‘تجليات 2’ يستضيف أربع فنانات تشكيليات تونسيات

شمس الدين العوني
يتواصل الى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري معرض “تجليات2” الفني التشكيلي بفضاءات العرض بدار الجمعيات بالسليمانية حيث تعرض فيه لوحات الفنانات التشكيليات زينب النفزي وسوسن هدريش وعفاف مولود وجميلة عكروت. والأعمال المعروضة مختلفة التيمات وتعكس اهتمامات تشكيلية متعددة ولكن الجامع بينها هو هذا البعد التلويني لتجربة الذات في تواصلها مع العالم.
المرأة والبحر.. هي الوجوه الحائرة والمأزومة النسوة ولوحة الألفة بين الرجلين. في لوحاتها ضمن هذا المعرض تسعى الرسامة زينب النفزي لابراز ذالك الحيز من العواطف والأحاسيس والتواصل حيث عوالم المرأة وما تشكله من حضور اجتماعي وثقافي ومشاهد أخرى للوقوف على ما هو كامن في الوجوه من خطاب يستبطن حالات فيها النفسي والاجتماعي المتوزع بين الحيرة والانتظار ضمن رؤية حرصت فيها الفنانة زينب النفزي على استقراء ما يحدث من خلال التوغل في الوجوه والذهاب عميقا في قراءة علاماتها بين الرجاء والأمل والريبة والتوجس والرفض.
وهكذا.. هي لحظة أخرى من نشيد الأكوان الضاجة بالحلم. هي لعبة الحنين والأصيل الكامن في الذات تجاه التوحش وعولمة العناصر والتفاصيل. هي العذوبة تنتقي من الألوان عباراتها الملائمة. كما تبرز في لوحة البدويات تلك الألفة التي تعنون عددا من أعمال زينب النفزي ضمن حميميتها وإنسانيتها التي تنهل من المشاعر ومعاني الشعر الذي تعشقه عشقها للألوان.
أعمال في طياتها أحاسيس وألفة وحميمية. أعمال نرى من خلالها الرسامة زينب النفزي طفلة طافحة بالألوان وما جاورها من مشاعر تكاد الروح تفتقدها في أيام الناس هذه.
في لوحاتها المعروضة اشتغلت الرسامة جميلة العكروت ضمن تجربتها مع الأكريليك وتقدمها في هذا المعرض الجماعي وفي قلبها شيء من حمى المعمار الماثل الآن وبنفس الامتاع من حيث الشكل والنقوش.
لوحات تقول بفتنة الرسم وسحر الألوان التي تخيرتها بعناية فائقة، إلى جانب أعمال أخرى في مشاهد ومواضيع مختلفة. ثمة شاعرية بينة في اللوحات من خلال التناسق اللوني ودقة الجانب المعماري الذي يبرز حرفية في حكاية الرسم والخطوط والمشهد عموما.
مجال للسفر في عنفوان البهاء الماثل في عناصر معمارية بعاصمة تونس وبعض المناطق الأخرى وهنا تدرك جميلة عكروت الصلة الحارقة بين الابداع والذاكرة؛ بين التلوين والرسم والمعمار لتأخذنا الى لوحاتها فنقف مأخوذين بالبهجة النادرة تجاه تناسق جمالي مميز.
الفنانة عفاف مولود تأخذنا الى عوالم أخرى من التلوين خاصة بعد تجربتها مع المعارض السابقة ضمن الأجواء اللونية الإفريقية فمن خلال نظرات متقاطعة وماء/ أرض/ نار والعودة الى الينابيع وأصوات الصمت يبرز الاشتغال الجمالي للفنانة عفاف حيث الفن ذاك التنافذ مع الذات والآخرين. كما أن تلك الأشكال الملونة تبرز ما يشبه المتاهة ولعلها متاهة الكائن في هذا الكون المربك وهو يبحث عن ملامحه تجاه صمت العناصر وأصوات هذا الصمت المبثوثة في الحياة والجمال.
كما تتقاطع النظرات في الوجه الواحد تجاه الذات بما يجعل الوجه مفردا بصيغة الجمع. إنها لعبة الفن في أتون السؤال وحمى النشيد. الفنانة الأخرى المشكلة لهذه التجليات تنقلنا الى حميمية الأمكنة العلامات.
سوسن هدريش تمتعنا في لوحاتها الأربع بجماليات المعلم والمكان من ذلك سيدي محرز وباب بحر الى جانب خزافي قلالة والحصاد.
تشتغل سوسن على مفردة جمالية هي مزيج من حميمية الذاكرة ورمزية المكان ضمن البعد الحضاري والثقافي، وكذلك بث المتعة الفنية تجاه مناسبات منها موسم الحصاد وخصائص تقليدية ثقافية على غرار حرفة الخزف وتقاليدها بقلالة الجربية التونسية. فسحة أخرى للفنانة سوسن في ثنايا ودروب الرسم.
هذه ملامح تشكيلية لمجموعة تجليات حيث الفن تلك النظرة القريبة البعيدة يطوعها الفنان كما يشتهي وهو في جوهر الحالة الانسانية الباذخة.
الفن إذن ضرب من ضروب النظر والقول والبساطة ويتواصل معرض “تجليات2” الفني التشكيلي بالسليمانية الى نهاية هذا الشهر
(ميدل ايست اونلاين)