‘سينما في كل مكان’ .. أول مبادرة مصرية للسينما المستقلة

حميد عقبي

تظهر الكثير من المبادرات والمشاريع العربية في مجال التنمية الثقافية وتنجح بعضها رغم عدم تشجيع الجهات الرسمية الحكومية لها وأحيانا يكون طرق باب الحكومة مجلبة للمضرة وكثيرا ما تسارع التيارات الدينية المتطرفة بمحاربة أي بادرة ناجحة وكيل الاتهامات لها.

الصوت الثقافي في بلدننا مخنوق ومضطهد، بينما تنتعش مشاريع المسخ والتطرف التي تجد دعما ماليا سخيا من مصادر غامضة، وكأننا فعلا امام مشروع تجهيل ومسخ يستهدف تدمير جمال وروح الحياة.

في ضيافتنا اليوم وجيه اللقاني مؤسس مبادرة “سينما في كل مكان” نسلط الضوء على هذا المشروع الطموح ونتعمق لبعض القضايا التي تمس السينما المستقلة.

* نود أن تحدثنا عن مبادرة “سينما في كل مكان” الأهداف والوسائل؟

ـ سينما في كل مكان هي أول مبادرة تتم في مصر والمنطقه العربيه بادرت بالذهاب بالسينما المستقلة الي المواطنين العاديين استخدمت المساحات العامة والمساحات البديلة (المقاهي الشعبية – الشوارع – الميادين – الحارات – الجمعيات الاهلية – المدارس …) كأماكن عرض للأفلام المستقلة نتيجة عدم توافر دور عرض للسينما المستقلة المصرية والعربية وأيضا العالمية ونستخدم أيضا معدات تحاكي آلات العرض بقاعات السينمائية يسهل حملها والتنقل بها فكانت الفكرة بأنه يجب بناء جمهور جديد لهذه السينما وخاصة من المناطق والقري والمدن المحرومة من أي خدمات فنية وثقافية.

لقد كان ينحصر عرض هذه الأفلام في المراكز الثقافية او بالمهرجانات وجمهورها هم من المثقفين وصناع هذه السينما. أما فكرتنا الجديدة فهي توسيع القاعدة الجماهيرية لهذا النوع من الأفلام الذي لا يعلم أغلب الناس أي شيء رغم أن هذه السينما تناقش قضاياه وأحلامه ترسخ الابداع والجمال وسينما مختلفة عما يشاهده المواطن المصري بقاعات العرض السينمائيه أو من خلال محطات التلفزيون.

• كيف يستقبل الناس البسطاء وفي الأرياف نشاطكم؟

ـ لقد لاحظنا أن الناس البسطاء يستقبلوننا بكل ود وترحاب لانهم يقدرون معنى ان يأتي شباب حتى قراهم وأحيائهم السكنية الفقيرة ليقيموا لهم عروضا سينمائيه أي انهم أصبحوا ينظمون معنا أماكن العروض ويقدمون لنا العديد من الخدمات من أجل تنفيذ العرض وينتعش النقاش حول هذه الأفلام وموضوعاتها

• تظهر الكثير من المبادرات لكن أغلبها تموت أو تكسل.. ما خططكم كي تظل هذه الحركة حية؟ وهل وجدتم بعض الدعم؟

ـ بداية هذ المبادرة كانت بمجهودي الشخصي وأنفقت عليها من معي حتى أصبحت من أهم المبادرات في المنطقة العربية بل وترشحت في عام 2015 الي جائزة ڢيسيبلي اوارد 2015 وهي جائزة دولية اوروبية تهتم بالمشاريع الفنية من مختلف أنحاء العالم التي تقوم على العمل في مجتمعاتها المحلية ووصلت المبادرة الي القائمة القصيرة.

