ذكرى سنة الطبعة تستحضر أمجاد التلاحم القطري

تحل يوم 29 الجاري الذكرى الـ 99 لسنة الطبعة، والتي وقعت أحداثها في 29 سبتمبر عام 1925، عندما هبت عاصفة قوية في عرض البحر، فانقلبت على إثرها السفن الكبيرة، من شدة تلاطم الأمواج، وتسارع الرياح، وهو ما أدى بدوره إلى تناثر كل من فيها من أموال ومؤن ورجال، حتى اختلط كل شيء ببعضه، الأمر الذي تسبب على إثره في إغراق قرابة 80 % من المراكب التي كانت تجوب مياه الخليج حينها أثناء موسم الصيد.

ورغم تلك الفاجعة، إلا أن الحادثة شهدت تضحيات، عكست شجاعة أحد أبناء قطر، وهو النوخذة أرحمة بن منيف المنيف الكعبي، أحد الناجين من الكارثة، والذي تمكن من إنقاذ قرابة 350 شخصًا من غرق محقق.وهنا يستحضر السيد أرحمة بن محمد المنيف الكعبي، تفاصيل أكثر عن الحادثة، وفق ما ذكره له والده، الذي كان يرافق جده النوخذة أرحمة الكعبي على متن ذات المركب، بأن جده قام آنذاك بإضاءة سراج كان على ظهر مركبه، ليهتدي به كل من يطلب النجاة من أهوال العاصفة، ويلحق بمركبه، الأمر الذي مكنه من إنقاذ المئات من الرجال، ممن كادوا يغرقون بين تلاطم الأمواج، وتدافع الرياح.
ويقول: إنه «بعدما اختلطت مياه الخليج بالكثير من الدماء والأشلاء، وعندما كادت سفينته تتعرض للغرق بسبب ارتفاع حمولتها من الناجين، طلب أحد البحارة من جدي الإسراع إلى الشاطئ، غير أن جدي رفض ذلك، وأقسم أنه لن يترك في البحر رجلاً يطلب النجاة، إلا وأنقذه، وقال مقولة شهيرة، وهي يا نعيش سوا.. أو نموت سوا، وحينها أنقذ 350 شخصًا من الموت».
ويتابع: إن مثل هذه التضحيات والبطولات تعكس تلاحم أهل قطر على امتداد التاريخ، الأمر الذي يستدعي توثيق هذه الحادثة تاريخيًا، وخاصة مع حلول الذكرى المئوية لها، مع ضرورة دمجها في مناهج التعليم الدراسية، لتكون نموذجاً للدارسين في المراحل التعليمية المختلفة في الشجاعة والتضحية والإيثار، علاوة على ما ستضيء لهم جانبًا مهما من تاريخهم العريق.
فصول تاريخية
ويعرب الكعبي عن أمله في أن يصاحب الذكرى المئوية لهذه الحادثة، معرض جديد للفنون التشكيلية، ليجسد خلاله الفنانون، وقائع هذه الكارثة بكل ما شهدته من أهوال وتضحيات وإيثار في الوقت نفسه. لافتًا إلى أن الحادثة توقف عندها كثير من الرواة والمؤرخين والشعراء والفنانين التشكيليين، إذ سبق أن نظم حولها العديد من الشعراء قصائدهم لتصوير أحداثها وإبراز تضحيات أبطالها، كما كانت الحادثة بكل ما شهدته من تضحيات، دافعة لتوثيقها عبر مشاهد سينمائية، فضلاً عن تنظيم الجمعية القطرية للفنون التشكيلية معرضاً تشكيلياً لها عام 2016، حمل اسم «سنة الطبعة»، عبَّر خلاله الفنانون برسوماتهم عن كل ما شهدته هذه الحادثة. وفي الوقت الذي يثمن فيه كل هذه الجهود، فإن السيد أرحمة الكعبي يعرب عن أمله في أن تشهد الذكرى المئوية للحادثة أعمالًا فنية وتشكيلية وأدبية وتاريخية، تبرزها مجددًا، لتكون توعية للأجيال، وتوثيقًا لمسيرة تاريخية، تعكس جانبًا مهمًا من تاريخ قطر. كما يعرب عن أمله في توثيقها في كتاب يبرز ما تمت كتابته عن هذه الحادثة، سواء في كتب التاريخ، أو عن طريق ما نظمه الشعراء من قصائد، لا تزال أصداؤها حاضرة إلى يومنا، يتوقف عندها أصحاب الذائقة الشعرية.
**المصدر: جريدة”الشرق”