السينما الإيرانية.. أسبوع في عمّان

الجسرة الثقافية الالكترونية
*نضال برقان
الجسرة الثقافية الالكترونية
إيران، بواقع ناسها المعيش وتطلعاتهم وأحلامهم، تطلّ من جديد على جمهور منتخب في عمّان، عبر خمسة أفلام روائية طويلة، حديثة الإنتاج، ناطقة بالفارسية ومترجمة إلى الإنجليزية، تشكل برنامج الدورة الثانية من “أسبوع الفيلم الإيراني”، التي انطلقت عروضها أمس الأول وتستمر حتى الثاني عشر من شباط/ فبراير الجاري، على “مسرح الرينبو”.
تعكس الأفلام المشاركة، من خلال لغة بصرية بسيطة ومتقشفة، أوجه الحياة اليومية الإيرانية وما يشهده المجتمع من تحديات وعوائق وتحولات، في مواقف إنسانية حارة حيناً، وكوميدية حيناً آخر. وهي أفلام سبق أن حظيت بتقدير عالمي، إذ نال كلٌ منها جوائز عديدة من مهرجانات سينمائية كبرى.
أول أفلام التظاهرة هو “محطة الشمس”، للمخرج سامان سالور، ويندرج في إطار “الواقعية الرمزية”، حيث نتعرف فيه على حسن وأصغر، اللذين يعملان في تشغيل عربة تلفريك بالية يدوياً، بعد انهيار جسر قريب، لنقل الركاب عبر النهر، ما يتيح لهما لقاء مجموعة متنوعة من الناس، عبر جولات النقل التي يوفرانها، إذ يحمل كل واحد من هؤلاء “العابرين” قصصاً وأسباباً مختلفة للعبور إلى الضفة المقابلة.
في ثاني أيام التظاهرة يُعرض فيلم “بضعة كيلوغرامات من التمر لمراسم جنازة”، للمخرج نفسه، وهو كوميديا سوداء تحكي قصة سادري ويادي، اللذين يعملان معاً في محطة وقود نائية في منطقة مهجورة من إيران، تبدو وكأنها تقع على حافة العالم. أولهما، الذي كان يتمتع بالقوة، فقد إحدى عينه وأصبح يتصرف بغرابة، أما الثاني فمُغرم بفتاة من بلدة قريبة، ويبعث لها رسائل عاطفية عن طريق ساعي بريد محلي.
في بعض الأحيان، يتلقى سادري ويادي زيارة من أوروج الذي يُعد حلقة الوصل الوحيدة لهما مع العالم الخارجي. ويحمل أولئك الرجال الثلاثة أحلاماً رومانسية في أعماق نفوسهم. تلك الأحلام التي تشكل الدافع الوحيد لينهضوا كل صباح والذهاب إلى أعمالهم اليومية، وكأن كل شيء على ما يرام في العالم من حولهم.
ويحمل ثالث أفلام التظاهرة، وهو فيلم “ثلج”، توقيع المخرج مهدي رحماني، ويحكي قصة عائلة فازيري، التي انتقلت من حالة الثراء إلى حالة من العدم والعوز، حيث اختفت الثروة والمكانة الاجتماعية بين ليلة وضحاها، وفيما يحاول أفراد العائلة الحفاظ على أوهام الماضي، تتكشف حقائق راهنة لا تدعو إلى الارتياح.
أما فيلم “السجادة الحمراء” للمخرج رضا عطاران، فيقدم فسحة كوميدية، من خلال قصة ممثل وكاتب مسرحي من الدرجة الثالثة، مولع بستيفن سبيلبرغ، ويقرر الذهاب إلى “مهرجان كان السينمائي” للقائه وطلب المساعدة منه ليصبح مشهوراً. يحصل الممثل على تأشيرة “شينغن” بعد عناء ويشتري بضع هدايا إيرانية لتكون من نصيب سبيلبرغ وينطلق في رحلته إلى مدينة كان. إنها المرة الأولى التي يسافر فيها خارج البلاد، لا يتحدث اللغة الإنجليزية ولا يعرف أحداً هناك، ولكنه يكافح من أجل العثور على طريقه نحو “السجادة الحمراء”.
ويختتم الأسبوع عروضه بفيلم “من أجل بونه”، للمخرج هاتف علي مرضاني، وفيه تمر حياة كل من بونه وزوجها ماجد في أزمة نظراً لإدمان الأخير على المخدرات. في سبيل الحفاظ على زواجهما، يقرر ماجد الالتحاق بمركز لإعادة تأهيل مدمني المخدرات، إلا أن مشاكله النفسية تدفعه نحو الهروب. بعد عودته إلى المنزل، يواجه مشهداً يثير لديه الشكوك بشأن وفاء بونه لزواجهما. تتتبع القصة الأفكار المشبوهة التي تجول في خاطر ماجد بأسلوب قصصي مميّز.
هي إيران من منظور اجتماعي، منحاز إلى الهامشي وغير المكرّس في الحياة، بعيداً عن “الملالي” و”الحوزات”، والتدخلات السياسية في شؤون الجيران، تطلّ برأسها من جديد، من خلال باب وجدته موارباً، هو باب السينما.