بخصوص الدعم في عام 2014 وبعد عام من انطلاق المبادرة بمشروعاتها حصلنا على دعم عبارة عن مجموعة أجهزة من المجلس الثقافي البريطاني مصر. وفي عام 2015 حصلنا على دعم الصندوق العربي للثقافة والفنون – آفاق، والذي جعلنا ننطلق بمشروعاتنا حتى آخر محافظات مصر. فلقد قمنا بتنفيذ مشروع ضخم تحدثت عنه الصحف والكثير من القنوات الفضائية.

عرضنا للناس في القرى لقد كان من أهم مشاريعنا، أما الآن فنحن نقوم بالتحضير لبرنامج عروض ضخم أيضا يستهدف الذهاب الى القرى في الدلتا والصعيد ولكن لا يوجد داعم حتى اللحظة، ومع ذلك أنا بدأت أنفق من مدخراتي وفي حالة عدم وجود داعم سأستدين لو قدر الأمر ولكن ستظل “سينما في كل مكان” تنفذ مشاريعها وتقدم السينما المستقلة للجماهير المصرية وتنشرها بينهم طول ما أنا حي ارزق.

* مجتمعاتنا العربية تنشط فيها مئات الجمعيات والهيئات الدينية وأغلبها يعارض الفن ويعاديه.. هل تتوقع حدوث تصادم مع هذه الأطراف؟

ـ إن أحد أهم أهداف “سينما في كل مكان” هو ان نقيم عروضا في تلك المناطق التي يسيطر عليها الجماعات المتشددة من أجل تغيير فكرة ان الفن حرام التي رسخها هولاء في عقول الناس، لانه للأسف لقد تم ترك المجال لهم وهم يتحركون بحرية وخصوصا بالمناطق والاحياء المهمشة هم وحدهم يعملون بها ويرسخون لافكار متطرفة ومتشددة، لذا نحن نقيم العروض بتلك المناطق.

طبعا من الجائز في أي وقت أن يحدث تصادم ولكننا نثق في ذكاء أهالي تلك الأحياء الذين نجد منهم كل الدعم فإن حدث تصادم سيقف العديد منهم بجوارنا ولن يتركونا فريسة لهولاء المتشددين.

* نعيش اليوم عصر سهولة الحصول على الصورة المرئية وبضغطة بسيطة على يوتيوب وغيره يمكن تصفح مئات الأفلام بجودة عالية.. ما المختلف في نشاطكم؟ هل تقدمون الفرجة أم ثقافة سينمائية مختلفة عن تعقيدات النقد؟

ـ أولا نحن نتعامل مع ناس لا تستخدم الكمبيوتر واليويتيوب في حياتها وحتى لو استخدموه ستجدهم لا يبحثون عن أفلام السينما المستقلة، لأنهم لا يعرفونها لم يسمعوا عنها لم يشاهدوها من قبل يمكن ان يستخدموا الانترنت واليوتيوب في ذلك بعد ان نعرفهم عليها انما قبل ذلك للأسف هم لا يعرفونها فكيف سيبحثون عنها؟

ـ نحن نقدم الاثنين معا، الاستمتاع بالفرجة من خلال المشاهدة للافلام والثقافة السينمائية من خلال تعريفهم بمعنى السينما المستقلة، وأيضا من خلال المناقشات البسيطة التي يتم اجراؤها مع الجماهير حول الأفلام التي شاهدوها.

* في بلدان عربية كثيرة حدث ويحدث نكسة لقاعات العرض السينمائي فهي متخلفة وتم غلقها وتحولت إلى زرائب أو قاعات أفراح.. كيف هو حالكم في مصر؟ وهل من خوف على مستقبل الفرجة؟

ـ بالفعل يحدث هذا أيضا في مصر لقد كان في الماضي في أغلب أحياء المدن الكبرى العاصمة والإسكندرية يوجد سينما، وأيضا كانت تنتشر السينمات بالمدن البعيدة، أما الآن فلقد تم هدم أغلبها وتحولت الي قاعات افراح او بنايات سكنية او حتى مول تجاري، وللأسف بدأت تختفي فكرة المشاهدة الجماعية للسينما وخاصة بالمدن خارج القاهرة والاسكندرية، لذا يحب أن نحول أماكن عديدة غير مستغلة الى قاعات سينما موقتة حتى نحافظ على فكرة السينما والمشاهدة الجماعية لها.

