ذاكرة مسارات واقعية .. إقبال العوادي أنموذجا

د. علي حسون لعيبي
عندما نبحر في ذاكرة السنين ونقلب مراحل العمر، يظهر شريط متنوع يمتزج به الخيال مع الواقع. مرارة وشهد. فرح وحزن، هكذا هي الحياة مهما كان مستوى أبطالها؛ فقراء أم اغنياء. لا بد ان تمر من هنا. فمثلا. لا مفر من الموت أو الرحيل او الهجرة المنكوبة في زمن القسوة التي نتحمل جميعا مسؤولية أحداثها جمهورا وحكاما.

في ديوان “ذاكرة على جدران النسيان” للشاعرة العراقية إقبال العوادي، محاولة لاختراق ذاكرة عاشتها بمختلف ألوانها، فصاغتها بتجربة شعرية اختلط فيها الواقع مع الخيال. نصوص تجعلك تكمل قراءتها حتى تعرف ما ستقرر تلك المسيرات باتجاه صوب الحياة المتنوعة.

ففي نص “السياسي” رسمت لنا صورة اختلط فيها الجدي بكومديا ساخرة:

ينهض

واقفا

حينما يتحدث بالسياسية

صوته يملئ انفعالاته المعبرة

لا يتوقف عن التدخين

تعابير وجههه تتغير

ضحكت ذات مرة.. عنفني بشدة

اني لا افهم ما يدور

وأنني اهزا به

أني امراة لم تكن ذات بصيرة

لما يدور

اقبال العوادي رغم غربتها، لكن تشعر بوجود بلدتها حيث تكون، اينما رحلت. ربما في شجرة زرعتها ذات يوم في حديقة بيتها أو في تعويذة، ما تزال تحملها لتذكرها بشي أكبر من كل الاشياء.. الوطن دون منازع ذاكرتنا الخالدة:

لو فكرت بالمرور

قرب نافذتي

لوجدتها مضيئة كعادتي

لو نظرت للشرفة

ستجد على الطاولة

بقايا مني

الشاعرة اقبال العوادي جعلت من الوطن حبيبا تراقصه بلا تردد هو عشق أزلي لا يمكن فصله من الروح الإنسانية:

لو فكرت بالمرور

لوجدت كلي بانتظارك

يسبقك عطر الليمون

الذي يأخذ من شغفك

حتى تنتهي برقصتها السحرية.. فتنشد

لو فكرت بالمرور

تسألني بهمس

هل تراقصني

اضع رأسي على كتفك

بكل سحر اللحظة

ودفء الحب

وذاكرة الحب الذاتي ما زالت طرية رغم السنين وأعوام الغربة والترحال المستمر، فهي تذكر بامتياز تلك اللحظات التي مرت هناك حيث الحب الأـول:

تفاصيلك الدقيقية جدا

منذ الطفولة

وهي تحدثني عنك

امتلأت بك حد الهذيان

في عيدي الثامن عشر

أحببت ان اخبرها

كم أحببتك .. أنا

نحن أمام ذاكرة تحمل هواجس من ماض ليس بعيدا، جعلته شاعرتنا إقبال العوادي يعيش بيننا مرة أخرى، وكأن لسانها يقول:

لا يمكن نسيان فقرات تاريخنا .. ولا يمكن نسخه.. فنحن أمام احداث تجدد وحياة أخرى تختلف.

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى