الطفل الذي أحب الغزالة – كمال أبو النور

لم يعد لديّ يقين
بأنّ وراء الباب ترقد غزالة
وراءَ الباب حرب باردة
لا أمتلك فيها أسلحة للهجوم
لم أكنْ أتخيل أنّ الغزالة
تتحوّل في الليل إلى بومة
وفي النهار تتحوّل إلى
كلب لايكفُّ عن النُّباح
وأنا بين الاثنين أحترق
كسيجارة لا نهاية لها
هل توقفتْ نبضات الخاتم
الذي غمسته في قلبي
ووضعته في إصبعكِ
لتشعري بهديل خفقانه
خاتمك في يدي
مازال يعالج بخل الغيوم
ويحرضها على ابتكار السعادة
للأطفال المحرومين من أثداء أمهاتهم
مازال يمنح الحياة لقلبي
قلبي الذي أقدمه لكِ كبالون
يطير بكِ كلما تسقطين
داخل بئر من الوساوس
إلى حديقة لاتعلمين عنها شيئاً
أزرع الورود النادرة على هيئة
اسمك مكرراً مئات المرات
مع ابتسامة أقدمها لعينيكِ كوجبة
لتصبح أكثر إشراقاً ولمعاناً

***************

تقولين بأنّني قروي متهور
أقول لكِ بأن ذكرياتي
وضعتها في خانة سوداء
أو بالأدق، ألقيتها في صندوق قمامة
على محطة القطار التي ودعتها بلا رجعة
لا أتذكر من قريتي إلا وجهين
أبي وأمي أرسمهما كل صباح على وجه يماماتي
كلما تحاول المدينة أنْ تهزمني
المدينة التي كتبت على أبوابها
مرحباً بكم، هنا يسكن مصاصو الدماء
هنا قصر ” علي بابا ”
تعرفينه جيداً أكبر لصّ في التاريخ
تعلمين أنه يفكر أنْ يصنع متحفاً كبيراً
ليضع فيه النهر كأهمّ حيوان منقرض
هذه هي مدينتكم ياحبيبتي
لاتعرفني ولا أعرفها
لقد خسرت كل شيءٍ
إلا الطفل الذي خرج معي
من هذه القرية الظالمة
هذا الطفل يمدّ يدية لكِ بسحابة
ستنفجر كقنبلة في وجه ” علي بابا ”
ليخرج النهر من المتحف
إلى مجراه الطبيعي في دمائنا
الآن فقط سأفتح الباب
لأقتل المدينة التي تتنمّر وراء الباب
لن أقبل منكِ إلا قُبلة تدوم العمر كله
وحضناً دافئاً للطفل الذي أحبَّ غزالة
قفزتْ من أسوار الغابة
لتشربَ من فمه رشفات
من النهر الأسطوري
الذي لايموت إلا بموت السماء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى