الالتزام بالمبادئ والقيم الأخلاقية».
وأكد مؤلف الرواية عباد يحيى لوكالة وفا أنه استدعي إلى التحقيق لكنه خارج البلاد حالياً، وأشار إلى أنه فوجئ بخبر مصادرة نسخ روايته، وأن «الشرطة قامت بمصادرة الرواية من كافة المكتبات من جنين في شمال الضفة الغربية إلى الخليل في جنوبها». وأضاف: «إنها المرة الأولى التي يستدعي فيها القضاء الفلسطيني كاتباً بسبب كتابه، بحسب ما أبلغني محامو الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان». واعتبر يحيى أن «ما يدعو للاستغراب مصادرة الرواية بهذه السرعة الهائلة واعتقال موزعها». وأضاف: «ما يثير استيائي هو طريقة التعامل مع الأدب وما يحصل من اجتزاء متعمد وجهالة مقصودة وإطلاق تهم قبل قراءة الرواية ونزع بعض الفقرات من سياقها وتداولها بطريقة عشوائية».
وعلمت «الحياة» أن السلطات أفرجت عن موزع الرواية فؤاد العكليك بعد توقيفه ليل الاثنين الثلثاء والتحقيق معه.
وكان موقف وزير الثقافة بسيسو صارماً حيال المنع، فكتب على صفحته في «فايسبوك» تعليقاً على مصادرة الرواية: «منع رواية لا يصنع فكراً، وعلى رغم هذا أقبل من يعارض جوانب معينة في أي عمل إبداعي ولكن من دون محاكمة نصية للإبداع وبعيداً عن أي وصايا فكرية تحددها أي جهة في المجتمع لأنها ببساطة تفتح باباً لا يمكن إقفاله. أما المحاكمة النقدية الأدبية للنص، فهي وحدها جائزة». وأصدرت دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية بياناً نددت فيه بالقرار مشيرة إلى أن «مصادرة الرواية غير مبررة» وأنها «تفتح الباب علــى مصراعيه على سلسلة لا تنتهي من الرقابة الفظة التي تنتهك حرية التعبير والحق في الإبداع». أما رواية «جريمة في رام الله» فهي الرابعة ليحيى الذي يرأس تحرير موقع إخباري ثقافي فلسطيني.
(الحياة)