* كيف هو تفاعل الشباب السينمائي مع نشاطكم؟

ـ نحن نجد الدعم من الشباب السينمائي من مختلف الدول العربية عبر دعمنا بنسخ مجانية من أفلامهم يرسلوها لنا (نحن لا نعرض فيلما بدون حصولنا على موافقة أصحاب حقوق الملكية الفكرية للفيلم) وكذلك نجد التشجيع والدعم المعنوي.

*يبدو أن المبادرة فردية تتمثل في شخص وجيه اللقاني .. هل ظهرت روح الجماعة والتعاون والتنظيم وفق برنامج متكامل وهل من تفكير لهذا التوجه؟

ـ نعم كلامك صحيح جدا، ولكن في حالة وجود دعم لمشروع فاني أستعين بفريق عمل متكامل من مبرمجين ولجنة مشاهدة ومنسقي مساحات عرض وكادر فني وتقني لتنفيذ متطلبات العروض.

اما في حالة عدم وجود دعم فإنه قدري ان اتحمل أنا كل تلك الأعمال لأنه اختياري أن أعمل كوني محبا السينما المستقلة، ولا أستطيع ان اطلب من أحد أن يعمل بلا مقابل فهذا حلمي وانا مسؤول عنه.

• كيف هو واقع السينما العربية المستقلة؟ ولماذا تظل خطواتها بطيئة؟

ـ واقعها جيد جدا فهي تحقق العديد من الإنجازات على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي تتطور يوما بعد يوم. ليست خطواتها بطيئة، أشك في ذلك فهي على مدار 15 عاما، وهو عمر قصير جدا بالنسبة لأي إبداع استطاعت أن تحقق الكثير.

* وجيه اللقاني في سطور

من مواليد مدينة الاسكندرية – مصر 1978.

حاصل علي بكالوريوس كمبيوتر وادارة اعمال 2003.

في عام 2004 بالصدفة البحتة تعرفت على مجموعة من الفنانين المستقلين بمدينة الاسكندرية التقينا على مقهى تحدثنا عن الفن المستقل. لم أكن اعلم عنه أي شيئا. أبهرني الموضوع. أرشدوني الى الأماكن التي تعرض الفنون المستقلة في الإسكندرية مسرح – سينما – موسيقي أحببت عالم الفن المستقل ثم تطوعت في العديد من المشاريع الفنية التي كانت تتم بمدينة الإسكندرية.

في عام 2010 شاركت لأول مرة كممثل في الفيلم المستقل “حاوي” اخراج إبراهيم البطوط.

في عام 2012 حصلت على جائزة أحسن دور ثاني في السينما المصرية عن دوري في فيلم “حاوي” بمهرجان جمعية الفيلم المصري.

2013 أسست مبادرة سينما في كل مكان.

2014 عملت كمدير إنتاج ومنسقا لمشروع مسرح دولي تم في مصر بدعم من الحكومة الدنماركية.

2014 التحقت ببرنامج الدراسات العليا بجامعة القاهرة الخاص بالتنمية الثقافية.

2015 وصلت الى القائمة القصيرة لجائزة ڢيسيبلي اوارد 2015 لأني قمت بتأسيس مبادرة “سينما في كل مكان”.

2016 شاركت بملتقى القادة الثقافيين العرب في لبنان الذي ينظمه المورد الثقافي.

شاركت كمتحدث في العديد من المؤتمرات المهتمة بالتنمية الثقافية في مصر والمنطقة العربية كما حاضرت في العديد من المحافل والملتقيات.

 

(ميدل ايست اونلاين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى