«بيت الشعر» يجمع الأجيال على اختلافها… وقاسم حداد يكتفي بإطلالة مقتضبة

الجسرة الثقافية الالكترونية
*عبد الله دحيلان
المصدر: الحياة
تحول مهرجان «بيت الشعر الأول – دورة محمد العلي»، الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون بالدمام أخيراً، إلى مناسبة لتجمع عدد من الأجيال لحضور الفعاليات والاحتفاء بالشخصية المكرمة، التي جاء اختيارها كمتنفس لجيل يتسابق من أجل استنهاض رموزه الأدبية والوطنية، بقصد الالتفاف حولها ومحاولة تعويض غياب الرموز الثقافية الحيوية في المشهد الثقافي المحلي.
وشهدت الأمسية التي أحياها قاسم حداد وزاهر الغافري وغسان الخنيزي وإبراهيم الحسين، أول من أمس، وتعتبر أولى أمسيات المهرجان، حضوراً مقتضباً وقصيراً لقاسم حداد، وسط امتعاض عدد من الحاضرين الذين كانوا يعلنون أنهم كانوا بحاجة إلى المزيد من شعر حداد، خصوصاً أنه يتمتع بإعجاب عدد كبير من المهتمين بالشعر في المملكة. فيما انفرد العماني زاهر الغافري بالحديث في نصوصه التي كانت الصورة والتراكيب هي الحاضر فيها بقوة. فيما كان السعوديان إبراهيم الحسين وغسان الخنيزي منهمكين في التلاعب في الألفاظ والإغراق في التفاصيل وإسقاط الأحداث التاريخية في بعض نصوصهما.
تلا الأمسية الشعرية توقيع الشعراء: قاسم حداد كتابيه «أيها الفحم» و«سماء عليلة»، وإبراهيم الحسين كتابه «فم يتشرد»، والشاعر غسان الخنيزي «اختبار الحاسة أو مجمل السرد»، والشاعر عبدالوهاب العريض «بأسنان صاغها الليل»، والشاعر علي عاشور «من العتمة إلى الجياع» و«عين في إصبع».
لم يكن غريباً طوال أيام المهرجان، الذي يختتم فعالياته اليوم (الثلثاء)، أن يشهد شد الرحال من عدد من محبي الشعر وذلك للالتقاء بمحمد العلي، الذي حرصت الجمعية على وضعه في مكان لافت في مقرها، وذلك لتكون هناك فرصة سانحة لأكبر عدد من الحاضرين للالتقاء به والحصول على توقيعه على أحد كتبه، إضافة إلى رغبتهم في التصوير معه، ونشر تلك الصور في شبكات التواصل الاجتماعي مثل «إنستغرام» و«سناب شات» وغيرهما، كما كانوا يذكرون له، وسط ذهول محمد العلي من هذه الصور ونشرها في تلك المنصات، مقارناً تلك الحماسة في أحاديث جانبية مع مرافقيه «تذكرني عندما كنا نحرص على أخذ الصور ونحن صغار وتوثيقها بتاريخ حتى تظل ذكرى لا تنسى ولو بعد حين»، مبدياً ملاحظته متبسماً: «أخشى على صوري في قبضة أجهزتهم الآلية أن تضيع ولا يستطيعوا المحافظة عليها كما كان يفعل جيلي».
محمد العلي كان مسروراً بالحشود التي حضرته للاحتفاء به، وكان كثيراً ما يظهر امتنانه لكل من قطع عشرات الكيلو مترات من أجل مصافحته، كأحد الأشخاص الذي ذكر له في اليوم الأول أنه قدم من نجران على رغم منع الطيران بسبب الأحداث الأخيرة نظراً لـ «عاصفة الحزم»، إلا أنه أبى إلا الحضور ومقابلة العلي شخصياً. وكان لتلك الكلمات وقعها على العلي الذي ذكر له أنه يقدر هذا الشيء وهو بحد ذاته تكريم، كما لم يكن هذا الشخص الوحيد الذي قطع المسافات من أجل مقابلة العلي، إذ سلم شاب عليه من دون أن يفصح بكلمات واضحة، وذكر لـ «الحياة» لاحقاً أنه وقّت رحلته من حائل مع موعد المهرجان، «وهو يوم واحد سأغادر، وذلك تزامناً مع عمل أنجزه في الجبيل، لذلك خير أن تتخلل ذلك مقابلة قامة لن تتكرر أو تعوض كمحمد العلي».
وبين ممرات المهرجان، سيطر على الشعراء حديث محمد العلي في الفيلم الوثائقي الذي عرض عنه في حفلة الافتتاح، وذلك عندما قال إن المستمعين لشعره غالبيتهم لا يفهمون ما يقال. واعتبر المهتمون أن ذلك صحيح، إذ إن الجمهور فقد حاسة تذوقه للكلمة ولم يعد هناك «سمّيعة» بحسب قول أحدهم. فيما طالب عدد ليس بقليل من المتجولين في معرض «شكل» في صالة عبدالله الشيخ المقام على هامش المهرجان، ويمتد 10 أيام مقبلة، بضرورة أن يتبسط الشاعر في ظل هذا الزخم من أجل أن يصل إلى الجمهور، من دون أن يصل ذلك إلى حد المباشرة والإسفاف.